الإبْداعُ
} يوسف المسمار
يـا فتيةَ الإبـداعِ هَـيَّـا لـمْ يَعُـدْ
للنومِ وقـتٌ فالتخاذلُ مُرْعـِبُ
ما كانَ في النومِ الخَلاصُ لخاملٍ
أبداً، وحَـظُ الخاملينَ الأعطَبُ
هـيهاتِ تُـنْقِـذُ نائمـاً أضْغـاثُـهُ
ما هـامَ بالأضغـاثِ إلاَّ الأخيَب
إنَّ الحياةَ عَطيـةٌ مـنْ خالـِـقٍ
ما كانَ يومـاً بالخليـقـةِ يَلْعَـبُ
بـلْ أبْـدَعَ الإنـسانَ كيّ يحيا على
نَـهْـجِ التَحَسُّنِ لا يحـيـدُ ويهـربُ
ومـدى التحَـسُّن حكمـةٌ وتقـدُّمٌ
وإلى الإلــهِ تَـنـافُـسٌ وتَـقَـرُّبُ
واللهُ يَعْـني اللانهايـةَ في النُهى
إلاَّ الأعـزَّةَ لا يُحِـبُّ ويَـرْغَـبُ
فالعـزُّ في الدُنيا البـدايـةُ للسما
والعزُّ في ألأخْرى الثوابُ الأحْبَبُ
هـذا هـوَ الإبـداعُ: فِكْـرٌ مُشْرِقٌ
وبغـيـرِ هـذا كلُّ فكـرٍ يَخْـرُبُ
إنْ لمْ نَـعِ الإبـداعَ نهْـجَ تألّـُقٍ
فـاللهُ يَرْفُـضُ ما نَقـولُ ونكـتُبُ
وبدايـةُ الإبـداعِ تَـجميلُ النفـوس ِ
بحـكـمـةٍ وشجـاعــةٍ، وتَـوَثُّــبُ
فَيَعِـمُّ في الناس ِالتَعَبْقُـرُ نَهْـضَـةً
إلاَّ السما وسـنا السـما لا تَخْطبُ
وحقيـقـةُ الإبـداعِ روحُ ألوهـةٍ
قـدْ أُنْسِنَتْ وإلى الألوهةِ تُـنْسَبُ
لا يَعْـرفُ الإبــداعَ إلاَّ ثـائــرٌ
بدمـاهُ تَشْتَعِـلُ العـصورُ وتلهـبُ
هـوَ ذلك الفنُّ الرفيـعُ تألَّـقَـتْ
دنيـاهُ بالألَـقِ الجمـيـل ِ تُلهْـلـِبُ
يَمْـتَـدُ منْ بـدءِ الخليـقـة ِ نـورُهُ
وإلى سـماءِ اللانهـايةِ يَـذْهَـبُ
لا شـيءَ مـن هول ِالظلامِ يَصُـدُّهُ
مهـمـا تَـلَـبَّـد بالظلامِ الغَيْهَـبُ
هـوَ زاخرِ الـنورِ الذي إبتدأتْ بهِ
آيـاتُ كونٍ لا تُعَـدُّ وتُحْـسَـبُ
آياتُـهُ انتـشـرتْ وفاضَ بهـاؤُهـا
وسـناؤهـا بـسـنـا النبوغِ يُخَضَّبُ
هـيَ روعةُ الفكرِالمُشعِ على الدُنى
أمَـلاً نـفـوسَ القانطـينَ يُطـيّـبُ
هيَ حِكْمَـةُ القـولِ البـليـغ ِعـدالـةٌ
بالعدلِ ينتعـشُ الوجودُ ويُخْصِبُ
هيَ نهـضةُ الإنسـانِ فِعْـلُ إرادةٍ
بسـلـوكِ ترقـيـةِ الحـيــاةِ تـؤدِّبُ
هـيَ ثـورةُ الأحرارِ لا تَرْضى بـما
يغـتالُ فِـكْـرَ الصالحيـنَ ويَحْـجـبُ
هيَ صيحةُ الأجيالِ تَخْترقُ العصورَ
وبالمواهـبِ كــلَّ فــنٍّ تـُـنْـجـِبُ
يا أيـهـا العُـمـالُ في مجهـودكـمْ
سـرُّ النـمـوِّ ومـا يُعِـزُّ ويَـعْـذُبُ
يا أيهـا الشُـعـراءُ دامَ خَيـالُكُـمْ:
شِـعْـرُ الحيـاةِ هـوَ المَنـارُ الأنْسَبُ
يـا أيـهـا الأدَبـاءُ ضَـاءَ نُبـوغُـكُـمْ:
أدَبُ الحيـاةِ هـوَ العِـلاجُ الأطْيَبُ
يا أيـهـا العُـلـمــاءُ زادَ هـُـداكـُـمُ:
عِـلْـم ُ الحـياةِ هوَ الطريقُ الأصوبُ
