عشرون عاماً على تصفية المجرم زئيفي
سماح مهدي*
عقب استقالة حكيم الثورة الفلسطينية وأحد قادتها التاريخيين المناضل الدكتور جورج حبش من مسؤوليته كأمين عام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبنتيجة انعقاد مؤتمرها السادس في عام 2000، اختارت الجبهة الشهيد القائد أبا علي مصطفى ليحمل الأمانة ويتابع القيادة في سبيل تحرير فلسطين.
جاء اختيار الشهيد أبي علي في الوقت الذي اندلعت شرارة انتفاضة الأقصى كواحدة من نتائج الانتصار العظيم الذي أنجزته المقاومة بدحر قوات الاحتلال عن معظم الأراضي المحتلة جنوب لبنان في 25/5/2000.
ولأنّ انتفاضة الأقصى كانت واحدة من أفعال المقاومة الفلسطينية، كان من الطبيعي أن ينخرط مناضلو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في فعالياتها وعملياتها. فجاء قرار الاحتلال بتصفية قادة المقاومة، وفي مقدمتهم القائد أبو علي مصطفى الذي ارتقى شهيداً بتاريخ 27/8/2001، نتيجة استهداف مكتبه في مدينة رام الله بصاروخ أطلقته إحدى مروحيات جيش العدو.
كعادته ظنّ الاحتلال أنه باغتيال القادة المقاومين يكون قد أطفأ جذوة المقاومة والنضال. فلم يلبث ذلك العدو حتى تلقى صفعة أمنية من العيار الاستثنائي تمثلت في العملية النوعية التي نفذتها مجموعة من كتائب الشهيد أبي علي مصطفى انتقاماً لدمه الزكي. فبعد دراسة مستفيضة، اختارت القيادة الهدف وحددت المكان والزمان، مستهدفة من كل نقطة من تلك النقاط تحقيق انتصار بحدّ عينه.
أولاً: الهدف ـ المجرم رحبعام زئيفي، فهو الذي بدأ حياته الإجرامية عضواً في (البلماخ) أيّ «سرايا الصاعقة»، وهي القوة المتحركة الضاربة التابعة لعصابة الهاغاناه التي كانت تمثل الجيش غير الرسمي للمغتصبات اليهودية. استمرّ المقبور زئيفي في إجرامه ضابطاً في جيش الاحتلال لمدة 31 سنة ختمها قبل أيام من حرب تشرين التحريرية عام 1973. عيّنه المجرم إسحاق رابين مستشاراً لما سُمّي «مكافحة الإرهاب»، وتقلّد بعدها منصباً استخبارياً لدى رئاسة حكومة عصابة الاحتلال. استمرّ المجرم زئيفي في ملء سجله الحافل بالجرائم ليؤسّس في عام 1988 عصابة باسم «موليديت» تهدف إلى تهجير من تبقى من أبناء شعبنا الفلسطيني من داخل الأرض المحتلة إلى الأردن ودول أخرى، حتى وإنْ تطلب ذلك عملية عسكرية بهدف اجتياح شرق النهر. في عام 1999، اندمجت عصابة المجرم زئيفي مع عصابتي «هيروت» و«تكوما» لتكون جميعها عصابة جديدة تحت اسم «الاتحاد الوطني». في شباط من عام 2001، خاض المقبور زئيفي انتخابات كنيست الاحتلال ليفوز بأحد مقاعده. وانضم إلى حكومة عصابة الاحتلال برئاسة المجرم أرئيل شارون حيث عُيّن وزيراً للسياحة.
ثانياً: المكان ـ تمسكاً بالقدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين، كان قرار القيادة بأن تنفذ عملية تصفية المجرم زئيفي ضمن حدود العاصمة المقدسة. وبنتيجة مراقبة عالية الدقة، وقع الاختيار على فندق «حياة ريجنسي» في القدس بعد أن جرى التأكد من نية الهدف الإقامة في الفندق المذكور.
ثالثاً: الزمان ـ قبل مضي 40 يوماً على جريمة اغتيال الشهيد أبي علي مصطفى توجه رفقاؤه المقاومون مجدي الريماوي وحمدي قرعان وباسل الأسمر إلى الفندق قبل يوم واحد من موعد تنفيذ العملية، وحجزوا لهم غرفة في الطابق السابع عبر استخدام جوازات سفر مزوّرة. في صباح اليوم التالي، 17/10/2001، انتشر المقاومون الثلاثة: أوّلهم أمام مدخل الفندق، وثانيهم عند مدخل الطابق الثامن حيث غرفة الهدف، فيما اتجه الثالث إلى الغرفة رقم 816 منتظراً المجرم زئيفي بعد تناوله الفطور. فأطلق عليه النار من مسدس مزوّد بكاتم للصوت، ونجح في وضع 3 رصاصات في رأس الهدف ما أدّى إلى إصابته إصابة بالغة الخطورة ونفوقه في المستشفى لاحقاً. وتمكن المقاومون الثلاثة من مغادرة الفندق بسلام. على الرغم من كلّ المحاولات التي بذلتها قوات الاحتلال في سبيل اعتقال المجموعة المقاومة، إلا أنها لم تتمكّن من ذلك إلا بتاريخ 14/3/2006 نتيجة تنفيذها عملية أمنية اقتحمت فيها سجن أريحا حيث كان يعتقل أفراد المجموعة هم والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات.
في الذكرى العشرين للعملية البطولية التي نفذتها مجموعة من رفقاء السلاح في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تحية من رفقائكم في الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب فلسطين، مع التأكيد على عهدنا الاستمرار في المقاومة حتى تحرير كلّ شبر مغتصب من أرضنا المحتلة، وحتى تحرير كلّ الأسرى الأبطال من معتقلات العدو وفي مقدمتهم أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضل أحمد سعدات ورفقائه أبطال عملية 17/10/2001، ومعهم عميد الأسرى في معتقلات الاحتلال الرفيق يحيى سكاف بطل عملية الشهيدة دلال المغربي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