متى سيحزم الأسرى حقائبهم…؟
} أحمد أبو زهري
يدور الحديث عن إمكانية عقد (صفقة تبادل أسرى) بين حركة حماس والاحتلال «الإسرائيلي» برعاية مصرية وأممية، وقد أشارت مصادر عدة إلى أنه وعلى الرغم من قرب التوصل إلى اتفاق، إلا أنه لا تزال جوانب عالقة فيه؛ بسبب التباين الواضح بين رؤية ومطالب الاحتلال وبين شروط حركة حماس وجناحها المسلح «كتائب القسام».
فالاحتلال يريد إطلاق سراح عدد من الأسرى لكنه يرفض الإفراج عمن يصفهم بالملطخة أيديهم بالدماء؛ بمعنى من نفذوا عمليات فدائية أو ساهموا في التخطيط لها.
وكذلك يرفض ضمّ أسرى من (القدس والـ 48) ويرفض أيّ طرح لأسرى عرب، ويحاول فرض «مفهوم الإبعاد» على جزء منهم إذا تمّت الصفقة، هذا بالإضافة لمحاولات استثناء بعض قادة التنظيمات من كشوف الصفقة، الأمر الذي ترفضه حركة حماس جملة وتفصيلاً…
1 ـ لأنها تتصرف بمسؤولية عالية تجاه ملف الأسرى.
2 ـ لأنها تتحرك من منطلق وطني وليس حزبياً فهي تنوب عن المقاومة وعن الشعب الفلسطيني في إبرام الصفقة.
3 ـ لأنها تريد إسقاط الرؤية «الإسرائيلية» وتسعى لإفشالها وكسر خطوطها.
4 ـ لأنها تحاول عدم تمرير أي صيغة تحمل تمييزاً جغرافيّاً أو تنظيميّاً.
5 ـ لأنها تهدف من وراء ذلك توحيد الصف الفلسطيني المقاوم وتمكين القيادات السياسية من إعادة بناء المشهد السياسي وترتيب الصف على أسس وطنية.
لذلك… فإنّ أيّ محاولة لتجاوز رؤية الحركة وجناحها المسلح ستُبقي الصفقة تراوح مكانها، إذ لا يمكن القبول بأيّ تعديل في الشروط التي تفرضها المقاومة، وذلك على الرغم من كلّ الضغوط التي مورست وتمارس لإتمام الصفقة سواء من الاحتلال أو الأطراف التي تقود جهود الوساطة، وبالتالي؛ فإنّ الكرة الآن في الملعب «الإسرائيلي» إذا ما أراد المضي قدماً في هذه الصفقة، وما عليه سوى الموافقة على هذه الشروط والشروط الأخرى التي لم نتناولها في هذه المادة سواء ما يتعلق بـ (الأسرى المفرج عنهم والذين أعيد اعتقالهم، والمرضى، والنساء، والأطفال) بالإضافة للآلية والعرض الذي قدّمته المقاومة حول شكل التنفيذ؛ إتمامها على مراحل، أو تنفيذها خطوة واحدة.
لكن وفي خضمّ هذه الجهود المهولة التي تقوم بها المقاومة سواء في غزة أو الخارج لإنجاح هذه الصفقة فإنها (تراعي التكتم التام) على التفاصيل وتتفادى التصريح المتواصل للجمهور الفلسطيني في هذه اللحظات، إلا من بعض التصريحات أو التعبيرات الموجزة والضرورية في إطار الرد على تساؤلات بعض وكالات الأنباء والصحافيين دون تقديم شروحات إضافية أو الخوض في ثنايا وتفاصيل هذه الصفقة وما هو مطروح وإلى أين وصلت الأمور…
1 ـ لأنها لا تثق بالاحتلال «الإسرائيلي» وتتوقع أن يتراجع في أيّ لحظة.
2 ـ لأنها لا تريد إثارة الأسرى وذويهم قبل إتمام التفاوض حول الصفقة مراعاة لمشاعرهم وخشية من انهيار المفاوضات، لأنّ ذلك له انعكاسات قاسية ومؤلمة.
3 ـ تفادي محاولات التخريب أو التحريض على الصفقة من أطراف لا تريد نجاحها.
وهذا أيضاً يعكس وبكلّ وضوح مدى الكفاءة والخبرة والأهلية التي يتمتع بها طاقم التفاوض الذي ينيب عن المقاومة، ويظهر مدى حنكته ومسؤوليته الأخلاقية والوطنية، وقدرته العالية وبراعته في إدارة ملف التفاوض بسرية تامة لم تؤدِّ إلى أيّ تسريبات، ونجاحه في تخطي وتجاوز كل الضغوط، وتصميمه على فرض شروطه لتكون يد المقاومة هي العليا ويد الاحتلال هي السفلى، وذلك بعكس «مفاوضي مشروع التسوية» الذين يجيدون لغة الاستجداء ويلهثون لأيّ لقاء عبثي ويسارعون للتوقيع على أي طرح يمكن أن يقدّم فتات لشعبنا مقابل حصول الاحتلال على امتيازات ومصالح كبيرة، فشتان بين من (يضرب الطاولة) ويفرض شروطه تحت النار، وبين من يجلس ذليلاً مذعناً لرغبة العدو ويخيّل إليه أنه يحقق إنجازات لشعبنا.
وختاماً، فإنّ نجاح الصفقة وإتمامها بشروط المقاومة سيترتب عليه انعكاسات مهمة في المشهد السياسي والوطني وسيحقق مكاسب كبيرة لحركة حماس وجناحها المسلح «كتائب القسام»:
أولاً ـ استعادة الوحدة الوطنية لأنّ الصفقة ستشمل قادة كبار من كافة التنظيمات من مستويات سياسية وعسكرية والذين يمكن أن يقودوا حراكاً جِدياً لإنهاء الانقسام.
ثانياً ـ تعزيز دور المقاومة ورفع مكانتها لدى الجمهور الفلسطيني والعربي والإسلامي وتقوية حاضنتها واتساع حجم نفوذها.
ثالثاً ـ إثبات مصداقية المقاومة وإظهار مدى قدرتها على القيادة وتحمّل المسؤولية تجاه أبرز القضايا الوطنية.
رابعاً ـ توجيه ضربة قاسية لمشروع التسوية ولفريقه وإثبات نظرية أنّ القوة وحدها القادرة على تحرير الأسرى.
خامساً ـ تأهيل حركة حماس لتكون في طليعة المشهد السياسي والوطني بعد نجاحها في تحطيم القيد «الإسرائيلي» وإخراج الأسرى بالقوة.
سادساً ـ كسر العزلة السياسية عن الحركة وفتح قنوات جديدة للتواصل مع أطراف عدة في الإقليم وعلى المستوى العالمي.