المسرح والدراما يخسران جزءاً من الذاكرة الاجتماعية والفنية الجميلة بيار جاميجيان عاشق المهنة والملتزم بالقضية والحريص على أصدقائه ووطنه
} عبير حمدان
رحل الفنان بيار جامجيان حاملاً معه زمناً مختلفاً عن واقعنا المثقل بالسطحية، وكأنه ملّ الاستسهال وداء الدراما الاستعراضية التي لا تشبه بيوتاتنا وشخوصنا العادية البسيطة والطبيعية، هو الذي عاصر الرحابنة ووقف أمام السيدة فيروز، وعلى مسرح زياد… كان من الصعب عليه التعايش مع أعمال مسرحية هجينة ركيزتها الابتذال.
قبيل يوم من وفاته، زار جامجيان نقابة الفنانين. وبحسب زملائه، فقد كانت صحته ممتازة وجلس معهم لساعات، وكأنه أراد توديعهم بكل ما أوتي من فرح، وهو البارع في استحضار الضحك، وهو الذي قال يوماً في لقاء صحافي أنه ارتبك وعجز عن النوم حين طلب منه الراحل عاصي الرحباني أن يعمل معه على خشبة مسرح «البيكاديلي»، ليعلن لاحقاً «أن لا مسرح بعد الرحابنة».
شخصية «بيارو» في «المعلمة والأستاذ» إلى جانب هند أبي اللمع وإبراهيم مرعشلي، كانت أبرز محطاته التلفزيونية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث حفظه الناس وباتت الشخصية ملازمة له تلقائياً، إلا أن مقدرته الإبداعية لم تأسره في إطارها بل قدم الكثير من الأدوار في العديد من الأعمال الدرامية.
بيار جامجيان الفنان الملتزم بعقيدة ثابتة وراسخة، تفوقت إنسانيته على كل الشخوص التي أدّاها ببراعة، وعُرف بوطنيته وحرصه على زملائه وأصدقائه، ليشكل غيابه خسارة كبيرة وفق رأي ممثلين ومخرجين تواصلت معهم «البناء» بهدف توجيه التحية إلى فنان عشق المهنة وبات جزءاً من الذاكرة الاجتماعية والفنية.
نعمه بدوي :
ودّعنا بفرح وترك لنا الحزن
نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي وصفه بزارع الفرح، وقال: «بيار جماجيان (بيارو) زارع الفرح في نفوس الأجيال المتعاقبة، وساكن قلوبهم. هذا الفنان الملتزم الآتي من عالم المسرح إلى الشاشتين، من عالم الرحابنة (الأخوين) ورفيق درب زياد الرحباني بمعظم مسرحياته.
برع بالكوميديا «بيارو حظه زيرو»، وأجاد بالتراجيديا. قبل ساعات قليلة من وفاته زار النقابة هو ومجموعة من الزملاء الكرام (عمر ميقاتي وزوجته رندة، ختام اللحام، عبدو شاهين، جورج دياب، أسامة شعبان وأحمد مخللاتي). قام بأداء آخر دور مسرحي يقدمه لنا (وان من شو)، روى وتحدث عن مواقف مضحكة في أثناء الحوادث منذ أربعين عاماً. أضحكنا كثيراً في زمن ووقت قل فيه الضحك والفرح. بيارو فنان متفرد بأسلوبه ومتمكن من أدواته التعبيرية».
وأضاف: «عاش طوال حياته وهو يسعى إلى بث الطاقة الإيجابية في محيطه وبين الناس مدافعاً عن المظلومين والمحرومين ومطالباً بحقوقهم؛ إنساني إلى أبعد الحدود، وطني بامتياز. جاء إلى النقابة يزوّدنا (يشرجنا) بطاقة كلها فرح، لكنه غادرنا وأخذ معه الشاحن. ودّعنا بفرح وترك لنا الحزن والألم على فراقه. صديقي ورفيق دربي، سنفتقدك كثيراً. لروحك الرحمة والغفران، ستبقى خالداً في النفوس والضمائر والقلوب وفي الوجدان. نم على رجاء القيامة».
