مناخ
َمَثَلُ هذه الأمّ الرؤوم التي تدعى الأرض… والتي حملتنا على ظهرها لملايين السنين كمَثَل «التايتانيك»… التي اندفعت تمخر عباب البحر قبل ما يربو على المئة عام… كلّ شيءٍ على ظهرها يسير بدقّة… كلّ معدّاتها وكلّ مكائنها هي آخر ما توصّلت إليه الصناعة في ذلك الوقت… كلّ شيءٍ برّاق ولامع… السفينة يتولّى قيادتها ربّان من الطراز الأول… مهندس التوربينات والمكائن هو من ساهم في هندستها وهو يتابع الحركة والسرعة والأداء العام على مدار الدقيقة… كلّ شيءٍ يسير بدقّةٍ محسوبة… ولكن هنالك مشكلة صغيرة لم يلحظها أحد… لقد كانت السفينة العملاقة برمّتها تسير نحو كارثة… نعم… لم يمضِ طويل وقتٍ حتى ارتطمت السفينة بجبلٍ جليدي أدى إلى كارثة «التايتانيك» المعروفة.
ابتلينا بقيادة لهذا الكوكب الذي نعيش على ظهره، بارعة في الذكاء التفصيلي، ولكنها في «الجشتالت» أو النظرة الكلية الاشتمالية قاصرة إلى حدّ الإعاقة… بمعنى تعبيري آخر… لا ترى أبعد من أرنبة الأنف… هذه هي طبيعة الإنسان الأبيض وبالذات الأنجلوساكسوني… منذ الثورة الصناعية، شفط الإنسان من باطن الأرض من المواد الخام ما يعادل 50 بليون كتلة «الإمبير ستيت»… كولد عاقٍ أولج يده إلى جوف أمّه لاستخراج قطعة من الذهب بلعتها، فاستخرج الذهب وقتل أمّه… 60 % من المواد التي استخرجها حُرِقت على سطح الأرض… التوازن التكويني الرّباني العبقري الدقيق الذي أوجده الله لهذا الكوكب اختلّ تماماً… الكتلة النوعية تضاءلت مع ثباتٍ لكمية الحرارة والإشعاعات الكونية المتدفّقة إلى الأرض، أدى إلى ارتفاع الحرارة… ذوبان الكتل الجليدية القارية في القطب الشمالي وأنتاركتيكا وغرينلاند أدّى إلى ارتفاع منسوب المياه… مما سيؤدّي الى زوال مدنٍ وبلادٍ تقع على الحافة… كما سيؤدي الى تغيّر في نسبة ملوحة المياه في المحيطات والبحار ما يهدّد الثروات السمكية والكائنات البحرية بالفناء…