الانتخابات العراقية تعيد إنتاج المجلس النيابي القديم… والمقداد ينصح أميركا بانسحاب بلا خسائر / مثلث الكهرباء والمحروقات وسعر الصرف يحاصر الحكومة… ويسابق مفاوضات صندوق النقد / «القومي» ينتخب مجلسه الأعلى… والحسنية شكر لسورية مساعيها: نقطة انطلاق لوحدة القوميين /
كتب المحرر السياسي
جاءت الانتخابات النيابية المبكرة في العراق مفصلاً لرسم اتجاه التوازنات التي ستحكم الحياة السياسية في دول المنطقة بعد عاصفة الثورات التشرينية ورهان المجتمع المدني، وترد الاعتبار للعناصر الأصلية التي ترسم معادلات المنطقة، في الصراع المفتوح بين المشروع الأميركي الداعم لكيان الاحتلال من جهة ومحور المقاومة المتحالف مع الصعود الروسي- الصيني في العالم، فعلى ضفة الانتخابات العراقية التي ستعلن نتائجها اليوم أكدت المعلومات المتوافرة تراجع نسبة المشاركة عن الانتخابات الأخيرة ومقاطعة جمعيات المجتمع المدني، بالتالي حدوث تغييرات طفيفة في المشهد النيابي الجديد عن المجلس النيابي السابق لجهة هيمنة الكتل الكبرى على التوازنات النيابية، التي ستولد من رحمها الحكومة الجديدة.
تزامنت تقليدية المشهد الانتخابي العراقي مع عودة العناصر الحاكمة للمشهد الإقليمي بالظهور بقوة، فمن جهة أعلنت إيران بلوغها إنتاج 120 كلغ من اليورانيوم المخصب على درجة 20 في المئة، ومن جهة مقابلة ظهر الارتباك غربي و»إسرائيلي» الذي عبر عنه اجتماع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع رئيس حكومة كيان الاحتلال نفتالي بينيت اللذين توافقا على اعتبار بلوغ إيران العتبة النووية يستدعي منح الأولوية لمنع بلوغها امتلاك سلاح نووي، وفق ميركل التي رجحت الخيار السياسي، الذي رأى فيه بينيت عاراً على العالم الغربي.
الوجود الأميركي في المنطقة كان موضوع مواقف وازنة لكل من إيران وسورية، فهو الاستحقاق الداهم، وقد تلاقى كلام وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي دعا واشنطن لسحب قواتها من سورية من دون خسائر، مشيراً إلى أن المقاومة التي قد تستهدف هذه القوات ستجبرها على الانسحاب لكن مع تكبد الخسائر، مع كلام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن أنّ زمن الوجود الأميركي في المنطقة قد انتهى، وأنّ التسريع بهذا الانسحاب هو الأفضل لأميركا.
في قلب هذا المناخ المحكوم بالتجاذب، تواجه الحكومة اللبنانية مساراً صعباً، حيث الحصول على الرضا الأميركي أملاً بالوصول لتفاهم مريح مع صندوق النقد الدولي يبعدها عن التفاعل إيجاباً مع عروض جدية وواقعية حملتها زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت، خصوصاً مع قابلية جعلها بالليرة اللبنانية، ما يجنّب لبنان الدخول في استنزاف سوق العملات الصعبة وانعكاسها على سعر الصرف من جهة، ولتلبيتها أوضاع القطاعين المحوريين في الحياة الاقتصادية وحياة الناس اليومية، وهما المحروقات والكهرباء، وقد بدت الحكومة خلال اليومين الماضيين محاصرة في قلب هذا الثلاثي الضاغط، سعر صرف عاد ليسجل الارتفاع في أسعار الدولار الذي قارب سعر الـ 20 ألف ليرة مجدّداً، وسوق محروقات تتحرك بين الأزمات وشح توافر المواد وبين ارتفاع أسعارها عندما توجد، بصورة تفقدها قيمتها كسلعة حيوية متوافرة ولا تستطيع الناس شراءها كما هي الحال مع صفيحة البنزين التي توقعت مصادر مالية بلوغها الـ 300 ألف ليرة مع ارتفاع سعر النفط عالمياً وعودة الدولار للارتفاع في سوق بيروت، بينما سجلت الكهرباء انقطاعاً شاملاً بفعل غياب الوقود، ولم تحله العودة الموقتة بمعونة وقود مقدم من الجيش يكفي لثلاثة أيام، وطرحت الضغوط المتزايدة في مثلث سوق الصرف والمحروقات والكهرباء تحديات لا تستطيع الحكومة تجاهلها بانتظار مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي التي لن تظهر نتائجها قبل نهاية العام، بينما الطابع الانفجاري لعناصر التأزم الثلاثة بات بين يوم ويوم.
