بلينكن يقدم جرعة دعم لميقاتي والحكومة… وانهيارات في جبهات الساحل اليمني/ تساكن مع جمود الملف القضائي والأزمة مع السعودية… وقرداحي: قضية كرامة / حردان رئيساً لـ«القومي»: نسعى لتيار مدني… ونحتاج لكل طاقة حزبية… وسنبقى ضمانة الأمة /
كتب المحرر السياسي
مع ارتفاع جديد في سعر صرف الدولار، يستمر الجمود السياسي والقضائي، والتسليم بالتساكن مع هذا الجمود في غياب فرص حلول قريبة، حيث الملف القضائي في انفجار مرفأ بيروت دخل في موت سريري مع الفوضى التي لحقت بتسمية القضاة المتقابلة للنظر بقضايا الرد المتبادلة، وبالمقابل الأزمة السعودية لا تنتظر زيارات موفدين ووزراء خارجية سيستقبلهم لبنان الأسبوع المقبل، وسط قناعة بأن الأزمة مفتوحة ولا يوجد بيد الموفدين خريطة طريق للحل، وليس أمام لبنان سوى الانتظار.
في هذا المناخ كان لافتاً كلام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وما حمله من جرعة دعم للحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي من بوابة الحديث عن تأمين الوقود، في إشارة علنية للتمسك ببقاء الحكومة، وتجاهل الموقف السعودي، والسعي لتأكيد التمايز عنه، أو رسم سقف للضغط السعودي هو الحفاظ على الحكومة وتشجيعها على معالجة التداعيات الاقتصادية، وهو ما ظهر في تفاؤل ميقاتي بالقدرة على استثمار مرحلة الجمود لإنجاز الملفات المتصلة بملفي الكهرباء والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بحيث يتحول الضغط السعودي على لبنان إلى واحدة من الأوراق الأميركية في ملفات المنطقة، كربط نزاع عنوانه مستقبل العلاقة بقوى المقاومة، تعقد مصادر متابعة للموقف الأميركي أنه سيشكل عنوان مرحلة ما بعد المفاوضات حول الملف النووي، بينما ترى مصادر في قوى المقاومة في المنطقة أن الصمود يشكل عنوان المرحلة، بانتظار التداعيات التي سيتركها المسار اليمني المتسارع الذي سجل أمس تطوراً كبيراً في جبهة الساحل، مع انسحاب القوى العسكرية المناوئة للجيش واللجان والأنصار من هذه الجبهة تخوفاً من تداعيات انتصارات جبهة مأرب، وارتدادها حصار لجبهة الساحل، ووفقاً للمصادر اليمنية فإن انهيارات جبهة الساحل قد تترك أثراً على تماسك جبهة عدن، في ضوء التناقضات التي تعصف بمكونات التحالفات الهشة التي تجمع الأطراف المناوئة لأنصار الله من جهة، ومرجعياتها المتناقضة السياسات في اليمن، كما تشير التناقضات بين توجهات كل من السعودية والإمارات، واحتمالات تبلور موقف للمجلس الانتقالي في عدن بدعم من الإمارات يتيح التوصل لتسوية تقوم على تحييد عدن، ما يعني قطع طرق الإمداد التي توفرها عدن لجبهات مأرب وتعز وشبوة، بينما تقول مصادر عسكرية يمنية باحتمال تواصل الانهيارات إلى عدن، وإتاحة فرصة قطاف معركة مأرب بدخول الأنصار إلى عدن أولاً، ما يعني حسماً سريعاً للحرب.
في قضية وزير الإعلام جورج قرداحي، جاءت زيارة قرداحي لرئيس مجلس النواب نبيه بري تتويجاً للموقف الداعم لقرداحي، بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وموقف رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، ليعلن قرداحي بعد لقاء بري أن تمسكه بعدم الاستقالة نابع من النظر إليها، كما نظر كثير من القيادات والأطراف بصفتها قضية كرامة وطنية، لا تمسك بمنصب.
