ما بعد مأرب ليس كما قبلها
تكاد تكون معركة مأرب في حرب اليمن وتوازنات الإقليم شبيهة بمعركة حلب في الحرب السورية والتوازنات الإقليمية، فكما شكلت حلب نقطة الانطلاق لمسار ثابت في الحرب السورية تدحرجت بعده الانتصارات لصالح فريق واحد هو الدولة السورية مدعومة من حلفائها، من حلب إلى ريفي حمص وحماة والبادية وتدمر وصولاً إلى دير الزور وعودة إلى الغوطة وانتهاء بجنوب سورية، تشكل معركة مأرب المفتاح لمسار ستتدحرج بعده محافظات ومدن اليمن لتعود بين يدي الجيش واللجان وأنصار الله، ما لم تكن هناك تسوية مغرية ترضي أنصار الله وتغنيهم عن مواصلة خوض المعارك.
تشكل مأرب أهم مدن اليمن جغرافياً مع أنها ليست العاصمة الأولى ولا العاصمة الثانية، لكنها نقطة الوصل والربط بين محافظات اليمن في الشمال والجنوب، ويشكل الفشل في الاحتفاظ بها بالنسبة لفريق منصور هادي وحكومته والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، يعني استحالة القدرة في الدفاع عن سواها، ونجاح الجيش واللجان والأنصار في حسم معركة مأرب يعني قدرتهم على حسم سواها من المعارك.
حسم اتجاه حرب اليمن لصالح أنصار الله في الجغرافيا اليمنية، بعدما حسمت الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية السيطرة النارية لليمن على أمن الطاقة والملاحة التجارية في الخليج، وتأثيرها الحيوي والفعال على أمن المنشآت الحيوية لدول الخليج، يعني أن وضعاً إقليمياً جديداً سيتشكل مع حسم مأرب عنوانها صعود قوة أنصار الله كلاعب إقليمي كبير، بمثل ما كانت حرب تموز ومن بعدها الحرب في سورية بالنسبة لصعود قوة حزب الله.
بقدر ما تشكل الضغوط السعودية على لبنان محاولة لوقف مسار مأرب التصاعدي، سيشكل حسم مأرب مدخلاً لتغير الأوضاع في أكثر من ساحة اشتباك ومنها لبنان.