المسار القضائي وتوازن القوى القانوني
– خلال سنوات مضت غاب أصدقاء المقاومة وحلفاؤها وغابت أحزابها عن ساحة المراجعات القضائية في كل ما تعرضت له من اعتداءات كلامية حملتها اتهامات ملفقة وجهت لهم جميعاً، وكانت تكتفي جميعها باعتبار أنها بين خيارين، إما ترك القضاء يتصرف وحده، أو الاكتفاء بالحكم على نتائج أحكامه التي طغت عليها السلبية، بينما لجأ خصومها إلى حضور فعال في ساحات المراجعات القضائية في كل شاردة وواردة فربحوا جولات وخسروا أخرى، لكنهم نجحوا بإنشاء ميزان قوى قانوني ناتج نن خوض المعركة القانونية بأدواتها، في ظل غياب كامل لمن يقابلهم.
– في قضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ترك الملف في بداياته للتطورات المتلاحقة من دون تدخل، فشكلت لجنة أهالي شهداء وضحايا المرفأ، وبدأت تستولي عليها قوى سياسية، بغياب قوى المقاومة، وتشكلت هيئات حقوقية تحمل وكالة أهالي الشهداء والضحايا وفجأة بدا أنها تحت سيطرة سياسية واضحة باستهدافها للمقاومة وحلفائها ووقوفها وراء القاضي طارق بيطار، وفي وقت متأخر بدأ التحرك القانوني عندما صدرت الملاحقات الاتهامية عن القاضي بيطار، وأحياناً كثيرة كشفت ضعفاً في الخبرة، سواء بابتعادها عن النصوص التي يمكن أن يجدي الاستناد إليها، أو بمعرفة المحاكم والغرف المناسبة للتوجه نحوها، واكتشفت القوى السياسية المعنية أن هناك منظومة قضائية صلبة متماسكة تشكل امتداداً لخط سياسي يستهدف المقاومة، ولو تغطى بعباءة سياسية قريبة من بعض الحلفاء على أساس طائفي، وتسلل عبرها إلى مواقع المسؤولية.
– منذ شهور قليلة بدأ الاهتمام الجدي بالملف القانوني لإنشاء توازن في الحضور في ساحة المراجعات القضائية، فولدت لجنة موازية لأهالي الشهداء والضحايا في انفجار المرفأ، وأظهرت نشاطاً قانونياً جريئاً ولافتاً، ويمكن أن يظهر لها وكلاء قانونيون منفصلون يقابلون الوكلاء الذي يحتكرون اليوم المشاركة في الملف القانوني للتحقيق بصفتهم أولياء الدم، وظهرت المراجعات القضائية الجديدة منذ دعوى مخاصمة الدولة التي رفعها وكلاء الرئيس حسان دياب، وما تلاها من دعاوى، قدرة على إقامة توازن قوى فعلي في الساحة القضائية، وهذا يمكن أن يفتح الباب لإعادة مسار التحقيق إلى حيث يجب، من بوابة أحكام قضائية تنتهي بتنحية القاضي بيطار أو تقييد حركته بضوابط تمنع تسييس الملف.