الصلاة همساً بدعة «إسرائيلية»لاقتحام المستوطنين «الأقصى»
} عمر عبد القادر غندور*
ما برحت القضية الفلسطينية تتصدّر كلّ القضايا السياسية في منطقة الشرق الأوسط رغم ما يختزنه هذا الشرق من خلافات واختلافات لا عدّ لها ولا حصر. ولا يكاد يمرّ يوم واحد دون ان تتعرّض القضية الفلسطينية لمكر تزول منه الجبال، حتى انّ الدم الفلسطيني والجهادي لا ينقطع ولا يجف ولعله يمدّ القضية بمزيد من التوهّج والألق، برغم المكائد والدسائس والظلم والخيانات ومكر السيئات ولا يحيق المكر السيّئ إلا بأهله من العدو والصديق وذوي القربى!
وآخر هذه المكائد «القرار القضائي الإسرائيلي» الذي يبيح لقطعان المستوطنين الدخول الى المسجد الأقصى والصلاة فيه بصمت دون الجهر، وهي بدعة جديدة واحتيال غايته مشاركة المسلمين في ارتياد هذا المكان المقدس، ولعله الوسيلة البديلة لاحتلال أولى القبلتين وثالث الحرمين بصمت وهدوء ودون الحاجة الى ضجيج العسكرة واستنفار الفلسطينيين والمسلمين إلى حرب بين الفلسطينيين والمسلمين من جهة والصهاينة وداعميهم من جهة أخرى، وهي حرب تخشاها دولة الاحتلال وقد شاهدت وعاشت إرهاصاتها خلال اقتحامات قطعان المستوطنين.
وساعتئذ سيدرك الصهاينة انهم وقعوا في المحظور لأن الحرب الدينية هي غير الحرب التقليدية، تصديقاً لقول الله تعالى وليس لقوله خلف «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ» و «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا» انه الوعد الحق والله لا يخلف وعده، والأمة لا تخلو من الذين يبذلون جهدهم بأنفسهم وأموالهم لإعلاء كلمة الله.
وما «القرار القضائي الإسرائيلي» الذي يجتهد لاقتحام المسجد الأقصى الا كيد لا يجوز ان يمرّ من غير مواجهة، وكأن شيئاً كبيراً لم يحصل.
وحتى نكون على بيّنة مما يحصل هنا تفاصيل ما جرى:
في سابقة قضائية وللمرة الأولى منذ احتلال المسجد الأقصى عام 1967 قضت «محكمة الصلح الإسرائيلية» في القدس المحتلة بـ «حق اليهود في أداء صلاة صامتة» داخل الأقصى، وقالت القاضية التي نطقت بالحكم، ان الصلاة لا يمكن تفسيرها على أنها عمل إجرامي.
وقد يبدو انّ الصلوات اليهودية ستبدأ في الأقصى من لحظة النطق بهذا القرار (الأربعاء 6 تشرين الاول 2021) وعملياً بدأت هذه الصلوات الصامتة بشكل يومي منذ عدة أشهر، وهو ما أثبتته الصور والمقاطع المرتبة التي يوثقها حراس الأقصى التابعون لدائرة الأوقاف الإسلامية .
وعلى سبيل المثال، اقتحم أكثر من 6000 مستوطن «إسرائيلي» المسجد الأقصى وأدّوا صلواتهم داخله في عيد «العرش» العبري في أيلول الماضي. وقد دأبت قوات الاحتلال على تأمين الاقتحامات اليهودية للباحة في الوقت الذي كانت فيه الشرطة تعتقل الفلسطينيين والمصلين بذريعة التحقيق معهم.
وهذا «القرار القضائي الإسرائيلي» ضُمّ له لإبقاء قرار منع الحاخام المتطرف اوبيه ليبو من دخول المسجد الأقصى بعد محاولاته العديدة أداء الصلاة في المسجد، وقال محاميه موشيه بوليسكي: من غير المعقول ان يمنع اليهود من الهمس بالصلاة بينما يُباح للفلسطينيين بالصلاة وإلقاء المحاضرات الدينية، بينما اليهود يشعرون بأنهم غرباء في هذا المكان المقدس».
ويوضح أستاذ الدراسات في بيت المقدس عبد الله معروف «انّ الصلاة الصامتة الواردة في القرار القضائي هي صلاة توراتية، والفارق في ادّعاء محكمة الاحتلال انّ المشكلة في علاقة هذه الصلاة او مستوى صدقها والتساهل في هذا الموضوع يعني بالضرورة ان الخطوة القادمة ستكون السماح برفع الصلوات للمستوطنين في صلواتهم داخل المسجد كما جرى في المسجد الابراهيمي الشريف بمدينة الخليل».