آلان الزغبي:
جمع كل الصفات الطيبة
الممثل آلان الزغبي اختصر حزنه على صديقه بكلمات مقتضبة معبّرة، وقال: «فقدت الدراما اللبنانية الروح الطيبة، الأخلاق العالية، الصداقة المتينة والبسمة الدائمة. جميع هذه الصفات كانت تتمثل بالمبدع والممثل القدير الصديق الغالي جداً على قلوب جميع الفنانين اللبنانيين الراحل بيار جماجيان (بيارو) كما لقّب بمسرحية الأخوين الرحباني، واللقب الذي كان جميع رفاقه ينادونه به. رحيله كان مفاجئاً، وترك الغصة في قلوبنا جميعاً. رحم الله بيار جماجيان وأسكنه في علياء جناته، لعل روحه تكون الآن في مكان أفضل وأسمى وأجمل… مهما ذكرت من حسنات بيارو وجمال روحه ورقة أخلاقه لن أفيَه حقه فعلاً».
أحمد الزين:
توأم الروح ورفيق الدرب
لم يضف الفنان أحمد الزين أية كلمة إلى ما قاله في مأتم صديق عمره، وتمنى أن ننقل تعبيره في حينه حيث أرسل لنا الفيديو الذي ظهر فيه وهو يكتب آخر الحروف مودعاً الراحل بيار جامجيان، بالقول: «أكتب لتوأم روحي ورفيق دربي العظيم والرائع والمبدع لأقول له: أنا ذاهب إليك. أنا وبيار كنا جسدين بروح واحدة منذ خمسين عاماً، وأمنيتي الوحيدة أن ألاقيه قريباً. لم أخف عليه حين كان على الأرض واليوم لا أخاف عليه حيث ارتقى، وله أقول: الله يحبك يا بيار لأنه في قلبك».
سامر البرقاوي:
شخصية هاربة من تاريخ، نحبه
من جهته أكد المخــرج السوري ســامر الــبرقاوي أن رحيل قامة فنية بحجــم بيار جامجيان خسارة كبيرة، وقال: «بيار جامجـــيان قامة لا بل شخصية هاربة من تاريخ نحــبه عن سبعيــنيات وثمــانينيات بيروت. حــين كان يحضر إلى التصــوير كانت ترافقه الحكــايا عن أشياء علقت في ذاكــرتنا من مسرح الرحابنة إلى مسرحيات زياد، وتحضر في بالي جملته المشهورة في مسرحية «شي فاشل»..
«يا بلدنا» واحد كان مــسؤولاً عن شجــرة الأرز التي كانت من المفروض أن تكون ضمن ديكور مسرحــيته لمخرج بــطل العــرض الذي أدى دوره زياد، وحين كان يأتي إلى التصوير في «الهيبــة» وأراه من بعــيد أقول له على الفــور: «يا بلدنــا». حاضر النكتة، ملتزم وعاشق لمهنته، ومعلم امـتلك شــغف التعلم. لا يسعنا إلا أن نقــول أن رحيله خسارة كبيرة»
علي سعد:
المحب والحريص على أبناء وطنه
أما الفنان علي سعد، فأحب أن يستذكر إنسانية زميله الذي كان حريصاً على الجميع، فقال: «بيار جمع في تشييعه الأصدقاء والزملاء كما جمعهم حوله في حياته، وما حضورهم إلا دليل محبة لإنسان خلوق ومتواضع وفنان، وجميعنا نعرفه وشاهدناه في الكثير من الأدوار والشخصيات الكوميدية والدرامية.
أستحضر الآن قصة حصلت معي شخصياً تظهر مدى إنسانية بيار واهتمامه بالجميع، حيث كنا نصور معاً مسلسلاً مع المخرج نبيل لُبس في بكفيا، ووقع إشكال بين الحزب القومي الاجتماعي وحزب الكتائب، وحصل نوع من التوتر الأمني. وحين أنهيت التصوير وأردت المغادرة أبى بيار ذلك وقال لي حرفياً: «ممنوع أن تغادر وحيداً في ظل التوتر الأمني، وستبقى إلى أن أنتهي من التصوير كي أخرجك من المنطقة وأحرص على عدم تعرضك للأذى. وطلب لي فنجان القهوة ليجبرني على الانتظار إلى حين انتهائه من التصوير. هذا هو بيار جامجيان الإنسان المحب والحريص على زملائه وأصدقائه وأبناء وطنه».
يوسف حداد:
رفيق العز الذي برع في رسم الضحكة على الوجوه
من جهته اعتبر الفنان يوسف حداد أن الكلام لا يكفي حين يرحل المبدع والأصيل، وقال: «في حضرة الغياب المفاجئ ماذا يمكن أن نضيف أكثر من الذي قلناه لحظة سماعنا الخبر؟ أقول لبيار: «لا يا رفيق العز… لا يحق لك الرحيل هكذا من دون سابق إنذار»، بيار الفنان الأصيل الشغوف، المبدع والقدوة في الأخلاق والنبل، عرفته منذ ثلاثين سنة وفي أول لقاء لنا قال لي: «بتستاهل تكون ممثل وتصير نجم إذا كنت مثابر ومتواضع». هو أرادني أن أكون مثله وأتعلم منه».
