أنت وما تأكل
للإيمان ميكانيكية… حينما أُخرج بنو «إسرائيل» من مصر أخذوا يتذمّرون من نوعية الطعام الذي أتاهم به موسى… وطفقوا يستذكرون الطعام الذي كانوا يأكلونه سابقاً… الفوم والقثّاء والعدس وغيره… الغريب أنّ هذه الأطعمة في أغلبها تنبت إما زاحفة على سطح الأرض… أو تنبت في باطن الأرض… أيّ أنها أقرب إلى مركز الكرة الأرضية… ودائماً حينما يتكلم القرآن عن أكل الجنّة… يذكر الفاكهة والأعناب ولحم الطير… وهي جميعاً تتموضع في دنيانا بعيداً عن مركز الكرة الأرضية… الله يخضع الأمور لمعيارية ربّانية خيريّة… وفي حقيقة الأمر فإنّ تناول هذه الأطعمة يزكّي النفس ويرتفع بها درجة في معايير الخيريّة والشريّة… كما أنها حتى من الناحية الفيزيائية مفيدة ولا يترتب على أكلها أيّ جوانب سلبية…
والحقيقة أنّ الأمر واضح في القرآن… فهو يتحدث دائماً عن الحثّ على أكل طيبات ما رزقناكم… مما يعني أنّ هنالك خبائث من الطعام في المقابل… فالطيّبات يقابلها الخبائث… لا يعني ذلك أنّ كلّ ما ينبت في باطن الأرض أو زاحفاً على سطحها شيء خبيث… ليس هذا ما عنيت… فالمحرّمات محرّمات… وهي قليلة جداً… بل هي معدودة على الأصابع… ولكن ما أعني أنّ بعض الطعام يعزّز من أريحيّة الإنسان وتساميه الروحي… وبعضها لا يفعل ذلك، والإثنان من الحلال ولهما ضرورة متفاوتة… فالإنسان متواجدٌ فيزيائياً وروحياً وموضوعياً… وكلّ بعدٍ في ذلك التواجد له متطلباته الغذائية… وبالنسبة للتواجد الروحي المعنوي… فإنّ المواد الأكثر بعداً عن مركز الكرة الأرضية… تعمل على تعزيز ذلك.