مرويات قومية

الأمين السابق جميل مخلوف: سيرة ذاتية

عن مؤلفه «محطات قومية» هذه السيرة الذاتية بقلم الأمين السابق جميل مخلوف أحد أبرز الأمناء الذين ساهموا في ما عُرف بالانتفاضة عام 1957 والتي انتهت بإعلان تنظيم مستقل عُرف بـ «تنظيم عبد المسيح».

ل. ن.
المؤلف في سطور

 جميل مخلوف، والدي علي

التحقت بمدرسة القرية في السنين الأولى من الدراسة وكانت مدرسة القرية تتبع نظام المعلم الواحد لكافة الصفوف وكان يعلّم بها عمي (إسماعيل مخلوف) والد الشهيد (بديع مخلوف) وبعد مدة قضيتها في تلك المدرسة أرسلني الأهل إلى مدرسة المدينة في اللاذقية فانتظمت في ثانوية البنين الحكومية والتي كانت تدعى (التجهيز) ثم أطلق عليها في ما بعد ثانوية جول جمال. وبعد نيلي الشهادة الابتدائية من المدرسة التي كانت ملحقة بالتجهيز انتظمت في الحلقة الإعدادية التي توصل الطالب لنيل شهادة الدراسة المتوسطة (بريفيه) التي كانت تنتهي بها حلقات ذلك المعهد فتقدّمت لفحص الكفاءة ورسبت في نيل تلك الشهادة وكان سبب الرسوب انشغالي الكلي في العمل الوطني (الإضرابات والمظاهرات) فأعدت سنتي طالباً داخلياً في معهد اللاييك الكائن في مدينة طرطوس وقد انضمّ لي أخوي: محمد علي مخلوف وحسن مخلوف. وفي نهاية السنة الدراسية تقدّمت لفحص الكفاءة فنجحت نجاحاً باهراً بعلامات شبه تامة، هذه العلامات أهّلـني لدخول دار المعلمين الابتدائية التي كانت ملحقة بثانوية البنين (جول جمال) والدراسة في الدار تدوم ثلاث سنوات ينال الطالب فيها شهادتيها (براءة التعليم الأولى – وبراءة التعليم الثانية) هذه الشهادات تؤهّله ليكون معلماً ابتدائياً في مدارس الحكومة الرسمية – كانت دورتنا هي الأخيرة حيث أغلقت حكومة الانتداب تلك الدار لتجعل من ثانوية البنين معهداً يمنح شهادة البكالوريا الموحدة ـ تخرّجت من تلك الدار وأصبحت معلماً، كان ذلك سنة 1943، وعيّنت معلماً في الحلقة الابتدائية التي بقيت مرتبطة بثانوية البنين التي أصبحت تمنح شهادة البكالوريا. بقيت في التعليم مدة ثماني سنوات كنت أدرّس بها طلاب الشهادة الابتدائية.

انتميت إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي سنة 1935 وأسندت إليّ مسؤولية مذيع في المديرية التي تشكلت من طلاب التجهيز وكانت تدعى مديرية النظام، وبقي هذا الاسم ملازماً تلك المديرية طيلة ذلك الوقت.

تزوّجت سنة 1945عندما كنت أمتهن التعليم الحكومي ورزقت الولد الأول ابنتي صفية مخلوف. سنة 1951 طلب من الموظفين أداء يمين الولاء للوظيفة والذي ينص على قسم الموظفين الامتناع عن دخول الأحزاب، استجبت لرغبة الزعيم فتمرّدت على ذلك القانون الأمر الذي أدّى إلى تسريحي من العمل، كنت قد تدرّجت في المسؤوليات الحزبية ناموساً لمنفذية اللاذقية ـ ثم ناموساً قائماً بالأعمال له صلاحية المنفذ العام ثم منفذاً عاماً أصيلاً.

بعد تسريحي تركت السكن في مدينة اللاذقية واقترحت الرفيق فؤاد الشواف لمسؤولية المنفذ العام وسكنت في قرية (بستان الباشا) التابعة لمنطقة جبلة وقد كانت انفصلت حزبياً عن منفذية اللاذقية فأصبحت منفذية مستقلة تدعى (منفذية جبلة العامة) وانصرفت للعمل الزراعي وانشغلت في الحقل القومي فأسندت إليّ مسؤولية منفذ عام لجبلة بالإضافة لتلك المسؤولية سُمّيت مفوضاً مركزياً لدى منفذيات محافظة اللاذقية والتي كانت تضمّ المنفذيات الآتية: اللاذقية – جبلة – بانياس – طرطوس – صافيتا – مرمريتا (حزور) بما فيها بلدة تلكلخ – مصياف ثم أعفيت من المسؤولية (المفوض المركزي) لأعيّن مفتشاً لعمدة الداخلية. حيث أصبحت تشمل مسؤوليتي كافة أنحاء الجمهورية حتى حدوث حادثة اغتيال العقيد عدنان المالكي. وتتالت الاعتقالات والتحقت بالرفيق فاضل كنج فالتجأنا سوية الى منطقة أقربائه المتواجدين في قريتي (بقرية وسيانو) من قضاء جبلة بقيت مع ذلك الرفيق ندير سوية العمل الحزبي في المنطقة وكافة مناطق محافظة اللاذقية، انا مفوضاً مركزياً وهو معاوناً لي. ثم تبادلنا الأداء فعيّن هو المفوض المركزي وبقيت أعاونه في تلك المسؤولية. بعد مرور ما يقارب السنة على حادثة المالكي قرّرت والرفيق فاضل كنج ان نترك الإقامة في مكان تواجدنا بجوار أقربائه حيث شلّت الاعتقالات والعمل الحزبي، فدخلنا خلسة الجمهورية اللبنانية ووضعنا أنفسنا تحت تصرف المركز. عيّن هو وكيلاً لعمدة التدريب وأنا وكيلاً لعمدة الداخلية تحت رئاسة الرفيق جورج عبد المسيح الذي انتقل بعد حادثة المالكي الى لبنان وعاد المركز الحزبي الى لبنان. بقيت في مسؤولية وكيل عميد الداخلية حتى قبول استقالة عبد المسيح من الرئاسة وإسنادها إلى مصطفى أرشيد فأعفيت من مسؤوليتي والتحقت بعائلتي التي كانت تسكن في بحمدون الضيعة – لبنان. لا مسؤولية لديّ أقوم بها، سوى مسؤولية العضوية التي وظفتها في جولات إذاعية كنت أقوم بها لمديريات منفذية الغرب (عاليه).

