العروض الإيرانية بين القطاعين العام والخاص
– تجتمع الأحزاب والقوى السياسية المؤمنة بخيار المقاومة والمنتمية لثقافتها، وفي قلبها حزب الله، تحت راية الدعوة لتوسيع نطاق دور الدولة والقطاع العام، ضمن رؤية منهجية لفكرة دولة الرعاية التي تتولى إدارة القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية خصوصاً في ميدان الطاقة، لضمان مقاربة غير تجارية للكثير من العناوين التي تتداخل مع أداء من يتولى إدارة هذا المجال، سواء تسعير الخدمات أو ضمان احترام المعايير السيادية التي تعبر عن سياسة الدولة.
– هذا الانتماء الفكري يجعل كل مقاربة قوى المقاومة وفي قلبها حزب الله لمفهوم التوجه شرقاً سبباً لدعوة الدولة لتعديل وجهتها نحو المزيد من التوازن بين وجهتي الشرق والغرب، خصوصاً مع ظهور تقدم نوعي في مكانة الشرق في مجالات عدة منها مجالي الطاقة والنقل، الحيويين جداً بالنسبة للبنان، كمثال ما تقدمه العروض الصينية والروسية والإيرانية، من جهة، ومن جهة مقابلة وضوح السعي الغربي بقيادة من السياسات الأميركية، لربط أي مساهمة في النهوض الاقتصادي بأثمان سياسية تتصل بالبعد السيادي للدولة وخصوصاً موقفها من حقوقها في النفط والغاز في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، وفي مستقبل سلاح المقاومة ودوره.
– اصطدمت هذه المساعي لتعديل سياسات الدولة نحو التوازن، بتردد الأطراف الفاعلة في صناعة القرار السياسي للدولة، لاعتبارات لا تتصل بحساب له صلة بمصلحة الدولة، بل بخشية فردية وجماعية للكتل المقررة من استغضاب الإدارة الأميركية التي تحمل سيف العقوبات المالية على أشخاص المسؤولين وعائلاتهم، والذين ينتمي الكثير منهم ومن بطانتهم إلى عالم المال والأعمال.
– تجربة سفن كسر الحصار قالت إن لبنان بحاجة لمبادرات على مستوى القطاع الخاص يشرعها القانون، كمثل فتح الباب للاستيراد الحر للمحروقات وفتح التنافس، ومثل فتح الباب لشركات إنتاج الكهرباء، وشركات مصافي النفط، وشركات مشابهة في قطاعات عدة.
– الرأسمال الوطني المستعد لتحمل تبعات مثل هذه الخيارات ليس موجوداً، لكن العروض الإيرانية ومثلها الروسية والصينية قد تكون بحاجة لمناقشة فرص تأسيس نماذج تشبه شركة كهرباء زحلة، تتولى ترجمة هذه العروض التي تتردد الدولة بمرجعياتها على الأخذ بها، فتقوم الأحزاب بحشد أصدقائها ورساميل وطنية واغترابية للاستثمار في هذه القطاعات بخلفية الإفادة من المضمون الذي تمثله الدعوة للتوجه شرقاً.