رئيس المجلس الأعلى سمير رفعت: نحارب كلّ من يحاول عرقلة المسيرة التي قامت لتلعن الظلام الأمل عنصر هامّ في الحياة الإنسانية وحافز على النجاح والأمل بمستقبل أمتنا غاية سامية في النفوس المؤمنة بحقيقتها
بمناسبة العيد التاسع والثمانين لتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، عقد رئيس الحزب النائب أسعد حردان اجتماعاً مع هيئات المنفذيات في لبنان، في قاعة دار سعاده الثقافية والاجتماعية في ضهور الشوير، بحضور رئيس المجلس الأعلى سمير رفعت، الرئيس السابق للحزب وائل الحسنية وعدد من أعضاء القيادة المركزية.
بعد الافتتاح الرسمي، وقف المجتمعون دقيقة صمت تحية لأرواح شهداء الحزب والأمة السوريةـ.
كلمة رئيس الحزب
وكانت كلمة لرئيس الحزب الأمين أسعد حردان قال فيها:
كما النور ينتصر على العتمة والشمس على الغيوم والفجر على الظلمة، هكذا هو السادس عشر من تشرين الثاني نور وهّاج بعد عتمة حالكة، وشمس ساطعة بعد غيوم ملبّدة، وفجر منبلج بعد ظلمة داكنة على أمتنا.
ندخل عامنا الحزبي التسعين، والمسيرة مستمرة بآمالها وآلامها، بأفراحها وأتراحها، بمعتنقي العقيدة الأحياء منهم والشهداء. تسعة وثمانون عاماً مضت والقوميون يراكمون الإنجازات فكراً وممارسة، إيماناً واستشهاداً، تسعة وثمانون عاماً وشلالات العطاء الممهورة بالأحمر القاني دفاقة بوجه الانتداب والاحتلال والإرهاب. الانتداب المقنع يعني الاستعمار المقنع الذي سيأتي الكلام عنه بعد دقائق، وشقائق النعمان تزهر في بيادر النهضة حقاً وخيراً وجمالاً.
أجيال تلو أجيال تحمل المشعل بثبات ووفاء، بإيمان والتزام، تسكن النهضة وجدانها وتفرح بلذة العطاء. إنه التأسيس للفعل الصراعي الذي غايته تحقيق النهضة، وكم تثبت الأيام الحاجة إلى فكر سعاده وقدوته النضالية ورؤيته الاستشرافية الفذة، وهذا يلقي على رفقائه تبعات إضافية عنوانها التحقيق الأمثل للرسالة النهضوية.
وإذا كان للحزب السوري القومي الاجتماعي أن يحتفي بمحطة انطلاقته التاريخية فهو احتفاء بالقيم التأسيسية المفتوحة على العقل والنضال والأخلاق والتطور الإنساني الذي لا تقيّده حدود ولا تأسره حتميات. أراد سعاده حزب النهضة مرجلاً يغلي إيماناً حاراً ونهجاً أنموذجياً. كما أراده إنجازات عملية تتخطى الشعارات.
حزبنا إذاً، فكرة وحركة، وهو القدوة في العطاء والتضحية والنضال.
تطلع سعاده إلى أمة قوية فاعلة قادرة تجتمع كلّ مكوّناتها لمواجهة ما يتهدّدها حتى في كياناتها. وتطلّع في لبنان إلى التماسك الاجتماعي، وإلى إلغاء الطائفية من النفوس والنصوص بل من الحياة كلها.
الحزب السوري القومي الإجتماعي في صلب حركة الصراع منذ تسعة عقود، والقوميون قدّموا خلال هذه السنوات تضحيات جساماً في سبيل انتصار قضيتهم، ورفضاً للواقع الذي فرضه الاستعمار تجزئة في عموم البلاد، ونظاماً طائفياً في لبنان الموحد في الشكل، الممزق في المضمون. وهو كناية عن طوائف ومذاهب تتصارع وتتناتش على ما تعتبره مكتسبات لها.
وفي مواجهة هذا الواقع المفروض، حذّرنا من خطر الطائفية والمذهبية الهدام، غير أنّ قناعات الطائفيين والمذهبيين مستسلمة لمنطق الاستعمار وما يُسمّى مكتسبات لهذه المجموعة أو تلك، ولذلك كان حزبنا بما يمثل من فكر وحدوي في مواجهة مستمرة مع النظام الطائفي، وكان القوميون عرضة للقتل والاعتقال والسجن والتشريد.
