هل ينجح مؤتمر «غلاسكو «المناخي في تبريد مناخ العلاقات اللبنانية السعودية؟
} علي بدر الدين
طغت الأزمة السعودية الخليجية اللبنانية المتراكم منها والمستجدّ، على ما عداها من أزمات ومشكلات داخلية، بأبعادها السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية التي تزداد تفاقماً وتنذر بالخطر القائم والداهم، في ظلّ استمرار تعليق جلسات الحكومة، وغياب المعالجات وتجميد المشاريع والخطط التي تضمّنها البيان الوزاري لحكومة «معاً للإنقاذ»، بانتظار ما ستؤول إليه المساعي والاتصالات المحلية والإقليمية والخارجية لوقف تداعيات ذريعة رأي وزير الإعلام جورج قرداحي حول حرب اليمن قبل أن يكون وزيراً في الحكومة اللبنانية.
يبدو أنّ التصعيد السعودي، لم يكن بسبب «حبة رمانة» تصريح قرداحي، إنما «قلوب مليانة «وحسابات إقليمية على علاقة بما يحصل من أحداث وتطورات عسكرية في مأرب اليمنية التي من نتائجها قلب المعادلات والموازين على الأرض، وفي السياسة والجغرافيا والمصالح، وهذا بطبيعة الحال، سيؤدّي إلى تحفيز بعض الدول وجرّها إلى الأزمة القديمة الحديثة، التي تجاوزت بأطرافها ودلالاتها الحدّ المقبول والمخطط له لضمان تدخلها، علها تنجح في تجميد امتداداتها ومفاعيلها، وحتى لا تكبر كرة نارها المتدحرجة، ولا تتوسع دائرة خطرها وتداعياتها، وقد تطيح بكلّ المفاوضات والمصالحات المأمول منها إبرام تسويات دولية واقليمية مرتقبة، وإنْ ما زالت بعيدة، إن كان على مستوى العودة المتوقعة المتعلقة بالملف النووي الإيراني، او لجهة استمرار اللقاءات السعودية الإيرانية التي كثر الحديث عن أنها قطعت شوطاً، وبدأت تترجم في غير ملف بين البلدين.
الظاهر أنّ الدول الفاعلة والمؤثرة في القرارات الدولية، وعلى مستوى المنطقة والاقليم، سارعت إلى الدخول في مسارات الأزمة، وهي تعطي من وقتها ومساعيها حيّزاً مهماً من الاهتمام لما يحصل، مستفيدة من وجودها في مؤتمر «غلاسكو» المناخي، علها تجد مخرجاً أو حلاً أو تسوية أو في «أضعف الإيمان» مقايضة متبادلة في المواقف والشروط والأمكنة، ربما على قاعدة «أن لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم»، هذه «التضحية» المفاجئة، ليست كرمى عيون السعودية ولا لبنان ولا اية دولة، بل من أجل ما تراه أنه يخدم مصالحها، ويؤمّن لها المزيد من السيطرة والاستئثار والهيمنة على القرار في أيّ بقعة من هذا العالم المترامي.
وبدأت بالفعل تظهر مؤشرات ومعطيات متواضعة وخجولة، توحي بالسيطرة تدريجياً، على النار المشتعلة في المنطقة، قبل أن تتعقد الأمور وتحرق الكثير من الملفات والإنجازات التي تحققت أقله على الورق.
الأزمة اللبنانية ـ السعودية الخليجية، وإنْ كان ظاهرها مجرد تصريح وإبداء رأي، فإنّ باطنها يغلي بالتراكمات بين البلدين حيث كانت تجمّد أو تؤجّل او ترحّل، إلى أن حصل الانفجار بقرار سعودي بالتوقيت والمكان المناسبين في تقدير مسؤولي المملكة، بهدف زيادة الغلة وضمان النجاح.
هذة الأزمة أكدت المؤكد، بأنّ السلطة في لبنان بمكوناتها ومنظومتها، يتآكلها الترهّل وانفلات القرار منها منذ زمن، لأنها بالغت بارتهانها وتبعيتها للخارج، وهي مع كلّ أزمة أو استحقاق دستوري أو أية مشكلة كبيرة وصغيرة، تقف أمامها موقف العاجز والضعيف ومكتوفة الأيدي، وترمي حمولتها على دول إقليمية ودولية وتستعين بها لإخراجها من مآزقها التي لا تنتهي، كما يحصل اليوم في الداخل اللبناني، حيث كلّ شيء معطل، والسلطة لا شغلة ولا عملة، كل ما تفعله لقاءات روتينية واتصالات ومواقف بلا معنى ولا قيمة ولا فعل، وكله تقطيع للوقت، بانتظار الأخبار «الإيجابية» من «غلاسكو» التي يرسلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إلى بعض المسؤولين وأعضاء حكومته وخلية الأزمة، التي لم تلتئم سوى مرة واحدة وفرط عقدها بعد أن دبّ الخلاف بين أعضائها وانقسموا على أنفسهم وتطايرت شرارتها إلى مؤتمر المناخ في اسكتلندا.
الجميع بانتظار المراسيل من غلاسكو، علها تحمل جديداً، وتبرّد الرؤوس الحامية، وتخفف من حجم الأخطار والتداعيات، وتساهم بعودة الأمور بين لبنان والسعودية وبعض حلفائها في دول الخليج، أقله إلى الأدنى من العلاقات، على أمل النجاح في نزع ما يوجد من ألغام، حتى لا تنفجر ولا تبقي ولا تذر.