الوطن

مركز الدراسات والأبحاث التربوية واتحاد المعلمين العرب عقد مؤتمره في بيروت مناهضة التطبيع التربوي بكلّ أشكاله ومستوياته مع الكيان الغاصب

} عبير حمدان

يتسلل العدو الى العقول مسقطاً من حسابات البعض الواقع التاريخي والجغرافي لبلادنا تحت مسمّيات مختلفة أبرزها «الربيع العربي» وتقبّل الآخر وبدعة «الاعتدال» و»السلام» ومفهوم «الحرية» المستوردة على قياس الانتداب المقنّع بحيث تتراكم العناوين على طريق الصراع القائم معه، وبالتالي نجد عنوان «زوال العدو» ثانوياً، أما معركة مناهضة التطبيع التي أعلنت عنها العديد من الأنظمة جهاراً لتوقع صكّ الاعتراف بالكيان الغاصب ولو على حساب كلّ الدماء التي سالت في سبيل تحرير الأرض وفداء لها.

ولعلّ أخطر أنواع التطبيع تلك التي تتشكل معها الخرائط وتُعتمد الكتب التربوية وفق معايير وشروط ممنهجة تروّج للعدو وتقرّ بوجوده ليتمّ الفكرة في وجدان جيل كامل يتلقى المعلومة ويحفظها بعيداً عن التحليل والقراءة.

انطلاقاً من مبدأ توعية الرأي العام على خطر التطبيع التربوي عقد مركز الدراسات والأبحاث التربوية واتحاد المعلمين العرب فعاليات «المؤتمر الإسلامي العربي لمناهضة التطبيع التربوي» في قاعة المؤتمرات في المبنى الصحّي الاجتماعي بلدية الغبيري، برعاية وحضور وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، الدكتور نادر حديفة ممثلاً وزير التربية والتعليم العالي اللبناني القاضي عباس الحلبي، وشارك في المؤتمر ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي سماح مهدي، ممثلو سفارات وقنصليات ورجال دين وبعثات تربوية وثقافية في لبنان، ومدراء مراكز أبحاث وجمع كبير من الباحثين والنخب التربوية والأكاديمية، وممثلو أحزاب وهيئات وقوى وفصائل لبنانية وفلسطينية وعربية، وحضر أيضاً رؤساء ومدراء وممثلي مؤسّسات تربوية وتعليمية واجتماعية وكشفية وإعلامية.

كما شارك في المؤتمر باحثون من لبنان، سورية، إيران، البحرين، باكستان، الجزائر، مصر، المغرب، تونس، اليمن والعراق، وتناولوا إشكاليات تطرح خطورة التطبيع التربوي الذي يشمل الاستراتيجيات، والبرامج، والطرق والأساليب والمجالات التربوية التي يُحاول أن ينفذ من خلالها الكيان الصهيوني الغاصب، مقدّماً نفسه ككيان طبيعي في جسد الأمّة الإسلامية والعربية.

المرتضى: حقيقتنا الحضارية

تفضح ادّعاءات الاحتلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وأكد وزير الثقافة الدكتور محمد وسام المرتضى في افتتاح المؤتمر على أنّ المسار الطبيعي للأمور يكون باجتثاث الاحتلال وتحرير الأرض واسترجاع الحقوق، وجاء في كلمته: «التطبيع الحقيقي هو بإعادة الأمور الى طبيعتها، أيّ تحرير الأرض واقتلاع المحتلّ منها وعدم الاكتفاء بردود الفعل وإنّما عَقْدِ العزائمِ والأفكار على العمل بصورةٍ إيجابيةٍ لإبراز عناصر شخصيَّتِنا القومية، بمقوِّماتِها الثقافية ومكوِّناتِها الاجتماعية، لإيضاح حقيقتِنا الحضارية التي تفضحُ ادِّعاءاتِ الاحتلال وبطلانَها، لذا نشدّد أنه لا وألف لا للتسليم بالاحتلال أو لتسويق العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية معه».