حدثت الانتفاضة فاشتركت بصورة كاملة فيها وعندها انتخب أعضاء المجلس الأعلى الجديد. بعد قيام الانتفاضة انتخبت عضواً في المجلس الأعلى وقد كان يشغل رئاسته الرفيق إبراهيم يموت كما أسندت اليّ مسؤولية منفذ عام بيروت.

حدث الانفصال بين الشام ومصر بعد مرور يومين على ذلك الانفصال تلقيت أمراً من رئاسة الحزب بالعودة الى الشام (كان الرفيق يوسف قائدبيه) رئيساً للحزب وقد أعطى الأمر للرفيق (حنا كسواني) وللرفيق (رفيق عمران) فنفذنا الأمر واعتقلنا على الحدود الشامية اللبنانية وأودعنا جميعاً سجن المزة العسكري وبعد انقضاء سبعة أشهر على الإقامة في السجن أطلق سراحنا جميعاً والتحقت بالسكن في قرية بستان الباشا أعمل في الأرض التي كنت أملك منها مساحات ليست بقليلة. وبعد فترة من الاستجمام تنادينا نحن الرفقاء الذين أمرنا بالعودة للشام: حنا كسواني – رفيق عمران – جميل مخلوف وانضمّ إلينا الياس سكيف ونائل نديم وأخذ يساهم في جلسات دورية كنا نقيمها في دمشق. الرفيق فاضل كنج عندما كان يزور دمشق متفقداً أولاده، انقطع الرفيقان فاضل كنج ونائل نديم ولم يتابعا حضور تلك الجلسات الدورية، وكان انضم الى اللجنة التي كان يرأسها الرفيق (حنا كسواني) بتكليف رسمي من المركز كل من الياس سكيف وعبد القادر عبيد. أسندت للرفيق الياس سكيف مسؤولية الناموس والجباية وكان منزله الذي يسكنه في حي برزة (مساكن مسبقة الصنع مركزاً للعمل الحزبي) وقد حاز ذلك الإجراء رضى الرفيقة زوجته فكانت راضية ليكون بيتها مركزاً للانطلاقة الحزبية، وقد تمّ ذلك تحت ظروف أمنية لم تكن مريحة تغلبنا عليها جميعاً.

وعندما ابتدأت انطلاقة العمل الحزبي في الشام وانضم إليها رفقاء: حمص ومصياف وسلمية ولفيف من رفقاء حلب ورفقاء دير الزور كانت تلك اللجنة قد افتقدت أحد عناصرها الأساسيين فتوفي رفيق عمران وتبعه رئيس اللجنة الرفيق (حنا كسواني) فأسند العمل الحزبي وأصبح تحت إدارة المفوض المركزي الرفيق الدكتور (علي حيدر) لمنفذيات ومديريات الجمهورية الشامية، عملت معه ضمن نطاق مدينة اللاذقية حيث كنت أسكن فأدرت العمل الحزبي فيها وأسندت إلي مسؤولية مدير مديرية اللاذقية.

ولما انضمّ للانتفاضة رفقاء أكفاء لهم تاريخهم الحزبي المشرف أمثال إسكندر صقر وعبد الكريم جديد وعلي مخلوف رأيت انّ هؤلاء هم أقدر للقيام بالمسؤوليات الإدارية ونقلت هذا الرأي للمركز لتحميلهم المسؤوليات فوافق على اقتراحي ولا يزالون يقومون بواجبهم الحزبي من موقعهم.

انتابني مرض لازمني مدة طويلة ولا أزال أعاني منه رغم أنني تقدّمت بالشفاء لكتابة مذكراتي التي أرغب ان يُجاز نشرها من قبل المسؤولين المركزيين وبانتظار ذلك فأنا أضع ما تبقى من إمكانياتي تحت تصرف الحزب والمديرية التي انتظمت فيها.

نشرنا السيرة الذاتية كما وردت في المذكرات دون أي تعديل، حفاظاً منا على الموضوعية في عرض المعلومات الخاصة بتاريخ الحزب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى