الانفجار الاجتماعي لن ينتظر صندوق النقد
مع تركيز الحكومة لتوجهاتها في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية وتبعاتها الاجتماعية الى التركيز على أولوية بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، تصاعدت تداعيات الأزمة في ظلّ ثنائية كانت واضحة، وحذرنا منها في هذه الزاوية، فالطلب على الدولار في سوق الصرف لتأمين المبالغ اللازمة لاستيراد المحروقات تتسبّب يومياً بزيادة في سعر الدولار، ورفع الدعم جعل التسعير للمحروقات ومن خلالها التاثير على سلة الأسعار بالتوازي مع ارتفاع سعر الدولار، وهذا أدى كما هو متوقع الى سلم تصاعدي يومي في حركة الأسعار.
خلال شهر من ولادة الحكومة عاد الدولار ليتجاوز سقف الـ 20 ألف ليرة بعدما استهلكت عمليات الإنخفاض الوهمية التي رافقت ولادة الحكومة ونيلها الثقة، والسياق التصاعدي يبدو الى المزيد من الإرتفاعات، صارت الأسعار في مكان لا تطاله أيدي الناس سواء لشراء البنزين او المازوت او الغاز، وخلال المدة الفاصلة عن نهاية السنة المتوقعة لدخول المفاوضات مع صندوق النقد بدايات ظهور النتائج التفاوضية تمهيداً للانتقال للبحث في شروط الإتفاق، سيكون سعر الدولار قد تخطى عتبة الـ 30 ألف ليرة، ومعه قاربت صفيحة البنزين الـ 500 الف ليرة، ومعها سلم تسعير للسلع بزيادة تزيد عن الـ 50%، ما يعني انفجاراً حكمياً في قدرة الناس على التحمّل.
يتزامن كلّ هذا مع بطء معالجات الحكومة لملف الكهرباء الذي يستنزف عبر المولدات الجزء الرئيسي من دخل اللبنانيين، ومع بدء عام دراسي زادت معه أقساط المدارس وأكلاف نقل الطلاب بصورة جنونية، وهذا يعني بأبسط التقديرات أنّ الحدّ الأدنى للعيش سيكون عند مبلغ العشرة ملايين ليرة شهرياً، وبالتالي وقوع اللبنانيين عند خط الفقر المقدع والعجز عن تلبية الحدّ الأدنى من ضرورات العيش، بينما البطاقة التمويلية تراجعت من مكانة الأولوية الى دهاليز إعادة الدراسة والمماطلة.
ما لم تستدرك الحكومة وتعدّل الأولويات، سنكون على موعد مع انفجار اجتماعي كبير لا ينتظر موعد الانتخابات النيابية وربما يطيحها، ومثلها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.