إرهاب مرتزقة الإعلام التّطبيعي
} شوقي عواضة
فرقٌ كبيرٌ بين الدّيموقراطيّة والتّبعية وهذا الفرق أكبر وأوسع بين الحريّة والعبوديّة، وهنا مكمن الجهل الذي تتمّ من خلاله الهيمنة على عقول البعض إضافة إلى الإغراءات التي تقدّم لهم ليتمّ تحويلهم إلى مرتزقة داخل أوطانهم فيسلّطون على عناصر القوّة في الدّولة والوطن تحت مسميّاتٍ مختلفة كالحريّة والدّيموقراطيّة والتّغيير والمجتمع المدني، يوجّهون من قبل أكثر الأنظمة ديكتاتوريّةً واستبداداً ويتحوّلون إلى أدواتٍ لتدمير أوطانهم وفي حال نجحت حركتهم كليّاً أو جزئيّاً فإنّ حصاد نجاحهم يذهب لمشغليهم ومرتزقيهم من الأنظمة الوظيفية. وهنا لا ننكر حقّ الإنسان في التّعبير والتّغيير لكن ضمن الأطر والقوانين التي تؤدّي إلى التقدّم والتّطوّر لا إلى التّخريب وتدمير الوطن، وهنا نستذكر قولاً لمارتن لوثر كينغ «لا يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك إلّا إذا انحنيت له».
وهذا ما شهدناه في بعض الدّول العربيّة خلال ما سُمّي بالرّبيع العربي الذي كانت تديره بعض أنظمة الاستبداد في الخليج كالسّعودية والإمارات مدعومة من أميركا وغيرها من الدّول التي حوّلت بلحظةٍ مفصليّةٍ الحركة المطلبيّة إلى ميليشياتٍ وتنظيماتٍ إرهابيّةٍ مدعومةٍ بكلّ الإمكانيّات الماليّة واللّوجستيّة والعسكريّة، لم تنجز تلك الحركات الإرهابيّة أي شيءٍ سوى تدمير أوطانها وإزهاق أرواح الكثيرين من أبناء جلدتها كما حصل في سورية والعراق، وسقط مشروعها سقوطاً مدويّاً بفضل تصدّي الجيش السّوري وحلفائه والحشد الشّعبي والجيش العراقي لهذه الحروب الكونيّة.
أمّا في لبنان فقد تخطّى مرتزقة السّعودية وعملاء العدوّ الصّهيوني كلّ الخطوط الحمر في محاربة المقاومة التي حرّرت الأرض، ودافعت وحمت لبنان وشكّلت درعاً قويّاً ومتيناً في مواجهة الإرهاب وأسقطت إماراته وكانت ولا تزال ضمانةً للبنان في التّصدّي لأعداء الخارج والدّاخل ممّن يطمحون للحرب الأهليّة وما جرى في راشيا وخلدة والطّيونة من أحداث يؤكّد أنّ المقاومة التي ضحّت من أجل لبنان وقدّمت آلاف الشّهداء والأسرى إنّما قامت بذلك للحفاظ على لبنان ووحدته وليس من أجل سلطةٍ أو حكمٍ أو استفراد، بل إنّ تعاطي المقاومة في بعض المواقف دلّ على تواضع الأقوياء وعلى عفوها عن المقدرة فعالجتِ الأمور بصبرٍ وحكمةٍ وهذا لا يعني ضعفاً أو وهناً أو خوفاً كما يتمنّى البعض بل إنّ مواقف المقاومة في الدّفاع عن لبنان في وجه العدوّ لا تقلّ شراسةً عن موقفها في الحفاظ على السّلم الأهلي ومواجهة أعداء الدّاخل، لكنّ وقاحة البعض فاقت الحدود لا سيّما في موضوع التّعامل مع العدوّ الإسرائيلي الذي تطوّر ليصبح تواصلاً مع العدو في ظلّ تحفيزٍ إعلاميٍّ من قبل بعض أبواق الإعلام السّعودي الصّهيوني وفي مقدمتهم قناة المرّ التي تجاهر بالتّعامل مع العدوّ.
كلّ ذلك يجري في ظلّ التّغاضي عن قضية التّعامل مع العدوّ لا سيّما في ظلّ إغفال العديد من قضايا التّواصل مع شخصيّاتٍ «إسرائيليّة» كقضية المعمّم علي الأمين في المحكمة العسكريّة التي تحظى بدعمٍ كبيرٍ من سياسيي 14 آذار ودعمٍ سعوديٍّ مباشر، وما جرى في قضيّة العميل عامر فاخوري شاهدٌ على انتهاك السّيادة من أميركا ومرتزقتها وأبواقها الإعلاميّة.
واليوم في ظلّ الأزمات المتتالية على لبنان من فرض عقوباتٍ أميركيّةٍ وسعوديّةٍ إماراتيّةٍ بمحاولةٍ لإخضاعه وتحقيق ما عجز عن تحقيقه حلف الإرهاب الرّباعي الأمريكي الصّهيوني السّعودي الإماراتي، بدأت مرتزقة الإرهاب وأبواقه الإعلاميّة بالتّرويج للتّطبيع تحت عنوان حريّة الرّأي والتّعبير ضمن سيناريو منظمٍ ومدروسٍ تتصاعد وتيرته تدريجيّاً في ظلّ تغاضي الدّولة عن التّعرّض لأولئك المرتزقة وإذا ما استمرّ الوضع على هذا النّحو واستمرّت مرتزقة الإعلام وأبواقه بالتّصعيد لربّما تذهب الأمور نحو المزيد من التّوتر…
وعليه فإنّ مواجهة مرتزقة إعلام التّحالف الإرهابي ليس بأقلّ واجباً من مواجهة العدوّ «الإسرائيلي» وداعش وغيرها من الإرهاب. والمقاومة بالمرصاد كما أعلن سيّدها عن حماية السّلم الأهلي، ولن يسمح لتجّار الأوطان وعبيد السّفارات بالمسّ بسلم الوطن والعيش المشترك وحتّى لا يفسّروا تواضع المقاومة ضعفاً عليهم أن يراجعوا التّاريخ القريب ويقرأوا جيّداً ليستخلصوا حكمةً تقول كن على حذرٍ من الحليم إذا غضب.