هل يستحق تصريح قرداحي كلّ هذه الضجة المفتعلة؟
} عمر عبد القادر غندور*
ما كان ليستحق رأي وزير الإعلام جورج قرداحي بالحرب السعودية على اليمن هذا البركان الهائل من الضجيج المصحوب بقطع العلاقات بين السعودية وبعض دول الخليج وبين لبنان؟ كان يمكن تفادي هذا التوتر باستنكاره وكما كان يحصل في الكثير من المرات السابقة، مع تأكيد الحرص الشديد على حسن العلاقات بين الدول وخصوصاً الدول العربية، وهو ما أكدته الحكومة اللبنانية بكلّ وضوح، لا سيما أنّ الوزير قرداحي أدلى بموقفه قبل ان يكون وزيراً في الحكومة، ورأيه لا يعبّر عن موقف الحكومة اللبنانية.
ونعتقد أنّ رأي قرداحي لا يستدعي مثل هذه القطيعة لبلد عربي كان ولا يزال في طليعة الدول العربية المؤسّسة لجامعة الدول العربية، والمنادي بأحسن العلاقات الأخوية، والبوابة البحرية على الطرف الشرقي للبحر المتوسط.
ولعلّ وزير الخارجية السعودي فيصل بن سرحان أوضح بكثير من الدقة في حديثه الى محطة « CNBC» الأميركية «أنّ السعودية لا تملي شيئاً على لبنان، وأنّ هيمنة حزب الله تجعل التعامل مع لبنان من غير جدوى»، وعندما سألته المذيعة: ماذا فعل وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حتى يستحق لبنان هذا العقاب سوى أنه أدلى برأيه عن عبثية حرب اليمن المستمرة منذ سبع سنوات وما زالت مستمرة وهذا يدلّ على مشروعية كلام قرداحي؟
فأجاب وزير الخارجية السعودي مكرّراً: «المشكلة مع حزب الله الذي يهيمن على لبنان»!
إذن المشكلة ليست في تصريح قرداحي بل في معاقبة لبنان لوجود حزب الله.
ولو لم يكن حزب الله في لبنان لما خرجت «إسرائيل» من أراضيه عام 2000، ولا اندحر الجيش «الإسرائيلي» عام 2006، ولا تمّ القضاء على العصابات التكفيرية التي هاجمت قراه على السلسلة الشرقية وارتكبت المجازر بالسيارات المفخخة في أكثر من منطقة.
كما أنّ وجود حزب الله فرض توازن الرعب مع العدو «الإسرائيلي»، والمقاومة هي التي ستُدافع عن ثروات لبنان النفطية والغازية بالتلاحم مع الجيش اللبناني. ولو كان حزب الله يهيمن فعلياً على لبنان لما كان يعيش أسوأ حالات الانهيار الاقتصادي في الوقت الراهن.
لبنان الذي حباه الله الجبال والسهول والشواطئ والمناخ العليل والكفاءات العالية وجعله حديقة العرب ومكان إجازاتهم ومستشفاهم ومصارفهم وصحافتهم وإعلامهم، لا يمكن إلا أن ينادي بأفضل العلاقات مع محيطه العربي على قاعدة الاحترام المتبادل، وانّ أيّ حرب بين العرب هي عبثية والمنتصر فيها خاسر .
أما أولئك الذين ينفخون في أبواق الفتن والحرب الأهلية والعنصرية فهم أصدقاء «إسرائيل» وأدواتها، وكما فشلوا بالأمس سيفشلون اليوم وغداً…