قداس وجنّاز في ذكرى أربعين يوماً على رحيل الفنان الكبير بيار جامجيان وسام الاستحقاق البرونزي من رئيس الجمهورية ووسام الإبداع والعطاء من رئيس «القومي»
أقامت عائلة الفنان بيار جامجيان قداساً وجنازاً في ذكرى أربعين يوماً على رحيله، في كنيسة مار تقلا ـ بقنايا، وتقدم الحضور إلى جانب العائلة، النائب إدي معلوف ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيس السابق للحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية على راس وفد قيادي ممثلاً رئيس الحزب النائب أسعد حردان وفعاليات اجتماعية وثقافية وفنية.
وقد تسلمت العائلة من النائب معلوف وسام الاستحقاق اللبناني البرونزي – الدرجة الرابعة الذي منحه رئيس الجمهورية للفنان الراحل تقديراً لعطاءاته.
كما تسلمت من الحسنية «وسام الابداع والعطاء» الذي منحه رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي النائب أسعد حردان للراحل.
جريج: حمل سلاح المعرفة والانتماء العابر للطوائف
وألقى عميد العلاقات العامة في الحزب السوري القومي الاجتماعي، الدكتور جورج جريج كلمة الحزب، قال فيها:
« مهيبة محطة تكريم، نجتمع فيها، عائلة بيار، أحبته، أصدقاؤه ورفقاؤه.
نجتمع فيها لنكون معاً في لحظة التكريم.
يجمعنا بيار جامجيان بفائض المحبة والابتسام، يهزأ من الغياب بفعل حضور عصي على أن تطويه الذاكرة، يبقى مع الحلم والأمل.
بالجسد غادر بيار مكاننا المثقل بالوجع، وكأنه أدرك أن زمن الفرح قد ولىّ في غمرة وطأة أزمات تزداد ولا تنتهي.
قيل الكثير عن الراحل «الطيب» صاحب الابتسامة الشغوفة وزارعها أينما وجد أو ذكر، حاضراً في ثناياها، نال ما استحق من محبة واحترام عند جميع من عرفوه أو قاربوه.
حل غيابه ثقيلاً، فأصبح به الغياب ومعه حضوراً مكثفاً مشبعاً بالذاكرة الفياضة من كثير ما أبدع.
فنان احترف التواضع، وأتقن صنع الأمل والارتقاء.»
وأضاف: «بيار الذي انطلق كفنان متميز مع العمالقة الفنية الرائدة في التاريخ الفني اللبناني، عنيت بهم الأخوين رحباني، متوجاً بصوت السيدة فيروز «أيقونة لبنان»، لتكون البداية وأصل الحكاية مع مسرحية «ميس الريم»، ليتعملق بعدها مع الرحباني «زياد» في «سهرية»، ومن يومها صار «عزو» ركناً أساسياً في مسرح زياد. حلقا معاً في «نزل السرور»، كما أعماله الخاصة، فكان «بيارو» رديفاً للفرح، دخل القلوب بعفوية نادرة المثيل، وأريحية جعلت منه حاجة مطلوبة وقيمة مضافة وضمانة لنجاح كل عمل فني قاربه أو شارك فيه، متنقلاً بين الكوميديا والدراما خلال مسيرة فنية من أعمال مسرحية وتلفزيونية، عشناها معه على شاشة تلفزيون لبنان بزمنه الأبيض والأسود، يوم أطل في «يسعد مساكم» مع الطيب الآخر «أبو ملحم».
وتابع: «بيار جامجيان إبن جل الديب، البلدة التي تكرّمه اليوم، ترعرع فيها ومن على مسرح مدرستها، قدم باكورة أعماله «جل الذئب»، ليولد من جديد حين تفتّح وعيه على مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي في مديرية جل الديب، والحرب الأهلية في أوج احتدامها.
حمل باكراً سلاح المعرفة، مصارعاً على درب إرساء الوعي المجتمعي والانتماء العابر للطوائف، في مواجهة الطائفية البغيضة، فكان نسمة عطرة في فضاء لوثته الطائفية. وهكذا… كان بيار مزيجاً مكثفاً من أصالة، تجسّدت في مسيرته ووسمتها، فاستحق وبجدارة أن يكرم اليوم، فنكون معه المكرمين».
وختم: «كثيرون يرحلون، يطويهم الغياب بين طيات الصفحات أو صوراً معلقة على جدران.
بيارو أعطى للرحيل معنى تُحجب معه الابتسامة، لبرهة، عن وجه محبيه، ثم لا تلبث أن تعود، مع كل خاطرة فرحة من إبداعاته، يجمع في آن، في لحظة الغياب الدمع والابتسام.
وكما قال غابرييل غارسيا ماركيز في روايته الخالدة «مئة عام من العزلة»: «إن الإنسان لا يموت متى يشاء، بل يموت متى يستطيع»، وها قد استطاع.
لك منا بيارو في لحظة الغياب والتكريم كل الوفاء، نستذكرك بغصة، بدمعة وابتسامة».
معلوف: موهبة فنية عاكست واقعاً عنيفاً وعبثياً
ووصف النائب إدي معلوف في كلمته الراحل بأنه «أيقونة الأوقات الحلوة»، وقال:»رحيل الفنان بيار جامجيان يشبه تساقط الأوراق من شجرة مثمرة فالضحكات التي خلّفها في نفوس اللبنانيين ووجهه المحبب في المسرح وعلى الشاشة وشخصيته الناضجة بالألفة والصداقة والطيبة جعلت منه فناناً عالقاً في فسحة مضيئة من فسحات لبنان الثقافية والحضارية الجميلة. انطلاق مشواره الفني مع الرحابنة عشية الحرب في لبنان وبرغم عمله في مرحلة سوداء من تاريخ الوطن اختار أن يزرع البسمة من حوله ويسخر موهبته الفنية لمعاكسة واقع عنيف وعبثي».
وأضاف: «بيارو كما يحب عارفوه ومحبوه أن يطلقوا عليه سيظل ضاحكاً في دفاتر ذكرياتنا وفي وجدان وطنه الذي تبادل معه الحب والوفاء، ولا يليق بتكريم فنان محبب وموهوب وراقٍ مثله إلا بجعله أيقونة الأوقات الحلوة في القلب والذاكرة، وها نحن نجتمع اليوم لتقديم وردة حب لهذه الأيقونة ولنقول لبيار شكراً لما قدمته للبنان من فرح وأناقة حضور وسط التحديات والظروف الصعبة.»
وختم معلوف:»أيها الفقيد الغالي في هذه المناسبة التي نلتقي فيها باسم الوفاء والمحبة وتقديراً لعطاءاتك في مجال الفن والإبداع ومسيرتك المشرفة وإرثك المسرحي والتلفزيوني الراقي قرر فخامة رئيس الجمهورية الرئيس ميشال عون منحك وسام الاستحقاق اللبناني البرونزي وكلفني فشرفني أن أسلمه اليوم إلى عائلتك الكريمة متقدماً منهم باسم فخامته وباسمي الشخصي بأحر التعازي، سائلاً القدير أن يتغمدك بغالي رحمته ويسكنك فسيح عليائه وأن يلهم عائلتك ومحبيك الصبر والعزاء.»