وأضاف: «لقد استفاد الكيانُ المغتصب بامتداداته في المحافل الدُّوَلية والمجتمعات الغربية، مما أحدثَتْه الثورة الرقمية، فراح يسوِّق لمستوطنيه كلَّ فضيلةٍ وللعربِ كلَّ نقيصة، ويُظهِرُ أهلَ فلسطين ظالمين معتدين، والغزاةَ روَّادَ حداثةٍ في حالة الدفاع عن النفسِ. كما روِّجَ لتعابير وأفكارٍ ومصطلحات تزوِّرُ الماضي وتشوِّهُ الحاضر، حتى باتت أجيالٌ كثيرة في العالم تتلقّى منذ صفوفِها المدرسية تعاليمَ مشوَّهةً عن المنطقة العربية وعن فلسطين، فيها توقيرٌ للصهاينة وتحقيرٌ للعرب، في مقابل تشرذم القوى العربية وفقدانِ معظمِها لخطةِ مواجهةٍ علميةٍ واضحة».

وختم: «بيروت عاصمةُ العروبة التي تخرَّجَتْ من جامعاتِها عقولٌ عربيةٌ نيّرةٌ تبوّأت أعلى المناصبِ في السياسة والعلوم والمجتمع، وهي عاصمةُ الفكر التي منها انطلقت العقائدُ السياسية والأحزابُ الوحدويةُ والتياراتُ القومية الجامعة، هي عاصمةُ الثقافة التي أوقدت للعربِ شعلةَ النهضة ومصباحَ الحداثة، وهي أكثرُ عواصم العالم استحقاقاً لاحتضان قضايا الإنسانِ والقيم، والفكر والمعرفة والوطنية، وتبقى في القلبِ غُصَّةٌ، أنَّ مقاوماً ثقافيّاً من الدرجةِ الأولى رافضاً لأيِّ شكلٍ من أشكال التعاطي مع الكيان الإسرائيلي، مناهضاً لمشاريع تفتيت هذه المنطقة في السياسة والثقافة والاجتماع، غيَّبَه الموتُ عنّا وهو في قِمَّةِ عطائه وأَوْجِ الحاجةِ إليه، فضمَّه ثرى بيروت، فيما بقي نضالُه متقداً في سمائها. رحمَ الله سماح إدريس، وليكنْ نهجُه النضاليُّ مثالاً لأبناءِ أمتنا جمعاء».

وقبيل إفتتاح جلسات المؤتمر قدّم الوزير المرتضى درع عربون ووفاء وتقدير لروح الدكتور سماح ادريس باسم المؤتمر تسلمه صديقه ورفيق نضاله والعضو المؤسس في حركة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان الدكتور عبد الملك سكرية.

 الجلسات

أدار الجلسة الأولى الدكتور عباس خامه يار المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية في لبنان، وحملت عنوان «دور المؤسسات التربوية والأكاديمية في مناهضة التطبيع التربوي»، وتناول في كلمته محاولات العدو التسلّل إلى أجيالنا من خلال زرع فكرة التطبيع عبر عناوين الانفتاح، والمؤسسات التربوية كالجامعات لإبعاد القضية الفلسطينية عن الأمّة العربية والإسلامية. يحاول العدو عبر المفاهيم الظاهرية كالتسامح بين الأديان في زرع التطبيع، لكن باطن هذه المفاهيم هو الاستسلام لهذا العدو وتحقيق أهدافه.

