لتستقيم عمليات تشكيل المنتخبات!
} ابراهيم وزنه
تعدّ مسألة إختيار اللاعبين لخوض التجارب الفنية والبدنية في سياق مراقبة الأفضل والأنسب منهم للدفاع عن صفوف المنتخبات الوطنية من أكثر المهام دقّة وأهمية لما تحمله في طيّاتها ومضامينها من مسؤوليات وطنية ومهنية وأخلاقية، وبناء على هذه الحيثية يجب أن تكون مجرّدة من الواسطات وبعيدة عن المحسوبيات، لا تقبل التدخّلات وخالية من الشوائب.
وفي هذا المجال، لا شكّ بأن حسن الاختيار من قبل المولجين بهذا الدور الحسّاس هو اجتياز آمن للطريق الشائك، لا بل بمثابة نصف الطريق نحو تحقيق النجاح وبالتالي إبعاد علامات الاستفهام ووقف الانتقادات، وما أكثرها عند وقوع الخسارات الكبيرة! والجدير ذكره والتركيز عليه، أن أكثر ما يجب أن تلحظه هذه العمليات من مصداقية في المقاربة وحسن التعاطي، ولجم تمنيات «المتصلين» الساعين لتمرير اسم لاعب بالواسطة إلى التشكيلات الوطنية، هو مع اللاعبين الواعدين، وتحديداً عند استدعاء أولئك الصغار من أشبال وناشئين لارتداء قميص الوطن، وهنا يجب بذل المزيد من الحرص كي لا يشعر أحدهم بالغبن أو المظلومية، وخصوصاً عند اختيار من لا يستحق وغض الطرف عمّن يسستحق! وما ذلك إلا تنفيذاً لرغبة فلان أو وساطة قوية من علان، أو لإرضاء الأهل!
في الحقيقة، ما دفعني لخوض غمار هذه التفاصيل، هي النتائج الأخيرة غير المشجّعة لبعض منتخباتنا الكروية الواعدة ، بالاضافة إلى سيل الملاحظات التي سمعتها من الزملاء والأصدقاء والخبراء، وحتى من أهالي بعض اللاعبين وصولاً إلى اللاعبين أنفسهم! لذا، ومن منطلق المسؤولية المهنية والوطنية، ارتأيت إسماع الصوت وإبداء الرأي.
من باب النصح الأخوي، وكي تأتي عمليات الاختيار خالية من أية شوائب، على أهل القرار الفني في جميع الاتحادات، وخصوصاً في الألعاب الجماعية، أن يفتحوا بيكار المراقبة والمتابعة والمحاسبة 180 درجة ليروا الصورة واضحة تماماً، والوقوف على آراء وتقارير مدربي الأندية حول مهارات وامكانات لاعبيهم بالتفصيل، مع تكليف «عيون فنية خفية» لمتابعة بطولات الفئات العمرية، ومن ثمّ على الأجهزة الفنية مجتمعة متابعة المباريات الأخيرة الخاصة بفرق المربع الذهبي للبطولات العمرية، مع الاشارة إلى أن جملة من هذه الأمور بحثتها بالتفصيل مع رئيس لجنة المنتخبات في الاتحاد اللبناني لكرة القدم مازن قبيسي ولمست اندفاعه وحرصه على متابعة كل شاردة وواردة بروح المسؤولية وبعين الحياد ورغبة في التطوير وسعي جاد للنجاح.
وعلى المقلب الآخر، أتوجّه إلى أهالي اللاعبين الصغار، تأكدوا بأن تدخّلاتكم في سير عمل المدربين ستنعكس سلباً على أداء أولادكم، فلا تأخذكم عواطفكم بعيداً، لترون أولادكم نجوماً والآخرين دون المستوى! وحتى عمليات لفت النظر من قبلكم للمدربين، سواء في النادي أو في المنتخب مرفوضة قطعاً، عليكم أن تجتهدوا في سياق توفير الراحة النفسية والبدنية والغذائية والارشادية، وأعتقد جازماً بأن التزامكم بهذه المعطيات هو بحد ذاته خدمة جليلة لوطنكم ولأولادكم.
ختاماً، عندما يعرف كل إنسان حدود صلاحياته، ويغلّب المصلحة الكبيرة على حساب المصلحة الضيقة، وتسقط من قاموسه مفردات «الاستنساب» و «التجارة» و«الواسطات» و «تصفية الحسابات»، لا بدّ أن تستقيم الأمور، وفي شتّى المجالات.