ولأنّ النظام الطائفي ولادة أزمات وحروب، رأينا في التوافق والاتفاق الذي وضع لبنان على سكة السلم الأهلي فرصة لقيام دولة لا طائفية، وسن قوانين عصرية تحصن الوحدة الوطنية وتصون مبدأ المواطنة على قاعدة المساواة. ولكن للأسف، فإنّ القوى الطائفية بدل أن تأخذ العبرة من الحرب غطست في وحل المكتسبات بعناوين طائفية مؤسسة للحرب، اختارت الاستمرار في المستنقع ذاته.
لبنان يمرّ بمرحلة خطرة، لا ضمانات فيها إلا ضمانة الوعي والإدراك عند جزء من المواطنين، وعدم قدرة الجزء الآخر على إحداث الفوضى الشاملة. لذلك، ننبّه إلى خطورة العودة بلبنان إلى مربع الحرب الأهلية، وهو مربع يحضر فيه بقوة العدو «الإسرائيلي» والإرهاب الخارجي والداخلي.
الحزب السوري القومي الاجتماعي معنيّ بأن يبذل جهداً مضاعفاً لبناء القوة اللازمة في مواجهة ما يتهدّد هذا البلد من تفكك وتشرذم وفوضى. وبأسف نقول، الحزب تعرّض للاستهداف بعد أن تسللت «السوسة» الإضعافية إلى داخله. والمعروف عن حزبنا أنه حين يواجه خطراً خارجياً تتضاعف قوته، أما حين يتمّ إشغاله داخلياً فلا يستطيع أن يؤدّي دوره كاملاً لحماية البلاد، لذلك، نحن أمام مؤامرة تستهدف حزبنا وكلّ مجتمعنا.
نحن مصمّمون على مواجهة الخطر، وهذا المسار بدأ بتثبيت الاستقرار الداخلي في الحزب من خلال عقد المؤتمر العام ومن ثم التئام المجلس القومي وانتخاب أعضاء المجلس الأعلى وهيئة منح رتبة الأمانة، وما تبعها من استحقاقات حزبية توّجت بانتخاب رئيس جديد للحزب. وسنستكمل هذا المسار بتشكيل السلطة التنفيذية والمكتب السياسي ووضع الخطط لتفعيل دور الحزب في تصدّيه للمؤامرة التي تحاك ضدّه وضدّ وحدة لبنان والأمة السورية.
نحن معنيون بأن نرفع من جهوزيتنا لمواجهة كلّ خطر أو تهديد يستهدفنا، فهناك حرب اقتصادية تجويعية مصحوبة بفتائل لإشعال الفتن الداخلية في لبنان. وهناك من يحاول إيصال البلد ليصبح غير قابل للحياة. وهذا استهداف لعناصر قوة لبنان، يقوده كيان العصابات الصهيونية بدعم أميركي وأوروبي وموافقات من بعض الدول العربية.
لذلك علينا أن نكون في جهوزية فعلية نفسياً وتنظيمياً، وبفعالية أكبر مما نحن عليه الآن. وأريد أن أقول لكم إنكم أعطيتم خلال الفترة القصيرة السابقة جهداً كبيراً، وكنتم صمّام أمان الحزب وسبب استقرار. فلنواصل هذا الجهد لتعزيز قوة حزبنا، لأننا لن ننتظر سحر ساحر ليخرجنا من النفق الذي يضعنا فيه التدخل الخارجي من كيان العدو وأوروبيين وبعض العرب.
الخروج من هذا الموضوع هو برفع مصلحة البلاد ووحدتها فوق كلّ الاعتبارات، وهذا العنوان وحده يحمي لبنان. وإنٍ لم نصل إليه ستبقى إرادتنا مرتهنة للخارج.
نحن ندعو كلّ القوى وعلى رأسهم رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة إلى إطلاق حوار داخلي لإخراج لبنان من محنته، تحت عنوان المصلحة اللبنانية العليا، لأنه لا يمكن الاستسلام لمقولة «لا دخل لنا بالمقاومة». هذا الاستسلام يعني عدم الاعتراف بوجود عدو يتهدّد أمننا واستقرارنا. وهذا الاستسلام سببه غياب الشعور الوطني والإحساس بالمسؤولية رغم أنه لا يزال هناك عدو يتربّص بنا يومياً. فالمطلوب وحدة رؤية حول هذا الموضوع للعمل على معالجته.
