لا يكرهُ الوعيَّ إلا عابدُ الحجرِ

} يوسف المسمار

 

مَنْ يتبعُ النـورَ لا يخشى مِنَ الحُفَـرِ

فالعَـتْمُ لا النورُ كهفُ الهولِ والخَطَرِ

والنورُ يعـني اتباعَ العـقـلِ في ثـقـةٍ

بالعـقـلِ هـادٍ بصيـرِ الـذاتِ والبَصَرِ

إنْ أخْطـأ المَرْءُ نـورَ العـقـلِ فاجأهُ

كالموتِ هـولٌ شـديـدُ الحَسْم ِ كالقـدَرِ

لا يَصْلُـحُ العـمـرُ إلا بالهُـدى أبـداً

فالعـُمرُ وعيٌّ وما في السهوِّ من عُمُرِ

بالوعيِّ لا السهوِّ نورُ الحَقِّ منتصرٌ

بالسهوِّ لا الوعيّ كلُّ الويلِ والضررِ

يا عاشقَ السهـوِّ إنَّ السهـوَّ مَقْبرةٌ

للـروحِ والنفسِ والإحساسِ والفِكَرِ

لو كان في السهوِّ ما يهدي إلى حِكَمٍ

لاسـتأثـرَ النـومُ بالإرشـادِ والعِـبَـر

وأصبـحَ الكونُ مشلـولاً ومنطفـئاً

في غامـرِ العَتْمِ، والآتي بلا خَـبَـر

فخـفـقـة ُ النورِ من إنجيلـنا انبثـقـتْ

نـوراً من الحُبِّ مِدراراً على البَشَرِ

وصيحة ُ الحقِّ من قرآنـنا انفجرتْ

من رحمةِ اللهِ أمطـاراً من الـدُرَرِ

فعـمـِّقـوا الفكرَ في إنجيلـنا تَجِـدوا

ضـوءَ السـماواتِ مـمتـداً بـلا قـدرِ

وشَغِّـلوا العـقـلَ في قـرآنـنا فـبهِ

ما يجعـلُ الناسَ في أحضانِ مقتدرِ

لا ينفـعُ الناسَ إلاّ النـورُ فاغـتسلوا

بالنورِ والروحِ والمستطيَبِ العَـطـِرِ

بالصحوِّ لا الغفوِّ وجهَ الحق نُدركُهُ

بالوعيِّ لا السهوِّ نستهدي إلى الظفرِ

منـافـذُ النـورِ للـواعـيـنَ واضـحـةٌ

مـا تــاهَ أو ضـلَّ إلا سـيءُ الـنـظـرِ

فالوعيُّ قـد جـاء بالإشعاعِ معرفةً

لـتُـخْرجَ الناسَ من نـومٍ إلى سَهَـرِ

فـيُـولَـدُ الفجـرُ من تاريخـنا قِـيَماً

إلا بها الحـقُّ نحـو المَجْد لم يَـثُـرِ

آذار بالحَقِّ يعني نهضةً بَزَغَتْ

بصحوة العـقـل من كِبرٍ إلى كِبَرِ

إلا هـُدى العقلِ لا نرضى لأمتـنا

في رحلة العـُمر زاداً طيلةَ السَفَـرِ

وحكمة ُ العقلِ أن العدلَ مطلبنا

وفاعلُ العدل خيرُ الخلقِ في البشرِ

واللهُ عـدلٌ بغـيـرِ العـدلِ لم نَـرَهُ

مهما اجتهدنا وأبدعنا من الصُوَرِ

فالحـقُّ والعـدلُ أهـدافٌ مُقَدسةٌ

وشرعـةُ العقلِ نـورٌ خالدُ الأثـرِ

من أجلِ هذا نَسَجْنا من مشاعرنا

نهجاً على العدلِ لم يَجْبُنْ ولم يَجُـرِ

لنصنـعَ المجـدَ آيــاتٍ لأمـتـنـا

إلا إلى الخيرِ لمْ تـنصحْ ولمْ تُـشِـرِ

فـنغـزل النـورَ للأجـيـالِ زوبعـةً

تُطَّرّز الأرضَ والتاريـخَ بالعِـبَـرِ

وتـزرعُ الحـبَّ بين الـنـاس قاطبةً

عـنوانُـه الخـيـرُ والعـمـرانُ للبشـرِ

فـنحـنُ من خـطّ للتاريـخِ وجْهَتَه

إلاّ على الـنـورِ لمْ نُـقْـبِلْ ولم نَسِـر

زوابـعُ الـوعيِّ أمـواجاً نُحَـرِّكُها

في كلِّ صوبٍ بـنـورٍ مُرشدٍ نَضِرِ

لتجعـل الأرضَ فــوَّاراً نسـائـمُهُ

صـلاةَ شُكْـرٍ تـناجي الله بالعُـطـرِ

نحو السماوات تسعى بالهُدى نغماً

يُـمَـجِّــدُ اللهَ ألـحـانـاً بـلا وَتَــرِ

كـلُّ الدياناتِ آفاتٌ إذا انْحَرَفَـتْ

عن حكمةِ العَـدلِ وانحازتْ إلى العُهُـرِ

لا شيء كالـوعيِّ يُشـفي أمةً نُكِبَتْ

بالـويـلِ والجهـلِ والآفـاتِ والبَطَـرِ

والوعيُّ يعني خلاصَ الناسِ من حُقُبٍ

لا شيء فيها سـوى الويلاتِ والكَـدَرِ

مشــعـالنا الفَجْـرُ بَعـضٌ من منائـرهِ

قـدْ عَـمَّـمَ النـورَ حتى أبعـد الأطُـرِ

وشـــاءَ للناسِ كلّ الناسِ حكمتَـه:

ولادةُ الوعيِّ سـرُّ المجـدِ والظَفَـرِ

وحكمةُ الوعيِّ :خيرُ الناسِ كلهُمُ

لا يكـرهُ الوعيَّ الا عابـدُ الحَجَـرِ

هذي العـقـيـدةُ من آفاقها انهمرتْ

كواكبُ النورِ بالعـرفانِ كالمَـطَـرِ

وأحيتْ الأرضَ والإنسانَ فارتفعتْ

بـيـادرُ الخـيـرِ بالأزهـار والثَـمَـرِ

فكانَ ما كانَ من شمسٍ ومن نُجُـمٍ

وصارَ ما صارَ من خَلْقٍ ومن قَـدَرِ

شاعر قومي مقيم في البرازيل