وأضاف: «بيار… سأشتاق إليك وإلى حضورك. صديقي الوفي أحبك؛ صلي لنا من حيث ارتقيت وأخبر الملائكة عمّا أصابنا من ويل، وادعُ لنا أن نستعيد أيام العز والزمن الجميل الذي إليه انتميت. بيارو اعذرني إذا بكيت كثيراً، ولكن في الغياب لا يمكن لنا حبس دموعنا وأنت الوحيد الذي برع في رسم الضحكة على الوجوه».
عدي رعد:
فنان من قماشة مختلفة
كما وصفه الفنان عدي رعد بالممثل الملتزم قائلاً: «في وداع بيار جامجيان أقول إنه ممثل من قماشة مختلفة، نجم يستحق كل التقدير. على الصعيد الإنساني هو إنسان طيب ورائع، وعلى الصعيد الفني هو فنان ملتزم بقضية وكان مختلفاً بأخلاقه وتواضعه ومحبته وطيبة قلبه. هو خسارة للبنان والفن اللبناني. بيار جماجيان ليرحمك الله وليرحمنا جميعاً في هذا البلد».
سعيد سرحان:
مدرسة لجيل كامل
أما الفنان سعيد سرحان، فأكد أن جامجيان مدرسة لجيل كامل، وقال: «بيارو من الأشخاص الذين أثروا بي منذ الصغر، وبسببه كنت اتجه صوب التمثيل وشغفه. لا أذكر إذا كنت قد أخبرته هذا الشيء في جلساتنا كونه دوماً كان يدير أي جلسة بخفة ظله وحضوره وروحه ونفسيته الحلوة، ولكن كان هناك تواصل بيننا حين التقينا في «الهيبة»، وتواصلنا امتدّ إلى نقاشات أعمق من مجالنا ومحيطنا ودائرتنا في الوسط الفني».
وأضاف: «بيارو بالنسبة لي كان أحد الذين أنشأوا الجسر ما بين التمثيل التلفزيوني الأقرب إلى المسرح وحقبة التمثيل التلفزيوني الواقعي الطبيعي. قبل يوم من وفاته كان في النقابة وكأنه ذهب ليودع زملائه. وحده تمكن من نقل التمثيل التلفزيوني من شكله المسرحي المفخم المعظم إلى التمثيل الطبيعي الذي يمكن توصيفه بالتمثيل المعاصر الذي نراه على مستوى العالمية، وهذا أمر لم يعلّمه أياه أحد إنما كان هو شخصية استثنائية بحد ذاته، ليكون بيارو مدرسة لجيل بأكمله. ربما لم نجتمع إلا في الهيبة في مشاهد قليلة مع «أبو عيسى» وهذا فخر لي، كما أفخر أني جالسته واستمعت إلى قصصه. سنفتقده كثيراً وسيترك فراغاً كبيراً. لقد ترك لنا إرثاً كبيراً، عسى أن نصل إلى جزء قليل مما وصل إليه. الجميع سيذكره… الجيل الذي سبقنا وجيلنا والجيل القادم».
عفيف حيدر:
الرحيل الذي أوجعنا جميعاً
المخرج عفيف حيدر أكد أن «بيارو» جزء من الذاكرة الاجتماعية والفنية الجميلة، حيث قال: «بيارو عشت ضاحكاً ورحلت ضاحكاً، وأعطيت قيمة مضافة لكل الأعمال الدرامية اللبنانية في المسرح والسينما والتلفزيون. أضحكتنا كثيراً وأبكيتنا أكثر. لن ننسى تميزك في الكوميديا والدراما وقدرتك الخارقة على التكيف مع كل المشاهد، ولن ننسى صدق عطائك وأحاسيسك. كنت سيداً في الكوميديا وعملاقاً تأخذنا إلى قمة الضحك وسيداً في الدراما تأخذنا إلى قمة الحزن. كبرنا ووعينا مع المسلسلات التي أديت فيها أدواراً لافتة، وقد وطأت سن السبعين وبقيت في عز شبابك، فأنت جزء من ذاكرتنا الاجتماعية الفنية الجميلة. بيارو لحظة رحيلك المفاجئ أوجعتنا كثيراً».