الحزب السوري القومي الاجتماعي أكمل مساره التنظيمي بانتخاب المجلس الأعلى لرئيسه السابق النائب أسعد حردان رئيساً للحزب، بعدما انتخب الأمين سمير رفعت رئيساً للمجلس قبل أسبوعين، وقال حردان بعد انتخابه إن استهداف الحزب نابع من كونه الضمانة الرئيسية العابرة للمناطق والطوائف لمواجهة مخاطر مشروع التفتيت، إضافة للمساهمة المحورية للحزب في مشروع المقاومة على مدى عقود مستمرة، ودوره في الدفاع عن سورية إلى جانب جيشها وقوى المقاومة بوجه قوى الاحتلال والإرهاب، ومشروع الإسقاط والتقسيم، وأكد حردان ثبات الحزب على مواقفه وتمسكه بمبادئه ودوره، وحاجة الحزب لكل قومي اجتماعي للقيام بهذه المهمة، وفتح الباب لكل فرصة لحشد الطاقات داخل المؤسسات الحزبية لهذا الهدف، معلناً العزم على تأسيس تيار مدني لا طائفي يترجم إيمان الحزب بدولة لا يحتاج مواطنوها للعبور إليها للمرور عبر البوابة الطائفية.
وانتخب المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي في جلسة خاصة حضرها كل أعضاء المجلس، الأمين أسعد حردان رئيساً للحزب، مختتماً بذلك، استحقاقات الحزب.
وأكد حردان بعد انتخابه أن الحزب السوري القومي الاجتماعي، كان، ولا يزال، تلك الضمانة الأساسية التي تحمي مجتمعنا بكافة متحداته، وكل أمتنا، عبر عقيدته الموحدة الجامعة لكل أبناء شعبنا، وعبر أعضائه الذين يؤدون دورهم القومي في تحصين البلاد وحمايتها من كل الأخطار التي تحدق بها.
أضاف: ولأن الحزب يحمل هذا الهم القومي منذ تأسيسه، كان هدفاً مباشراً لكل أعداء الأمة السورية على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم. فاستهدفوه غير مرة في محاولات بائسة منهم لضربه أو حتى إضعافه. لهؤلاء نقول، سنواجه بكل قوانا أية محاولة تستهدف منع الحزب من القيام بدوره التاريخي وواجبه القومي. وفي هذه المواجهة نحن نحتاج إلى كل سوري قومي اجتماعي في الوطن وعبر الحدود ليضع إمكانياته بتصرف المؤسسة الحزبية التي ستبقى أبوابها مفتوحة أمام كل رفيق وأمين.
وتابع حردان: سيسعى الحزب بكل طاقاته إلى تأسيس تيار مدني – لا طائفي يجمع بين ثناياه المواطنين الذين يؤمنون بارتباطهم المباشر بالدولة دونما حاجة لوساطة المذهب أو الطائفة. فنحن، ومن خلال مبادئنا الإصلاحية، تقدمنا باقتراحات القوانين التي تذهب باتجاه ترسيخ الدولة المدنية العادلة الراعية لكل أبنائها.
ولا تزال مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في يوم «شهيد حزب الله» ترخي بظلالها على المشهد السياسي في ظل تعثر الحلول للأزمات التي تعصف بلبنان على رغم بروز إشارات إيجابية مصدرها الدولة اللبنانية بدأت بمواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تلتها مرونة ظهرت بين سطور خطاب السيد نصرالله وتوجتها تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي من عين التينة أمس برسائل إيجابية تجاه المملكة وربطه الاستقالة بضمانات من السعودية كان قرداحي أبلغها البطريرك الماروني مار بشارة الراعي ليضع أمس ورقة استقالته في عهدة عين التينة فور تقديم الضمانات اللازمة.
وبعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قال قرداحي: «لم أطرح موضوع الاستقالة مع برّي ويُصوّرون «قضية قرداحي» كأنها مشكلة لبنان الأساسيّة وتناسوا المصائب التي أوصلوا لبنان إليها». وتابع «إذا حصلنا على الضمانات التي أبلغتها للبطريرك الراعي فأنا حاضر ولستُ في وارد تحدّي أحد لا رئيس الحكومة ولا السعودية التي أحترم وأحبّ ونحن ندرس الموضوع و»منشوف التطورات وبس يكون في ضمانات أنا حاضر». وقال «مشكلة الحكومة ليست أنا وقبل نشر مقابلتي الحكومة لم تكن تجتمع ولا أعرف ما هو الحلّ واسألوا رئيس الحكومة». وختم «هناك ابتزاز وأعتقد أن السعودية ودول الخليج صدرها «أوسع من هيك» ولا نريد استفزاز أحد، وهناك مزايدات كثيرة من الداخل واستغلّوا قضيتي لتقديم براءة ذمة إلى الخليج».