وسط هذه التحديات أكمل الحزب السوري القومي الاجتماعي مهام مؤتمره بانتخاب مجلس أعلى جديد، تأسيساً لمرحلة جديدة أكد رئيس الحزب وائل الحسنية أنّ توحيد القوميين يقع في طليعة أهدافها، شاكراً للقيادة السورية مساعيها الصادقة لمساعدة القوميين على تجاوز الانقسام.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية أنّ إنجاز الاستحقاق الحزبي الديمقراطي (انتخاب أعضاء المجلس الأعلى وهيئة منح رتبة الأمانة) وبعد انعقاد المؤتمر العام، سيضع حداً لكلّ الإشاعات المغرضة والمحاولات التي تقف حجر عثرة في وجه وحدة القوميين، وسيشكل نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة، الأولوية فيها هي المبادئ والثوابت، والعمل لتعاضد القوميين ووحدتهم ووحدة حزبهم، حيث أنّ المرشحين لعضوية المجلس الأعلى تعهّدوا جميعاً ترجمة توصيات المؤتمر العام وبذل كلّ جهد ممكن لتحقيق هذا الهدف.
وقال رئيس الحزب إنّ قيادة الحزب فعلت كل ما في وسعها وآلت على نفسها عدم تفويت أيّ فرصة من أجل إنهاء حالة التصدّع التي أصابت حزبنا على أثر انتخابات 13 أيلول 2020، وقدّمت المبادرة تلو المبادرة في هذا الخصوص، والتي لم تلقَ أيّ تجاوب، بل قوبلت بالرفض والتعنّت واللامبالاة، في حين أنّ من يقفون على الضفاف يكثرون من الكلام ويقلون من الفعل ولا يبالون إنْ مسّ حزبهم سوء، لا بل أنّ هؤلاء حاولوا ويحاولون عرقلة مسار الحزب الذي يتجه بإرادة صادقة وعزيمة قوية لإنهاء حال التصدّع.
وأعلن رئيس الحزب أنّ الذين يروّجون على وسائل التواصل الاجتماعي تقديم المبادرات، لم يقدّموا حرفاً واحداً ولا أيّ فكرة إلى الإدارة الحزبية، وهم يتذرّعون بذلك لعرقلة الاستحقاق الحزبي، بغية إبقاء الحزب في دوامة الانقسام.
وأكد رئيس الحزب أنّ إنجاز الاستحقاق الدستوري اليوم المتمثل بالانتخابات، يضع الحزب على سكة الخروج من التصدّع، وإني باسمكم أوجه تحية إلى القيادة السورية التي بذلت جهوداً جبارة من أجل وحدة الحزب والقوميين، مع التأكيد بأنّ ما سعت إليه القيادة السورية مشكورة والجهود التي بذلها سعادة السفير علي عبد الكريم علي، سيشكل محور اهتمام القيادة الحزبية الجديدة، وستعمل على تحقيقه.
وكان فاز لعضوية المجلس الأعلى كلّ من: أسعد حردان، كمال نادر، سمير رفعت، سماح مهدي، حنا الناشف، فارس سعد، سمير الملحم، وائل الحسنية، جورج ديب، سمير حجار، قاسم صالح، حسن كمال الدين، قيصر عبيد، عبد الباسط عباس، بطرس سعادة، جورج جريج وعاطف مداح. والردفاء: قاسم الزعبي، سمير نصير، أحمد سيف الدين، سمير عون وربيع الأعور. أما الفائزون لعضوية هيئة منح رتبة الأمانة: أميرة المولى، شوقي باز، الياس عشي، فايز أبو عباس، سليمان الغريب، فداء حمية، حسان عرار، فخري طه، فاتح اليازجي، عباس فاخوري والرديفان الياس خليفة والياس الخوري. وفاز بالتزكية عاطف بزي رئيساً للمجلس القومي، وليد الشيخ نائباً للرئيس، وصالح الحسين ومريم مصطفى وأمية مرداس نواميس.
وعلى خط المواقف العربية الداعمة لبنان، جدّد ملك الأردن عبدالله الثاني التأكيد على وقوف الأردن المستمر إلى جانب لبنان وشعبه «الشقيق»، وذلك خلال استقباله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في قصر الحسينية في العاصمة الأردنية عمّان. وتناول اللقاء العلاقات الأخوية «المتميّزة» التي تجمع البلدين والشعبين، وآليات توسيع التعاون في شتى المجالات، إضافة إلى بحثً في الأزمات التي تشهدها المنطقة ومساعي التوصل إلى حلول سياسية لها.
وسيضع الرئيس ميقاتي مجلس الوزراء الذي يجتمع غداً في بعبدا في تفاصيل لقائه ملك الأردن لجهة التعاون بين البلدين، مع الإشارة إلى أن الجلسة ستكون مخصصة لعرض رؤية كل من وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية والوزراء المتعلقة بوزاراتهم وخطة عملهم.
إلى ذلك سيوقع وزير العدل هنري خوري اليوم مرسوم استكمال أعضاء مجلس القضاء الأعلى، بعد فترة شغور استمرّت أشهراً. والقضاة هم ماجد مزيحم وجانيت حنا عن رؤساء محاكم التمييز، وحبيب مزهر وداني شبلي عن رؤساء محاكم الاستئناف، والياس ريشا عن رؤساء الغرف الابتدائية، إضافة إلى تعيين القاضي ميراي الحداد بعد استبعاد القاضي جويل فواز تلافياً لإحراج زوجها وزير العدل. وترددت معلومات أن اتصالات تجري لتعيين رئيس جديد لمجلس القضاء الأعلى ومدعٍ عام جديد للتمييز في مرحلة مقبلة ليست ببعيدة.