يـا قــادةَ الفـنِّ الـرُقيُّ سَـبـيـلُـكُـمْ:
فـنُّ الحيـاةِ هـوَ الـرُقيُّ الأرْحَـبُ
يـا أيـهـا الشُــهـداءُ دامَ عَطاؤكـُمْ:
أزْكـى العـطـاءِ هُـوَ الـدَمُ المُتَصَبّبُ
يا سَـــادةَ الإبـــداعِ فـيـكُـمْ قــوَّةٌ
إنْ فُـعِّـلَـتْ زَمَـنُ الخمـولِ يُغَـيَّـبُ
إنْ لـمْ يـكُ ألإبـداعُ نهضةَ أمـةٍ
نَحـوَ السُـمـوِّ فـكـلُّ شـيءٍ يَكْـذِبُ
هـذا هُـوَ الإبـداعُ طَوْفُ عَـواصِفٍ
هَـبَّتْ تُحَـرّكُ ما يَـجِـفُّ ويَجْـدبُ
فمـواهـبُ الشعبِ العـظيمِ زوابـعٌ
بالعقلِ تَخْفقُ، بالهُـدى تَـتَشَعَّـبُ
ليَظَـلَّ فَـجْـرُ المبدعـيـنَ مَنائــراً
تَجـتـاحُ ليْـلَ الخانـعـينَ وتَحْـجـِبُ
إلاَّ البُطُـولـةُ لا سـبـيـلَ إلى العُلى
فـَمَع البـُطـولةِ كُـلّ شيءٍ يُـكْسَـبُ
قـدْ حـانَ أنْ نَطْـوي الزمانَ ونَبْتَـدي
عـصراً زَمانَ المُبْـدعـيـنَ يُسَـبِّـبُ
إنْ لمْ نَكُنْ في الأرضِ روحَ ألـوهـةٍ
فـمنَ المَحَـالِ من الألـوهَـةِ نَـقْـربُ
فـلنُـبْـدع الخَـلْـقَ الجـميـلَ لنَـرْتَـقي
إن الجَـمـالَ إلى الـتَـألُّــق أقْــرَبُ
ولنَـنْـصُـر الحَـقَّ الـذي في نَـصْرهِ
روحُ العَـدالةِ تَسْتـريحُ وتَـطْربُ
ولنَـمْـلأ الـدُنـيــا عَـبـيـرَ أُخُـوَةٍ
أرْقى الحـيـاةِ تَـراحُـمٌ وتَحـابُـبُ
شـرُّ المعيشةِ أنْ يـكونَ خُضوعُنـا
لـفَـسَـاد مَـنْ نَـهْـجَ المظالم رَبَّـبـوا
لا يُـولَــدُ الإبــداعُ إلاَّ عـنـدمــا
نَسْتَـلْهِمُ الماضي العـزيزَ ونُخْصِبُ
لا يَشْـمُـخُ الإبـــداعُ إلاَّ بعـدمـا
نَـسْتَـشْـرفُ الآتي الأعـزَّ ونَـقْـربُ
لا يَـرْتَـقي الإبـداعُ إلاَّ إنْ غَـدَت
أفْـعـالُـنـا لَـهَـبــاً يُـثـيـرُ ويـخْـلـبُ
لا ، لا ابـتـكـــارٌ مُـبـْـدعٌ إلاَّ إذا
صـارَ الوجـودُ مَـنـارةً تَـتَـكَـوْكَـبُ
لا نُحْـسـِنُ الإبــداعَ إنْ لـمْ نَـبْـتَـدعْ
نَهْـجـاً إلى قِـمَـمِ السـعادةِ يَجْـذبُ
لا يَـسْــلـمُ الإبـداعُ إلاَّ بـعــدمـا
أُسُــسُ المظالمِ والفسادِ تُخَـرَّبُ
إن الحـيـــاةَ عــقـيـدةٌ عـنـوانُـهــا:
فـقـط البـطـولةُ في الحيـاةِ الأوْجَـبُ
إبْـداعُـنا يَـعْـني انْـطِـلاقَ نُـفـوسِـنا
بِمـنـاقـبٍ مِـنْهـا الهُـدى يَـتَسـرَّبُ
إبْـداعُـنـا بِنُهُـوضـنا وبِكَـشْـفِـنـا
حُجـُب الغيوبِ وكلّ ما يُسْتَغْـرَبُ
ليـعِـمَّ في الأرضِ السـلامُ عـقـيـدةً
بـصوابهـا هَـدَفُ الـنُبُـوغِ يُصَوَّبُ
لا يُنْـعِـشُ الإبــــداعَ إلاَّ مُـبْـدِعٌ
مِـنْـهُ البَدائـعُ والعَـظائـمُ تُطْـلَـبُ
مـنْ سـوريـا بَـدأَ الصُعُـودُ إلى السما
وبـسـوريـا كـلَّ الكَـوارثِ نَغْـلِبُ