نحن نتمسك بثلاثية الشعب والجيش والمقاومة. ومن الطبيعي أنّ كلّ بلد حين يتهدّده عدو خارجي يذهب باتجاه استنفار كلّ طاقاته وإمكانياته للدفاع عن نفسه. وهذه الطاقات هي الشعب والجيش وكلّ من يتمكّن من حمل سلاح وقتال العدو. لذلك فإنّ اللبنانيين وخاصة أبناء الجنوب اللبناني معنيون بالدفاع عن أرض الوطن إلى جانب الجيش وأن يكون هناك احتضان لهذه المقاومة، فإذا لم ندافع عن أرضنا لن يبقى هناك وسط أو شمال أو بلد برمّته.
نحن نريد لبنان بلداً قوياً فعّالاً يمتلك جيشاً قوياً ومقاومة قوية وشعباً متهيئاً للدفاع عن أرضه وسيادته. هذا هو لبنان الذي نرغب ونريد، لبنان الحرية والصراع الفكري. وتحقيقاً لمصلحة لبنان، نجدّد دعوتنا دول المشرق للتساند اقتصادياً، من خلال مجلس تعاون مشرقي. فكلّ الدول المتجاورة تتعاون في مواجهة الاستعمار والحصار.
في لبنان شهدنا صخباً عالياً وسمعنا شعارات إصلاح ممن ادّعوا الثورة والتغيير، وقد امتلأت وسائل الإعلام بكلّ هذا المشهد. لكن المؤسف أنّ كلّ ما حصل لم يكن سوى أداة ضغط على لبنان، ضالعة فيه قوى وسفارات. وفي ظلّ هذا الضغط تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي وزادت الأعباء على اللبنانيين.
الإصلاح السياسي يبدأ بقانون انتخابي قائم على العدالة وصحة التمثيل، لكن البعض يرفض السير بقانون عصري موحد، ويبحث عن قانون انتخابي يضيف إليه نائباً بالزائد ويمنع عنه خسارة نائب آخر. ويبقى الحلّ الأمثل بقانون انتخابات قائم على أسس لبنان دائرة انتخابية واحدة على قاعدة النسبية ومن خارج القيد الطائفي.
باب الإصلاح الاقتصادي يطرق أولاً بيد الحرص على مصلحة الدولة وحماية المواطن الذي بات رهينة لعدد محدود من الشركات المحتكرة للدواء، تمنعه عن ذوي الدخل المحدود وحتى المتوسط.
لقد أثبتت الأزمة الأخيرة أنّ السمة العامة للتغييرين هي خدمة أجندات خارجية، وهناك أموال تدفع في هذا الاتجاه، لذا علينا أن نعزز تحالفاتنا مع القوى التي تشبهنا. وأن نذهب إلى صياغة تحالفات سياسية تحفظ للحزب حضوره ومكانته الشعبية في الإستحقاقات المقبلة.
إنّ مؤسّسات الحزب ستناقش الاستحقاق الانتخابي المقبل في لبنان، وستعمل على أساس الاستماع إلى آراء القوميين في المناطق التي سيكون لدينا مرشحون فيها وفي كيفية تحالفاتنا.
نحن الآن في اتجاه عمل جدي تستعيد المؤسسة الحزبية هيبتها من مجلس عُمد ومنفذيات. والمطلوب الآن من القوميين الكثير من الجدية لاستعادة هيبة الحزب في المجتمع، لذلك أقول لكم إنّ المراحل المقبلة جدية وتتطلب العمل، نحن لم نخسر أيّ معركة عسكرية واحدة ولذلك دخلنا المعادلة السياسية ونتعرّض للمحاربة، ولكننا سنبقى ضمن المعادلة بقوتكم بجديتكم وحضوركم وأنتم من سينتصر.
في ما يتصل بالشام سيكون هناك اجتماع عام مع رفقائنا هناك. وسنتحدث عما مرّ بنا وعن طبيعة المرحلة.
لقد اتخذنا قرار القتال دفاعاً عن أرضنا ووحدة شعبنا ضدّ الإرهاب في خندق واحد إلى جانب جيشنا القومي ـ جيش تشرين البطل، وحرصنا على صمود شعبنا وإعلاء شأن الحزب وفعاليته.
ونحن بدأنا القتال في الشام بإمكانيات ضيئلة، لكننا دخلنا المعارك بالتنسيق مع الجيش، وقدمنا الشهداء والجرحى ولنا الفخر أنّ الشام استعادت عافيتها ونحن إلى جانبها.
