الفشل السوداني اخر فضائح «الربيع العربي»
خلال سنوات ما عرف بالثورة السودانية راجت تحليلات غربية وعربية تعتبرها أول الثورات التي تحمل تجمعات مدنية، والمقصود غير دينية، إلى سدة الحكم، وتم التبشير بنسخة منقحة للربيع العربي تختلف عن النسخة الأولى التي انتهت بسيطرة الأخوان المسلمين على الحكم لفترة لم تلبث أن بدأت بالتراجع إما لصالح نموذج النظام السابق أو نحو الفوضى والحرب الأهلية أو نحو الفشل الكامل.
النموذج السوداني كان يمكن أن النظر إليه كتعبير غير مبرمج ومعلب لو أن أي من القوى المشاركة الوازنة سجلت أي تحفظ على عناوين لا يمكن تخيل أنها موضع إجماع لدى الشرائح الحية في الشعب السوداني، مثل المشاركة في حرب اليمن، والتطبيع مع كيان الاحتلال، وأداء شروط الطاعة للأميركي طلباً لشطب اسم السودان عن لوائح الإرهاب.
سلكت القوى العسكرية والمدنية معاً تحت لواء خيار سياسي سقفه حكومات الخليج والسعي لاسترضاء الأميركي، وقالت للشعب السوداني معاً إن هذا سيكون طريق الرخاء وتجاوز الأزمات المعيشية الخانقة، لكن ما جرى تكفل بتكذيبها وإسقاط مصداقيتها، فبدأت تتقاذف كرة الفشل، والتسابق على الإمساك بالسلطة ومراكز النفوذ، وكان كافياً النظر لاتفاقها على أطول فترة انتقالية تسبق الانتخابات وتمتد لأربع سنوات، كان معلوماً أنها ليست إلا فترة إمساك هذه القوى بما يتيح لها الفوز بانتخابات ستفشل في خوضها إذا جاءت بعد شهور من تشكيل أول حكومة انتقالية، كما هي حال أي ثورة طبيعية وغير معلبة وتعبر عن المزاج الشعبي بصدق.
يبدو السودان ذاهباً نحو مسار أهلي صعب يتراوح بين التقسيم والحرب الأهلية والفوضى، بعدما حصل الأميركي على ما يريد والإسرائيلي على ما يريد، ولم يحصل الشعب السوداني على شيء مما يريد.