وعوّل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على الحكومة الحالية، «لا سيما على رئيسها الذي أكد عزمه على العمل، لكي تتخطى المعوقات الكثيرة الناشئة أمامها من الأقربين قبل الأبعدين، وتنطلق في ورشة الإصلاح فوراً التي من دونها لا نجاح ولا مساعدات ولا تضامن عربياً ودولياً». وأضاف: «بقدر ما يحتاج لبنان، في أزمته الكبيرة، إلى مساعدة أصدقائه والمؤسسات النقدية الدولية، يجب أن تحافظ الدولة على استقلال البلاد وسيادتها وعلاقاتها الطبيعية، فلا يكون بعض المساعدات العينية غطاء للهيمنة على لبنان والنيل من هويته ودوره المسالم في هذا الشرق».
وعن الانتخابات النيابية المقبلة، قال: «نحرص مع الحريصين على إجراء الانتخابات النيابية بمواعيدها الدستورية لئلا يصبح تغيير المواعيد، وتعديل القانون القائم، والالتفاف على مشاركة المغتربين ذرائع تهدد إجراء الانتخابات خلافاً لإرادة الشعب والمجتمع الدولي.
وشددت مصادر مطلعة لـ»البناء» على أن بوادر شبه معالجة الأزمة المالية والاقتصادية عبر الهبات والقروض تنتظر الإصلاحات الجدية، بخاصة أن الدول المعنية بدعم لبنان عبر القروض أو الهبات تؤكد أنها لن تكرر الأخطاء التي ارتكبتها في السنوات الماضية عندما دعمت لبنان بالأموال في مؤتمرات دعم خصصت لمساعدته بيد أن هذه الأموال أنفقت في غير محلها وهدرت في غير وجهتها. إلى ذلك من المرتقب أن يصل مسؤول بارز من صندوق النقد إلى لبنان في الأيام المقبلة، من أجل مواصلة النقاش مع المعنيين في الحكومة تمهيداً للمفاوضات التي ستجري بين وفد من صندوق النقد واللجنة الوزارية المختصة التي يرجح أن تبدأ قبل نهاية العام، بحسب ما أشارت المصادر نفسها، مع تأكيدها أن الأجواء التي تحيط بعمل اللجنة إيجابية ويمكن البناء عليها لكون اللجنة تعمل على إتمام المفاوضات بأسرع وقت ممكن بعيداً من التسرع. وفي سياق متصل تظن المصادر أن أي حلحلة في العلاقات السعودية – الإيرانية قد تنعكس إيجاباً على لبنان، لكن على المعنيين في الوقت عينه أن يدركوا أن البلد لا يحتمل انتظار نضوج تسويات المنطقة.
ودعا بنك الدولي السلطات اللبنانية «إلى تسجيل المستفيدين من البطاقة التمويلية والمشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي والتحقق منهم عبر منصة impact وتحت إشراف مباشر من التفتيش المركزي. فما من بديل نظراً لوضع البلد.
إلى ذلك، يلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمة في الثامنة والنصف من مساء اليوم الاثنين، يركز خلالها على تطورات تحقيقات ملف مرفأ بيروت ربطاً بالتدخلات الخارجية في عمل القضاء وزيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الأخيرة والتي ترافقت مع عرض قدمه الزائر الإيراني لبناء محطات الكهرباء ومساعدة لبنان، ربطاً ببواخر الوقود الإيرانية التي وصلت لبنان وكيفية توزيعها، فضلاً عن الوضع الاقتصادي والنقاشات الدائرة حول قانون الانتخاب.
وفيما أفيد أن جدول أسعار جديداً للغاز والمازوت سيصدر اليوم كما أبلغت وزارة الطاقة والمياه الشركات المستوردة للمشتقات النفطية.
في غضون ذلك، وافق المصرف المركزي على 100 مليون دولار، لاستيراد الفيول لتوليد الكهرباء. وطمأن وزير الطاقة والمياه وليد فياض المواطنين إلى أن الشبكة قد عادت إلى عملها الطبيعي وفقاً لما كانت عليه قبل نفاد مادة الغاز أويل في معملي دير عمار والزهراني. وأعلن في بيان «أنه تم ربط معمل المحركات العكسية في الجية بالشبكة بقوة 50 ميغاوات ومعمل دير عمار بقوة 210 ميغاوات ومعمل المحركات العكسية في الذوق بقوة 120 ميغاوات، كما تم ربط المجموعة الغازية في الزهراني بالشبكة أيضاً.
أما على خط التواصل مع سورية كشف وزير الأشغال العامة علي حمية عن اجتماعٍ سيعقد مع المجلس الأعلى اللبناني السوري في سورية لدرس كل ما يتعلق بإطار النقل بين البلدين وإيجاد الحلول اللازمة.