نحن لدينا خطاب واحد في لبنان والشام وفلسطين والعراق والأردن أنّ سياستنا هي وحدة شعبنا وأننا نقاتل إلى جانب الحق ونحن طرف يطرح وحدة المجتمع وقدراته وإمكانياته في وجه هذا العدو.
وبصورة أخصّ في جنوبنا السوري ـ فلسطين… فنحن معها ولها طوال الوقت حتى تتحرّر بوحدة الشعب. فمسألة فلسطين في الصميم العراقي والشامي واللبناني وفي أولويات الحزب السوري القومي الاجتماعي هي البوصلة، نسعى بكلّ طاقتنا لتوحيد وجهة النظر والرؤية بين الفاعليات الفلسطينية.
وأفرد رئيس الحزب حيّزاً للحديث عما أصاب الحزب خلال الفترة الماضية، وأوضح كلّ المبادرات التي قدّمتها المؤسسة الحزبية، مؤكداً أنّ الحزب ضنين باستعادة كلّ قومي اجتماعي، وبأنّ هناك لجنة ستشكل لمتابعة هذا الأمر الذي أقرّه المؤتمر العام.
التأسيس ليس شعاراً فقط إنما هو محطة رئيسة وعنوان انتظام وانتماء، لذلك لا بدّ أن نضع كلّ قدراتنا في سبيل حزب منظم، مؤمنين بطاقات القوميين وإمكانياتهم التي يزخر بها حزبنا وبنظامه ومؤسساته وجديته وفعاليته وإنتاجه وانضباط أبنائه الذين بهم تنتصر القضية.
كلمة رئيس المجلس الأعلى
وكان رئيس المجلس الأعلى سمير رفعت ألقى كلمة في بداية اللقاء بمناسبة عيد التأسيس قال فيها:
ليس التأسيس تاريخاً منفصلاً بذاته…
فالتأسيس بدأ في الأول من آذار، يوم ولد فتى الربيع، واستكمل في السادس عشر من تشرين الثاني، وخُتِم وعُمّد بالدم في الثامن من تموز، حين أعلن الزعيم وقفة العز، «أنا أموت أما حزبي فباقٍ».
فالشاب المهجري الذي وعى باكراً مشكلات وطنه، راح يحذر وينشر ويحضّ على قيام نهضة تدرأ خطر الحركة الصهيونية، ويحلم بتنظيم يُجَسّد فكره الوطني النيّر فكانت «جمعية الشبيبة الفدائية السورية»، وكان «حزب الأحرار السوريين» حتى اقتنع انّ النضال البعيد في بلاد الاغتراب سيبقى محدود النتائج، ولا بدّ من العمل على أرض الوطن، مؤمناً أنّ «في الوطن نفسه لا في المهجر يُصنع مصير الوطن ويتأمن مستقبله». فعاد سعاده الى الوطن الأم، وفيه أسس العام 1932 الحزب السوري القومي الاجتماعي، واضعاً دستوره ومبادئه وغايته.. ومنذ ذلك التاريخ بدأت الأمة نهضتها الجديدة، بدأت تنفض عنها عفن الماضي. وتتطلع إلى فجر جديد، فيه الحرية والاستقلال والسيادة، هذا الفجر القائم على دعائم الحرية والواجب والنظام والقوة. وهنا برهن سعاده «أن الأمة لا تنهض إلا بقضية عظمى كاملة، ولا تنتقل من حياة إلى حياة إلا بحركة خلق تأسيسية، شاملة جميع نواحي الحياة»، و»الأمة التي تنظر دائماً وأبداً إلى الوراء، لا تستطيع السير إلى الامام، وإذا سارت فإنها تتعثر، فلننظر دائماً إلى مثلنا الاعلى، إلى الأمام».
وبفعل هذا الفكر النيّر، إنتشر الحزب كمدرسة فكرية نضالية رائدة، تخرّج منها كثيرون وتأثر بها كثيرون، سياسة وفكراً وأدباً ونضالاً طليعياً شريفاً، انطلاقاً من المقياس الأساس «مصلحة سورية فوق كلّ مصلحة»، وعلى هذا المقياس، كان المقاومون النسور الاستشهاديون، طليعة إنتصاراتنا في معارك العز. «فعظمة الحزب السوري القومي الاجتماعي، التي لا عظمة بعدها، هي في إيجاد الوجدان القومي وإظهار شخصية أمة عظيمة، كانت مهملة، وإيجاد أسُس نهضة تحقق وصول الأمة إلى مرتبة الحياة المثلى اللائقة» كما قال المعلم.