وعكست أجواء عين التينة لـ»البناء» أن «الرئيس بري من موقعه السياسي يدرك عمق المأزق ولا يستسلم للواقع، وكونه صاحب المخارج للأزمات المستعصية، لم ولن يقصّر في السعي الدؤوب والدائم لإيجاد الحلول المناسبة للأزمات التي تواجه لبنان على كافة المستويات»، لافتة إلى أن «رئيس المجلس يحاول صناعة المناخ الإيجابي وتعميمه، لعلّه يرخي بثقله على المشهد الداخلي ويشق الطريق أمام وساطات وحلول توفيقية يجري العمل على إنجاحها». وأوضحت الأجواء أن «لا خريطة طريق متكاملة للحل لدى عين التينة في الملفات الثلاثة… الأزمة مع السعودية وقضية البيطار وأحداث الطيونة، بل طرح فصل هذه الملفات وقدّم مقترحاً لأزمة تنحي البيطار، وأن يأخذ القضاء مساره في كمين الطيونة، أما الحل مع السعودية فيحتاج إلى مناخ من التهدئة وتقدم مسارات الحوار في المنطقة لكي تنعكس إيجاباً على العلاقة بين الرياض وبيروت». وشددت الأجواء على أن «العودة إلى الالتزام بقواعد الدستور والقانون يشكّل الحل لأزمة القاضي البيطار».
وتشير مصادر مواكبة لمساعي الحلول لـ»البناء» إلى أن «الوسطاء الذين ينشطون على خط بيروت – الرياض، يعملون على تسوية تقضي بالحصول على تعهّدات طلبها لبنان من السعودية مقابل استقالة قرداحي، تتضمّن التراجع عن الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية التي اتّخذتها، وإعادة سفيرها إلى بيروت وعودة العلاقات إلى ما كنت عليه قبل الأزمة»، مضيفة: «قد تكون استقالة ميقاتي مقابل ثمن فك العزلة الدبلوماسية الاقتصادية المالية السعودية – الخليجية عن لبنان». إلا أن المملكة لم تصدر أي إشارات إيجابية بانتظار تبلور الوساطات، مع استبعاد مصادر دبلوماسية «حلحلة الأزمة لارتباطها بوضع المملكة في المنطقة وتحديداً في مأرب، فالرياض لن تقبض الثمن في لبنان بل بمكان يتّصل بأمنها القومي في اليمن».
ورجحت المصادر «إطالة أمد الأزمة مع السعودية التي لن تتراجع عن سقف مواقفها وشروطها في الوقت الراهن، بل ستتصلب أكثر وتُمعِن في إجراءاتها ضد لبنان لتجميع أوراق قوة لتعزيز موقعها التفاوضي في مسار الحوارات والمفاوضات الدائرة في المنطقة».
وأفادت مصادر مقربة من «حزب الله» بحسب قناة «أو تي في» بأن «كلام السيد حسن نصرالله، أراد به سحب أي ذريعة، من دول الخليج للتصعيد، وأنه حريص على اللبنانيين»، موضحة أن «التصعيد لا ينفع في هذه المرحلة». ونقلت القناة عن مصادر في بعبدا، أن «كلام السيد نصرالله فتح كوّة للتهدئة، والأهم كيف يترجم ذلك لحل الأزمة مع دول الخليج».
واللافت هو الحملة الإعلامية التي تشنها بعض وسائل الإعلام المحلية والشخصيات السياسية اللبنانية على حزب الله وعلى الحكومة والتسويق لإجراءات قد تلجأ إليها السعودية وبعض دول الخليج ضد لبنان، علماً أن السعودية لم تعلن رسمياً عن هذه الإجراءات وهذا ما قصده الوزير قرداحي بأن بعض الجهات الداخلية تصب الزيت على نار الأزمة لتقديم براءة ذمة وأوراق اعتمادها للسعودية ودول الخليج، ولم يصدر قرار رسمي من دولة الكويت بحسب المعلومات بوقف تأشيرات الدخول للبنانيين إلى الكويت.
على مسار مواز، أكدت مصادر ثنائي «أمل» و»حزب الله» لـ»البناء» أن «الحكومة ما زالت معلقة على أزمة البيطار التي لم يسجل أي حل عملي لها بانتظار المساعي التي يبذلها ميقاتي مع الثنائي»، موضحة أن «الرئيس بري يسعى جاهداً لفصل الملفات، أي تنحية البيطار عن ملاحقة الرؤساء والوزراء ووضعها في عهدة المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء، وإبقاء بقية الملف بعهدة المحقق العدلي الحالي، ومن ثم يضع الأخير قراره الظني ويحيله إلى المجلس العدلي وتنتهي مهمته، ما يمهد الطريق لعودة وزراء أمل وحزب الله والمردة إلى الحكومة، ويجري بحث قضية الأزمة الدبلوماسية مع السعودية. وفي حال عدم الاتفاق على حلها، تُكمل الحكومة عملها بشكل طبيعي في معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية».