بولين حداد:
متميز حتى في انفعاله
مقتضبة كانت كلمات الفنانة بولين حداد التي أكدت أن الجميع سيشتاق إلى حضور بيار جامجيان، وقالت: «بيارو من الممثلين الذين لم أشعر يوماً أنهم قد يكبرون في السن. في وجهه سلام لا يمكن توصيفه، ربما لأنه كان متصالحاً مع نفسه، وحقيقيّاً وقادراً على منح الفرح للمحيطين به.
ربما لم أجتمع معه في مشاهد مشتركة، ولكن التقينا في أكثر من عمل وخلف الكواليس. كان متميزاً حتى في لحظات أفعاله. سنفتقده كثيراً وهو الذي ترك بصمة كبيرة من خلال أعماله التي حفظناها وأثرت فينا جميعاً، وسيبقى حاضراً رغم الغياب، ونقول له إننا سنشتاقه كثيرا».
حسن إدلبي:
الصادق في أدائه المسرحي والدرامي
المخرج حسن إدلبي اختصر توصيفه للراحل بالتشديد على صدقه، فقال: «اعتدنا أن يرحل العمالقة بصمت، ولكن لأول مرة يودعنا عملاق من لبنان ضاحكاً. لا يمكن أن ننسى بيار الذي أضحكنا وأبكانا، ولم نشعر يوما أنه يمثل كونه كان صادقاً، لا بل إنه من أصدق رواد الدراما والمسرح اللبناني. يعز علينا أن نتكلم عن بيارو بصيغة الماضي. السلام لروحه والبقاء للأمة».
وفاء شرارة:
فنان شامل وحقيقي
أما الفنانة وفاء شرارة فقالت: «للحقيقة حين نريد أن نتكلم عن بيار جامجيان نحتار فيما سنقوله، حيث هناك الكثير لنتكلم عنه. هل نتكلم عن بيار الإنسان صاحب الأخلاق العالية وعن احترامه لنفسه وللآخرين؟ أم عن وفائه ووطنيته وعن عدم تفرقته بين إنسان وآخر؟».
وأضافت: «إذا أردنا أن نحكي عن فنه سنقول الكثير. بيار كان فناناً شاملاً نجح في كل الأدوار الكوميدية والدرامية، والشخصيات التي قدمها أظهرت تلقائيته. الناس أحبته لأنه كان حقيقياً وعفوياً، ترك بصمة في كل ما قدمه. ولا ننسى سعيه لإنصاف كل زميل له شعر يوماً ما بالغبن وقدم له يد العون ولو بإطار معنوي. لبيار أقول: خسرناك كفنان وصديق وأخ، وستترك فراغاً كبيراً لا يمكن تعويضه، ولترقد روحك بسلام».
ورد الخال:
حالة فريدة طبعت في ذاكرة الناس
الفنانة ورد الخال رأت أن بيار جامجيان حالة فريدة، إلا أنه لم ينل حقه في ظل المحسوبيات، وقالت: «بيار تفوّق في مجاله بأخلاقه وطيبته وتواضعه، وكان حالة فريدة طبعت في ذاكرة الناس، إلا أنه تعرّض للغبن كما كثر من الفنانين الذين يمتلكون المــقدرة على العطاء والإبداع بيْد أنهم خارج دائرة الفساد الفني والمحسوبيات. للأسف، في بلدنا، للنجـــومية مقاييــس لا تتلاءم مع الفنانين المحترفين، وبيار المبدع الذي تخطى مرحلة النجومية لم ينل حقه حيث تم وضعه في الإطار الثانوي، وهذا مؤسف. ففي كل العالم يتم تكريم المبدعين وتكــون لهم الأفضلية في الأعمال التمثيلية سواء الدراما أو الكوميديا، سينــمائياً وتلفزيونياً. لذلك أستــغرب أن فناناً بحــجم بيار جامجيان لم يُمنح دور البطولة في مختــلف الأعمال الدرامــية الأخيرة التي شارك فيها، بينما في سورية، على سبيل المثال لا الحصر، هناك تقدير كبــير وأولوية للجيل المخضرم فنيّاً مع عدم إغفال الأجيال كافة. خلاصة الأمر، بيار خسارة كبيرة على الصعيد الفني والإنساني».