وصوناً لهذه العقيدة يقول المعلم «إن الحزب السوري القومي الاجتماعي، هو صاحب الرسالة القومية، وهو المنظمة القومية العاملة على تنظيم العقائد والفكر، والعمل في مجموع الأمة.. ومؤسساته هي التي تضبط أعمال الأفراد، فتربطهم بمبادئ وبرامج وقوانين وصلاحيات ومسؤوليات.. من شذّ عنها فقد برهن على عدم كفاءته للاضطلاع بالمبادئ والمسؤوليات».
ولأنّ الأمل هو العنصر الهام في الحياة الانسانية والحافز على النجاح، ولأنّ الأمل بمستقبل أمتنا غاية سامية في النفوس المؤمنة بحقيقتها، رأى سعاده «انّ القومية الاجتماعية هي التي تشكل الأمل الوحيد للخلاص من الحالة المخزية، ولأنها ترتبط بقضية الأمة، لذلك نكوّن نحن هذا الأمل الوحيد لهذه الأمة»، ولأنّ القومية هي روح الشعب وشعوره بشخصيته، فقد طالبنا المعلم أن نثق بأصالتنا ونفسيتنا الجميلة، بما فيها من حق وخير وجمال، وطالما أننا نستمدّ مثلنا العليا من نفسيتنا، فمبدأ «سورية للسوريين والسوريون أمةّ تامة» حرر نفسيتنا من فقدان الثقة بالنفس، والتسليم للارادات الخارجية… وبفعل هذا المبدأ فإن أفعالنا ووقائعنا ستتثبت حكم إرادتنا التي لا تعرف عجزاً.
ولأننا نثق، ولأننا نأمل، كانت المبادئ هي القيمة الاساسية في حياة الانسان، وإعتبر سعاده «إنّ الحياة الإنسانية بلا مبادئ يتمسّك بها الإنسان، ويبني بها شخصه ومعنى وجوده، هي باطل».
ولأننا تعاهدنا على محاربة النزعة الفردية يقول سعاده: «لا يستحي الفرد ان يحنث بيمينه، أو أن يتخلى عن عمل قومي اجتماعي أو سياسي أو غيره، لمجرد أنّ الأمور لم تجر حسبما يشتهي، أو لأن يعد نفسه أكبر من أن يقبل حكم المنظمة ويعمل بموجبه»، هذا حكم الزعيم في النزعة الفردية، وهنا أهمية المؤسسات التي تح وحدة وحدة الاتجاه ووحدة العمل».
وعلى هذا المبدأ تمّ استكمال مؤسساتنا الحزبية، فكان المؤتمر العام وكان المجلس القومي وكان المجلس الأعلى وهيئة منح رتبة الامانة ورئاسة الحزب.
أخيراً نقف جميعاً امام الزعيم المؤسس مستحضرين الفجر الذي انبلج في السادس من تشرين الثاني، نحاول ان ننير الطريق لنعود الى وحدة الروح ونكشح الظلام، ونحارب كلّ من يحاول عرقلة المسيرة التي قامت لتلعن الظلام.
في عيد التأسيس أحيّي باسم المجلس الأعلى الموقر شهداءنا المنارات، الذين عبّدوا لنا طريق النصر.. فكان الزعيم المؤسس الذي أعلن انّ موته شرط لانتصار قضيته، وكان غسان جديد ووجدي الصايغ ومالك وهبي وسناء محيدلي وابتسام حرب وزهر أبو عساف ومحمد قناعة ونورما أبي حسان وعلي غازي طالب ومريم خير الدين وخالد أزرق ونقولا سعاده وسعيد العاص وعمار الأعسر وخالد علوان وأحمد عبد الغفور ومحمد الزغبي وفؤاد شمالي ووسيم زين الدين وبشير عبيد وكمال خير بك وأدونيس نصر وكثيرون كثيرون مشاعل مضيئة على درب النهضة، ردّوا وديعة الأمة للأمة، وقارعوا يهود الداخل والخارج، وكلّ منهم يحاول شرذمة حزب النهضة أداة انتصار الأمة، خدمة لعدو الداخل والخارج، وهذه النهضة التي قاربت التسعين لكنها لا تشيخ لأنها تكبر فيكم وبكم.