الثقافة الفلسطينية لقاح ضدّ التطبيع
} حمزة البشتاوي*
تتميّز الثقافة الفلسطينية بأنها واحدة وموحدة تجمع كلّ الفلسطينيين على عشق أرضهم والتمسك بها والتضحية من أجلها وهي ترتبط بإرث وتراث وتاريخ يحفز الروح النضالية والكفاحية في مسيرة طويلة ما زال يخوضها الشعب الفلسطيني نحو الحرية والخلاص من الإحتلال، وبها يعزز حضوره ودوره الحضاري والإنساني خاصة بما تحمله اليوم قضيته من مفاهيم وتعريفات إستثنائية فرضتها النكبة والإحتلال، وبجدارة الحب والإنتماء تقوم الثقافة الفلسطينية بمهمة حراسة الرواية الفلسطينية التاريخية التي تحضر فيها فلسطين كأيقونة عشق وغذاء للروح والفكر والعقل والإبداع.
ومن أبرز المهمات الملقاة على عاتق الثقافة الفلسطينية التي تسكن العقل والقلب وتسير في الشرايين حبراً ودم هي مواجهة ودحض الرواية الصهيونية المزيفة والتي تستند إلى الأسطورة والخرافة وذلك عبر المقاومة والإبداع في الأدب والفنون والفكر والتاريخ والتراث. وقد نجح الفلسطينيون بالتعريف بقضيتهم في الجانب الثقافي أكثر من الجانب السياسي الذي يشهد تراجعاً يؤثر سلباً على الحركة الثقافية الفلسطينية في الداخل والشتات، مع العلم بأنّ الجانب الثقافي يتطلب جهداً وطنياً مميزاً وفاعلاً من أجل تعزيز حضور الذاكرة في الوعي الفلسطيني بهدف الحفاظ على الهوية والثقافة وهذا يحتاج إلى رؤية وخطة استراتيجية تواكب الصمود والإبداع الفلسطيني في مواجهة وباء التطبيع الذي بات يشكل خطراً وجودياً على بقاء وسلامة الأرض والإنسان ومخاطر على المستوى الأخلاقي والإجتماعي والثقافي والنفسي كونه يسعى إلى تشويه الحقائق والتاريخ وإعادة تشكيل الوعي بما يتناسب مع الرواية الصهيونية وضرب القيم وسلامة وصحة جسد الأمة وأيضاً ضرب المفاهيم المتعلقة بالحرية والعدالة.
لذلك فإنّ المطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى مواجهة التطبيع كأمر غير طبيعي والعمل على إعتماد لقاح الثقافة الفلسطينية لتعزيز المناعة ومكافحة وباء التطبيع كونه يشكل تهديداً رئيسياً للقضية الفلسطينية ويقود الجميع نحو الكارثة مع التأكيد على فعلية اللقاحات التي تنتجها الثقافات الأصيلة وخاصة في محتمعاتنا العربية والإسلامية في مكافحة هذا الوباء الذي قد يتحول إلى جائحة في السياسة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.