نبيل عبد الساتر:
الوطني الذي ينتمي إلى فكر وعقيدة مقاومة
من جهته، أكد الكاتب نبيل عبد الساتر أن بيار كان ملك التلقائية في الأداء، حيث قال: «بيار الإنسان الوطني الذي ينتمي إلى فكر وعقيدة لا نقاش حولهما؛ فهو السوري القومي الاجتماعي صاحب الموقف المقاوم الذي ينبذ التطرف، وهو عاش الاضطهاد في زمن التقسيم حيث أنه اضطر أن يبتعد عن منطقته قسراً حـين كانت تحـــــت سيطرة قوى اليمين المتطرف الرافض للآخرين. عملت معه على مدى ثماني سنوات وأستطيع الجزم أنه ملك التلقائية والعفوية في الأداء، ويضيف إلى الشخصية أدواته، وفي أي مشهد تمثيلي كل من وقف أمامه من زملائه شعر بالراحة بحيث يأتي العمل متقناً ومقنعاً للمتلقي».
وأضاف: «حين باغتنا بيار بالغياب قلت له حينها: أيها الحبيب كيف حافظت على قلب الطفل داخل أضلاعك حتى وقت الرحيل؟». أن ما يحزن هو التعاطي الإعلامي مع خبر رحيله حيث كان خبراً خجولاً وعابراً. نحن في قناة المنار كرّمناه من خلال حلقة خاصة استحضرنا فيها أبرز المشاهد من الأعمال التي شارك فيها وعرضتها القناة، ولم تغب إدارة المؤسسة عن التشييع، وهو أقل ما يمكن القيام به. بيار خسارة كبيرة وشخصية فنية لا تتكرر».
سعد حمدان:
همّه نجاح العمل بعيداً من عقدة الأنا
بدوره، الفنان سعد حمدان قال: «التقينا في الثمانينيات في عمل مسرحي (بين حانا ومانا) للكاتب لامع الحر والمخرج محمد الشوالي، وأمضينا أجمل أيام المسرح في مدينة صيدا بمشاركة الكبيرة الراحلة أماليا أبي صالح، حيث كانت بداية العروض هناك. في المسرح يُكتَشَف الإنسان على حقيقته. ما جمعني وبيار جامجيان روح النكتة، حيث كان لطيفاً جداً، مزوحاً دائماً، يقف إلى جانب زملائه، ولا يساير على حساب مصلحته».
وأضاف: «عدنا والتقيــنا في التسعــينيات في عمل تلفزيــوني ضخــم (أوتيل براديسو) للمخرج والمنــتج يوســف الخوري، وهنــاك تلاقت الموهبتان في الكوميــديا ما أثمر رِفعة فنية لهذا العــمل. كــنا نقــول لبعضنا البعض: المسرح أجمل. اشتــقنا إلى المســرح وكنا نخطط لإنجاز عملٍ آخر جــديد، إلا أن الوضــع الأمني آنــذاك لم يــساعدنا على تنفيذ ذلك».
وختم: «كان بيار الفنان الذي يلتقط الإشارة بالفطرة ويرمي إلى زميله، من دون أي حسد، جملة معيّنة ليرد الآخر عليها، وهذا يُثبت بُعدَه عن عقدة الأنا، إذ كان يهمه فقط نجاح العمل».
رندلى قديح:
بيار تاريخ فني، وغيابه سيحدث فارقاً كبيراً وفراغاً يصعُب تعويضه
المخرجة رندلى قديح التي عمل معها بيار في «حكاية أمل» توجهت باللوم إلى وسائل الإعلام التي لم تنصف بيار حتى في رحيله، وقالت: «بيار تاريخ فني لا يمكن توصيفه بكلمات قليلة. جميعنا عرفناه في شخصيات كوميدية تركت أثرها الكبير، وهنا أشير إلى الكوميديا الحقيقية لا تلك القائمة على الابتذال. عملت معه في «حكاية أمل» في العام 2000 وعلى الصعيد الشخصي أعرفه منذ زمن وأشعر بأنه أب لما كان يمــتلك من عطاء ومحـــبة للجمــيع. ولا أعرف لماذا تعاطى جزء كبير من الإعلام بشكل هامشي معه حتى في رحيله على رغم أنه فنان مخضرم وتاريخه يشهد، إلا أن خبر وفاته مر مرور الكرام وبشكل خجول على معظم الشاشات المحلية».
وأضافت: «بيار يستحق التكريم حتى في وفاته، وعلى المعنيين التنبه لهذا الأمر. للأسف نحن في بلد لا يدعم الفن والثقافة وكبار المبدعين خارج إطار الاهتمام. بيارو كان يضحكنا من دون تكلّف، وهو نفس الشخص فنياً وإنسانياً بقربه من الجميع، وغيابه سيحدث فارقاً كبيراً وفراغاً يصعُب تعويضه».