في لقاء النجوم المتجدد في برج البراجنة تأكيد على أن كرة القدم أكثر من لعبة شعبية!
ابراهيم وزنه
… ويتجدد اللقاء بين نجوم الزمن الجميل، أولئك الذين إعتزلوا الملاعب منذ زمن طويل لكنهم أجادوا في احترافهم حبّ التلاقي مع المحافظة على صداقاتهم التي نسجوها فوق المستطيل الأخضر قبل عقود بخيوط الاحترام المتبادل، ليبرهنوا بأن كرة القدم أكثر من لعبة شعبية، بل هي ـ لمن أراد الاعتبار ـ لعبة إنسانية وإجتماعية بامتياز، وأجمل ما في اللقاء أنه خالٍ من المنغّصات السياسية وحافل بالتنكيت وفلفشة الذكريات .
على قارعة الطريق في محلة برج البراجنة التي خرّجت المئات من الموهوبين الكرويين، وأمام منزل الأخوة فرحات، بسام وحسين وعامر، أصحاب الخبرة والباع الطويل في الملاعب، ترتسم الابتسامات وترتفع الأصوات مرّحبة بالضيوف الكبار، والذين يحرصون بدورهم على مبادلة مستقبليهم بذات المشاعر مع حبّة مسك.
.. وكالعادة، تغيب وجوه وتحضر أخرى للمرّة الأولى، وفي سجلات جميع الحاضرين نقرأ سطوراً من التألق والعطاء في ميادين الساحرة المستديرة … بداية، يسأل الحاضرون عن الغائبين، يطمنئون إلى أحوالهم الصحية والمعيشية، والدعاء بالتوفيق عبارة ترسلها الشفاه من أعماق القلوب، وفي مقدّمة الحاضرين باكراً الدكتور خليل الموسوي ولاعب النجمة السابق حافظ جلول وإداري شباب البرج علي فوزي الحركة والخبير التحكيمي الأستاذ محمد حاطوم وحسان فرحات وعدنان جلول ونجله أحمد لاعب الصفاء وهم من أركان هذا اللقاء الاسبوعي.
أهلاً وسهلاً بالكبير في بيته، ترحيب خاص بالحاضر للمرّة الأولى، مختار بيروت واللاعبين محمود برجاوي «أبو طالب» الذي وصل بصحبة الكابتن جمال الخطيب ولاعب الأنصار الخلوق ناصر بختي، فأضفى «البرجاوي» بخبرياته وفواصله الطربية جوّاً من الفرح والتشويق، وقد وعد بتلبية الدعوة كلما سنحت له ظروفه، وقبل أي حديث، يقرأ الحاضرون السورة المباركة الفاتحة عن روح الراحل عدنان الشرقي مع استذكار بعض من تاريخه على ألسنة الخطيب وأبو طالب وحسين فرحات وبختي، والدعاء بالشفاء العاجل التام للمدرب الوطني محمود حمود، وهنا لا بدّ من التوضيح بأن اللقاء غالباً ما يزيد إشعاعاً وتنداح دائرته إتساعاً في كلّ مرّة يحضر فيها المحاضر الدولي أحمد فستق القادم من قطر إلى مسقط رأسه في برج البراجنة للاطمئنان إلى أقاربه والاستئناس برؤية رفاقه الأوائل، ومن الوجوه الجديدة أيضاً، المهندس الكروي لاعب النجمة أيّام العز عماد مرتضى وزميله المصرفي الصلب صالح كركي، العقيد الرياضي المشهود له بهدوئه محمد أحمد، الزميل الموسوعي حسن التنير، وغسان حاطوم ومحمد رجب السباعي وأحمد منتش وعلي العنان وعلي زحيم، وجميعهم أعربوا عن سعادتهم بالوقت الذي أمضوه مع الوعد بتكرار الزيارة.
من جانبه، يفرض الكابتن إميل رستم حضوره الراقي على الجلسة بعباراته المختارة بميزان الذهب، وخصوصاً عند تحليله لمشاركة المنتخبات الوطنية الأخيرة في الاستحقاقات الخارجية، فيبدي أحمد فستق رأيه الذي يستأهل التعويل عليه والاستناد اليه للبناء والارتقاء فهل من يسمع؟
وعلى سيرة السمع، عندما كان يغنّي «نجم اللقاء» من دون منازع أبو طالب تفاعل الحاضرون معه تصفيقاً مع آهات نابعة من الأعماق، حتى أن الجيران اصطفوا على الشرفات للمتابعة والتصفيق وقد حيّاهم أبو طالب مراراً وعلى طريقة المطربين المحترفين، فلم يمرّ أحد بجانب الدائرة الحاشدة المحتشدة بالطيبين إلا وتوقّف وشارك والتقط الصور، إلى أن وصل الخبر إلى مخاتير البرج أكرم رحال وزين السباعي وعبد العزيز الحركة فحضروا معاً وأخذوا مكانهم قبل أن يعتذروا بداعي ارتباطاتهم العائلية والاجتماعية.
ومع مباشرة المسجد المحاذي بالتلاوة القرآنية، رفع أحمد فستق البطاقة الحمراء بوجه أبو طالب طالباً منه التوقّف عن الغناء، فأمتثل للأمر، ثمّ تتابعت الحوارات الجانبية بصوت خافت مع التقاط الصور التذكارية، تلاه الانسحاب التكتيكي للمجلّين في لقاء الأحد المفتوح … وكان آخر الواصلين الكابتن سهيل رحال الذي حضر متحاملاً على مرضه بعدما وصلت الى مسامعه صيحات التشجيع والتصفيق لنجم مباراة النجوم محمود برجاوي، علماً أن منزل الكابتن سهيل يبعد عن مكان اللقاء خمسون متراً فقط.
كثيرة هي «القفشات» التي حصلت خلال اللقاء، وقليلة هي الأسرار التي كشفت للمرّة الأولى، ولا نبالغ إذا قلنا بأن أبو طالب كان المحور والحرّيف في الحالين معاً، بقّ بحصة «التضامن» العالقة في قلبه، وأسهب في استرجاع ذكرياته مع رفاقه في ذلك الزمن الجميل، فكان مرتاحاً في كل ما قاله وذكره بالتفصيل الممل … لأن معظمهم قد فارق الحياة.