واتهمت المصادر فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بتعطيل مبادرة البطريرك الراعي الذي أعلنها من عين التينة بالتوافق مع رئيس المجلس، وذلك بهدف الاستثمار فيها في الانتخابات.
وأكد مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف، خلال تكريم أقامه الحزب لمراسلي وسائل الإعلام اللبنانية ومديري المواقع الإلكترونية، في صور، إلى أنه «كان يمكن أن يقابل تصريح وزير الإعلام، بتصريح لوزير الإعلام في الدولة الموجه لها الكلام، وكذلك في ما يتعلق بالبيانات الرسمية، التي تصدر عن الحكومة، لا أن ننحو إلى منحى اسمه قطع العلاقات مع لبنان، وسحب السفراء وعقوبات اقتصادية، وعليه فإننا لا نعلم إلى ما ستؤول إليه الأمور في مستقبل الأيام». وأشار عفيف، إلى أنه «تم توجيه اتهامات لحزب الله على خلفية مواقف متعددة، على أن الحزب يقوم بدفع الوضع في البلد إلى حد قطع العلاقات مع العمق العربي، وهذا كذب صريح، وعليه، فإن القضية العربية الجامعة هي فلسطين، وحزب الله قريب من فلسطين، فالعروبة الحقيقة مقياسها فلسطين والشعب الفلسطيني ومقاومة الشعب الفلسطيني والشهداء والجرحى والأسرى من الفلسطينيين»، متسائلاً: «هل العرب هم فقط السعودية ودول الخليج، أليس هناك عرب آخرون في سورية والعراق واليمن وليبيا والجزائر، والأشقاء في المغرب العربي، فلماذا تخلق هذه الأزمة، وتفتعل فقط في ما يتعلق بالسعودية ودول الخليج».
في المقابل شدد البطريرك الراعي خلال زيارته دار الطائفة الدرزية في فردان حيث استقبله شيخ العقل سامي أبي المنى أن «شعبنا يفتقر والدولة تتحلل وكأنها من كرتون ونحن نحمل هذه المسؤولية لنسمع شعبنا كلمة رجاء وأمل للمستقبل ودورنا مخاطبة ضمائر المسؤولين».
وبحسب معلومات «البناء» فقد أدركت القيادات الرسمية بأن الأزمة الحكومية ستطول، ما يستوجب ملء الفراغ باجتماعات للجان الوزارية لمعالجة القضايا الملحة وتحضير الملفات لكي تكون جاهزة ريثما تعود جلسات الحكومة. وبالفعل باشر الرئيس ميقاتي بتكثيف اجتماعات اللجان الوزارية والاجتماعات الجانبية، فاجتمع أمس مع كل من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، ووزير الزراعة عباس الحاج حسن، وعرض معهما شؤون وزارتيهما. كما عقد اجتماعاً حكومياً – أممياً في السرايا الحكومية، خصص لبحث النسخة الأولى من استراتيجية الحماية الاجتماعية، التي تم وضعها بالتعاون بين الحكومة اللبنانية مع المؤسسات الأممية بما فيها «اليونيسف» و»منظمة العمل الدولية» و»منظمة الأغذية العالمية»، كجزء من إطار التعافي والإصلاح وإعادة الإعمار».
وفي المواقف الدولية أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن ميقاتي «لديه خطة جيدة للدفع بلبنان إلى الأمام»، مشدداً على «أننا نعمل على توفير الوقود في لبنان، ونعمل مع الجيش هناك لضمان الاستقرار».
وكان لافتاً البيان الصادر عن مكتب الأمم المتحدة في بيروت بعد زيارة مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان أوليفييه دي شوتر لبنان، وقال فيه إن «الحكومة اللبنانية تعيش في عالم خيالي وهذا لا يبشر بالخير». وأشار إلى أن «ما قامت به السلطات اللبنانية من تدمير للعملة الوطنية، وإدخال البلد في مأزق سياسي، وتعميق أوجه عدم المساواة التي طال أمدها، قد أغرق لبنان في فقر مدقع»، مضيفاً «لبنان ليس دولة منهارة بعد، لكنه على شفير الانهيار، وحكومته تخذل شعبها».
