الاستعصاء
– لسنا هنا بوارد إعادة البحث بأصل الموقف ومناقشته حول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، حيث تحول الحديث عن استقلال السلطة القضائية إلى تطويب قاضٍ لا يستطيع أحد من الكونغرس الأميركي إلى لجنة اهالي الضحايا أي مستند يبرر الحديث عن الثقة المطلقة بمساره التحقيقي، طالما يزعم الجميع سرية التحقيق، وليس أمام الجميع الا وقائع الملاحقات التي يقوم بها القاضي، والتي تروي العطش السياسي الأميركي للنيل من حلفاء المقاومة، وتروي عطشاً شعبياً لملاحقة السياسيين، وتروي عطش فريق سياسي محل بالشماتة بخصوم، وكلها أسباب بالمفهوم القضائي تثير الشبهات حول التحقيق بدلاً من تعزيز مصداقيته.
– إذا تحرر التفكير من مشاعر سلبية تجاه الشخصيات الملاحقة يصير السؤال البسيط لإتهامها بالمقارنة مع القضاة الذين تعاقبوا على الملف، يطرح سؤال في حالات الرؤساء والوزراء والمدراء والقضاة، ماذا كان بمستطاع القاضي بيطار لو كان مكانهم أن يفعل؟ طالما أن التهمة هي أنهم علموا وكان عليهم التحرك، فيجيء الجواب القانوني بأنهم ملزمين بالتوجه إلى المرجع القضائي الذي يضع يده على الملف لطلب الإذن بالتصرف، وهذا ما تتم ملاحقتهم على أساسه بإنتظارهم الإذن القضائي، بينما وحدهم القضاة يكون الجواب أنه كان عليهم أن يتخذوا قرارات فورية بإخلاء النترات أو بيعها إو إلزام أصحابها باستردادها، لأن القضاة لا يحجب سلطتهم وجود أي سلطة أخرى، ويلحق بالسؤال سؤال: ما هو معيار اختيار هؤلاء الملاحقين من الذين علموا أو تولوا مسؤولية وزارية تتصل بالملف؟
– بعيداً عن النقاش القانوني المغلق، تم التوصل بين الفريقين اللبنانيين الواقفين على ضفتين متقابلتين في القضية إلى معادلة استعصاء، لا حل للملف القضائي، لا اجتماعات للحكومة، ما فرض البحث عن تسوية ترجمها البطريرك بشارة الراعي بالجولة الرئاسية التي أجراها قوامها بقاء المحقق العدلي في مسؤوليته عن الملف، وفصل ملاحقة الرؤساء والوزراء، ونقلها إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء عبر المجلس النيابي.
– الاستعصاء اليوم هو في كيفية ترجمة الحل الذي من دونه لن تنفع كل المحاولات الداخلية والخارجية بعقد اجتماع للحكومة.