قمة بايدن بوتين: قواعد اشتباك أم ربط نزاع؟
ناصر قنديل
– يستطيع المتابع للمناخات التي سبقت قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين والتي أعقبتها، أن يكتشف الانتقال الأميركي من لهجة التهديد والتصعيد إلى لهجة التعاون والحوار، كما يتوقف أمام كون التصعيد جاء على خلفية إتهامات أميركية لروسيا بنية غزو أوكرانيا، في ظل نفي روسي للإتهامات، والملفت أن هذا التصعيد الأميركي الذي سبقته حركة عسكرية لحلف الناتو نحو البحر الأسود، وتصعيد دبلوماسي بين الناتو وموسكو، تزامن مع تصعيد موازٍ ضد الصين سواء بحركة عسكرية مشابهة في بحر الصين أو بإتهامات مشابهة للصين بنية غزو تايوان، ويأتي كل ذلك عشية انعقاد قمة الديمقراطية التي تدعو إليها واشنطن وتستبعد عنها روسيا والصين، بنية واضحة هي إستعادة الزخم لمنصة اللعب بالأوضاع الداخلية لخصومها، والرهان على قدرة المعارضات على إنتاج حالة من الاضطراب والارتباك في حال الخصوم.
– الملفت هو أن واشنطن للمرة الأولى عندما تهدد تتحدث حصراً عن العقوبات والمزيد من العقوبات، وتجاريها أوروبا بالتصعيد فتتحدث أيضاً عن العقوبات والمزيد من العقوبات، ولو كان لدى روسيا أو الصين نية العمل العسكري نحو أوكرانيا أو تايوان لشكل مضمون التهديد الأميركي- الأوروبي سبباً للاطمئنان ومدعاة لتسريع العمل العسكري، طالما أن خطر اندلاع مواجهة عسكرية مع الأميركي والأوروبي ليس وارداً، وسقف ما سيحدث هو المزيد من العقوبات، بعدما شهدت سنوات طويلة على جهوزية الإقتصادين الروسي والصيني للتعامل مع هذه العقوبات، وطالما أن الذي يجري يؤكد أن واشنطن بعد الإنسحاب من أفغانستان قد خرجت لمدة طويلة من ساحات الحروب والمواجهات العسكرية، وأن أوروبا من دون أميركا أعجز من أن تفكر بعمل عسكري منفرد.
– النظر في ملامح الرئيس الروسي خلال القمة وملامح الرئيس الأميركي مقابله يكفي للاستنتاج أن العالم قد تغير، وأن هناك فريق مأزوم وفريق مرتاح لوضعه، فريق مرتبك وفريق واثق، فريق يبتسم وفريق عابس، كما يكفي السؤال عن مغزى سحب العقوبات الأميركية عن مشروع السيل الشمالي الذي يجلب الغاز الروسي إلى أوروبا الشمالية في توقيت متزامن مع التهديديت، وهي العقوبات الوحيدة التي يمكن أن تخشاها موسكو أو تنظر إليها بعين الريبة، بينما بالتزامن أيضاً كان الرئيس الروسي يستقبل رئيس وزراء الهند ويعلنان معا تطوير التبدال التجاري بين البلدين، والإمتناع عن استعمال الدولار في المبادلات التجارية، ومن تسنى له الإستماع للمؤتمر الصحفي لمستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان بعد إنتهاء القمة يتبين له بوضوح حجم الارتباك الأميركي لتأكيد الرغبة بالتهدئة بعكس لغة التصعيد التي سبقت القمة.
– قواعد الإشتباك القائمة بين روسيا والناتو رسمتها عملية ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، ولا تزال قائمة، وربط النزاع يكشف موازين القوى، حيث الخلاصة هي العودة إلى اتفاقات مينسك التي تطالب بها موسكو وتعرقلها الحكومة الأوكرانية، بحيث يصبح سقف ما يجري هو حركة هوليودية أميركية لتأكيد الحضور بقوة بعد نتائج الإنسحاب من أفغانستان على صورتها، وإعادة ضبط الموقف الأوروبي تحت سقف أميركي بعدما تزعزع هذا الانضباط تحت تأثير الانسحاب من أفغانستان، والجملة المفيدة الوحيدة التي وردت في إيجاز سوليفان لأعمال القمة، هي الاتفاق على التنسيق لضمان العودة إلى الاتفاق النووي للحؤول دون امتلاك إيران لسلاح نووي.