وقال «أدى تدمير الليرة اللبنانية إلى تخريب حياة الناس وإفقار الملايين. وتسبب تقاعس الحكومة عن مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة بحالة بؤس شديد لدى السكان، ولا سيما الأطفال والنساء وعديمي الجنسية والأفراد الذين لا يحملون وثائق، والأشخاص ذوي الإعاقة الذين كانوا مهمشين أصلاً». وتابع «أن الأزمة المصنعة تدمر حياة السكان، وتحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلاً بعد جيل». وأضاف: «في حين يحاول السكان البقاء على قيد الحياة يوماً بعد يوم، تضيع الحكومة وقتاً ثميناً في التهرب من المساءلة وتجعل من اللاجئين كبش فداء لبقائها».
وفي غضون ذلك تقدمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية إلى الواجهة في ظل الارتفاع القياسي والتدريجي لسعر صرف الدولار الذي رفع بدوره مختلف السلع والخدمات، لا سيما المحروقات التي سجلت ارتفاعاً إضافياً ظهر خلال جدول التسعيرة الصادر عن وزارة الطاقة، فيما أفيد بأن وزارة الطاقة قد تضطر لإصدار أكثر من جدول أسعار أسبوعياً وربما يومياً لمواكبة تغير الأسعار ربطاً بتبدل سعر الصرف، ما يطرح سؤال: ماذا لو حلق سعر الصرف باتجاه الـ25 ألف ليرة أو 30 ألفاً أو أكثر؟ فأي سعر ستبلغه سعر صفيحة البنزين والمازوت والغاز؟ وكيف سيتمكن المواطنون من إكمال حياتهم وتأمين قوت يومهم والخدمات الأساسية والتنقل والانتقال إلى أعمالهم في ظل هذا الواقع؟ لا سيما أن الحكومة لم تتخذ أي إجراء للتخفيف من وطأة الأزمات كإقرار البطاقة التمويلية على رغم إقرارها كقانون في المجلس النيابي ولا إقرار بدل نقل أو تحسين الرواتب للموظفين؟ وتوقعت مصادر اقتصادية ارتفاع اضافي بسعر الصرف وبالمواد الغذائية مع بدء التجار التسعير على سعر 24 ألف ليرة للدولار بحسب مصادر «البناء» بموازاة اتجاه مصرف لبنان لرفع الدعم كلياً عن أغلب الأدوية.
وعزا خبراء اقتصاديون سبب ارتفاع سعر الصرف إلى تعطيل عمل الحكومة والمناخ السياسي المتوتر بشكل عام، والأزمة الدبلوماسية مع السعودية ودول الخليج، وطلب مصرف لبنان من شركات استيراد النفط 10 في المئة بالدولار ما دفعهم للحصول عليها من السوق السوداء ومن الصرافين، إضافة إلى وجود تطبيقات إلكترونية تقوم بالتلاعب بالأسعار وفق مصالح من يتحكم بها للضغط السياسي في الصراع الداخلي. هذا إضافة إلى إعلان شركة الاستشارات المالية العالمية «لازارد» عن خطتها المالية للبنان وتتضمن إعادة هيكلة المصارف و»هيركات» على الودائع المصرفية، وطرح سعر صرف للدولار أعلى من السوق الموازية ما أحدث حالة من الهلع لدى التجار الذين اندفعوا لشراء الدولار قبل ارتفاع سعره.
على صعيد آخر، أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون نائب رئيسة المفوضية الأوروبية السيد مارغاريتس سكيناس الذي استقبله في قصر بعبدا، أن لبنان الذي يتفهم الهواجس الاوروبية حيال الهجرة غير الشرعية إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبي يأمل بأن يتفهم الاتحاد الهواجس اللبنانية على هذا الصعيد، لا سيما أنه يستضيف على أراضيه أكثر من مليون و500 ألف نازح سوري ونحو 500 ألف لاجئ فلسطيني، وقد تركت هذه الاستضافة تداعيات كثيرة على الاقتصاد اللبناني وزادت من تفاقم الأزمات المالية والاجتماعية والتربوية والصحية التي يواجهها. وأكد أن «لبنان الذي يتخذ التدابير الآيلة إلى منع الهجرة غير الشرعية من أراضيه، يأمل بأن يلقى معاملة بالمثل من دول العالم ولاسيما الدول الأوروبية، لأنه لم يعد في مقدوره تحمل المزيد من الأعباء التي ساهمت في تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية فيه»، لافتاً إلى أن «استمرار المجتمع الدولي في تجاهل الدعوات اللبنانية لتسهيل عودة النازحين السوريين إلى وطنهم، بدأت تحدث شكوكاً بأن ثمة من يعمل لإبقائهم في لبنان، وهذا ما لا يمكن للبنانيين القبول به نظراً للتأثير السلبي الذي يحدثه في الوضع الديموغرافي المرتكز على التوازن بين مختلف المكونات اللبنانية».