ليبيا… هل تُبصر الاستقرار ما بعد حُكم القذافي
} ربا يوسف شاهين
لا بد بداية من التنويه إلى ما جاء في بيان مؤتمر استقرار ليبيا، حيث أكدوا رفضهم القاطع للتدخلات الخارجية، ودعم حكومة الوحدة الوطنية، واستقرار ليبيا، والالتزام بسيادة ليبيا واستقلالها.
تجتمع الدول المعنية بالملف الليبي بعد 10سنوات من الحرب ضد الشعب الليبي، لتُحدد ما تؤول إليه نهاية الثورات العربية، التي صيغت لتدمير هذا البلد، حيث بدأت المخططات الغربية، منذ أن أعلن حلف الناتو في 19 مارس/ آذار 2011، إسقاط أولى القنابل والصواريخ الأوروبية والأميركية على ليبيا، وبدأت الحشود المتحالفة مع واشنطن، للقضاء على حكم العقيد الراحل معمر القذافي، فعمت الفوضى في المناطق الليبية، وبدأت مفاعيل المؤامرة تعصف بكل أنحاء البلاد، فالعقيد القذافي الرجل الليبي الذي أسس بنيان حكمه لشعبه، على مبدأ الازدهار والعيش الكريم، لم يبخل بمنظوره السياسي الداخلي والخارجي، عن قضية مركزية تكمن أهميتها في أن هذا الازدهار لليبيا لن يتحقق إلا بامتداده لكل القارة الأفريقية، فكان أن صاغ عدة قرارات تؤمن الاستقرار والازدهار الاقتصادي والسياسي والعسكري لبلده، ولجميع الدول في القارة السمراء، وكان لاحتياطات الذهب والفضة التي راكمها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي (143 طناً من الذهب و150 طناً من الفضة)، العامل الأكبر في تهديد حكمه، لأنه يعني فك ارتباط ليبيا بالعملة الأوروبية والفرنك الفرنسي والدولار الأميركي، وهذا ما كشفت عنه رسائل هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، من أسرار حول الملف الليبي وما تم نشره في مجلة “فورين بوليسي” الأميركية.
ضمن ما سبق، وفي سياق رسائل هيلاري كلينتون، يمكن رصد أبرز وقائع ومعطيات تلك الفترة، بما يلي:
* قاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الحرب على ليبيا، وجند دولاً عربية وشخصيات ليبية وجامعة الدول العربية، ومحطات تلفزة عربية وغربية عملاقة لتحقيق أهداف أهمها:
أولاً- الاستيلاء على مدخرات ليبيا من النفط وتوظيفها خدمة لمصالح فرنسا وبريطانيا.
ثانياً- منع توسع نفوذ الزعيم معمر القذافي في ليبيا، وعموم القارة الأفريقية.
ثالثاً- تأمين بقاء النفوذ الفرنسي في منطقة شمال أفريقيا.
رابعاً- تأكيد القوة العسكرية الفرنسية في القارة الأفريقية ودول الاتحاد المغاربي العربي، والتمهيد للتدخل في مالي ومنطقة الساحل.
خامساً- التشكيك بعدم قدرة الشعوب الأفريقية على التطور بعيداً من الحاضنة الأوروبية لإبقائها تحت السيطرة.
سادساً- القرارات السياسية التي أطلقها العقيد معمر القذافي بالنسبة للقضية الفلسطينية وحق الشعوب المستضعفة في النهوض وتحقيق تقرير المصير.
سابعاً- الجرأة الكبيرة للزعيم القذافي في فضح قوى الغرب الاستعمارية ومخططاتها التقسيمية للدول المناهضة لها أو الفقيرة اقتصادياً.
وما سرع من خطط تنفيذ عملية اغتيال القذافي، عبر صواريخ الناتو وثوار الناتو، هو كشفه لحقيقة التواطؤ العربي والإسلامي لما يسموا “بأصدقاء ليبيا”، ومخافة أن يستمع العالم لخطابات قائد ليبيا، فيتم فضحهم، فكانت القنبلة الفرنسية هي الأولى لإنهاء عهد الزعيم القذافي في 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2011.
وبدأت الحقائق تتكشف رويداً رويداً، عن أسباب المؤامرة والتخطيط لشن الثورات العربية على القارة الأفريقية، وتحديداً ليبيا، كما فعلوا ويفعلون في سوريا، لتدمير كل بلد يناهض عبر رؤسائه سياسة الغرب.
وبالعودة إلى بيان مؤتمر استقرار ليبيا، باعتقادي أن جميع القرارات الصادرة، إن لم تقم أساساً على القوانين والمواثيق الدولية التي تحترم مبدأ السيادة الدولية والاستقرار الدولي، وحق تقرير المصير، بخاصة أن جميع القرارات الصادرة تقف عند حدود تنفيذ ما يُصاغ لمنع تجريم مسببي الحروب، والذين هم أعضاء في مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة.
والسؤال الهام هنا، متى ستكون قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن نافذة في منع وقوع الحروب منذ صياغتها لتحليل إجرامهم على الدول تحت ذرائع تنسجها الاستخبارات الصهيو-أميركية.