وقدّمت في هذه الجلسة مداخلة تناولت «مخاطر التطبيع التربوي عبر المؤسسات التربوية والأكاديمية ودورها في مناهضة ذلك» للدكتور جلال فيروز من البحرين، وهو محاضر في الجامعة العالمية للعلوم في لندن، تحدّث فيها عن التطبيع التربوي كونه أخطر من التطبيع السياسي لأنّه ينفذ في أعماق الأجيال الناشئة، ويتجذّر في التربية فينفذ لاحقا في المجتمع. لافتاً إلى أنّ بعض القنوات العربية تحاول إعطاء الشرعية للكيان الغاصب عبر استخدام مصطلح «إسرائيل» بدل الكيان الصهيوني أو الكيان الغاصب. معلناً أنّ هناك جزءاً كبيراً من الشباب العربي في الدول الغربية لا يعرفون شيئاً عن القضية الفلسطينية نتيجة التعتيم عن هذه القضية من قِبل المؤسّسات التربوية الغربية الموجودة هناك.

وكانت مداخلة ثانية بعنوان «التطبيع في التعليم: دراسة لحالة المناهج في باكستان» قدّمها الدكتور أبو حسن بخاري من باكستان وهو باحث في القانون الجنائي في مركز إقبال الدولي للأبحاث، واستعرض فيها مجموعة من المحاولات الخفية تُجرى في باكستان لإلغاء فكرة مقاومة التطبيع من خلال إلغاء الفصول الخاصّة بمقاومة التطبيع. كما أنّ هناك محاولات لإضفاء مفاهيم معيّنة كالتسامح خدمة لتناسي مجازر العدو لصالح تكريس فكرة التطبيع.

وادارت الجلسة الثانية الدكتورة لور أبي خليل الأمينة العامّة للتجمّع الأكاديمي في لبنان لدعم فلسطين، بعنوان «التطبيع في المناهج التربوية والتعليمية، بين الواقع والمناهضة»، واستعرضت في كلمتها ما شهدته منطقة المشرق العربي ثورات ونزاعات من قِبل قوى دولية وإقليمية للسيطرة على مصادر الطاقة والمياه، واعتبرت المدرسة الليبرالية أنّ تهديدات الأمن القومي تتجاوز الخطر العسكري لتشمل مخاطر سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية على رأسها التطبيع الذي يُعتبر مصطلحاً خاطئاً إذا أردنا استخدامه في منطقتنا. لأنّ التطبيع يفرض علاقة متوازية بين فريقين، أمّا ما يحصل فترجمته عمليات تبعية وتحصيل مكاسب للعدو الصهيوني فقط.

كما قدّمت في هذه الجلسة مداخلة تناولت «التطبيع في مناهج التعليم العربية: المظاهر وسبل المقاومة»، قدّمها الدكتور هزرشي بن جلول من الجزائر، وهو مسؤول تخصّص دراسات عليا في كلّية العلوم الاجتماعية والإنسانية، وتناولت الورقة المناهج التربوية الصهيونية التي تدرّس الكراهية، وبذلك يُصبح بحسب رأيه موضوع التطبيع هو كذبة وتزوير. ولفت إلى ضرورة الالتزام عند كتابة أي مقال يجب وضع كلمة «إسرائيل» بين قوسين. كما عرض نتائج بحث مصري تناول لقاء خاص بين طلاب مدارس في «إسرائيل» لتقييم آرائهم حول نظرتهم للعرب، من أبرز هذه النتائج أنّ معظهم وصفوا العرب بالغنم والبهائم. ونسبة أخرى وصفوهم بالقتلة. تلاها مداخلة ثانية بعنوان «مخاطر التطبيع في التعليم» قدّمها الدكتور كمال مغيث من مصر، وهو باحث في شعبة البحوث السياسية في المركز القومي للبحوث التربوية، حيث استعرض تجربته مع الحديث عن القضية الفلسطينية التي كانت جزء أساسي من حياتنا وعلى سلّم مطالبنا، وأصبحت عند هذا الجيل أمر ثانوي، يتعاملون معه بلامبالاة بسبب الانشغالات والمشاكل الاقتصادية والنزاعات الداخلية التي يفرضها العدو في مجتمعاتنا لتحريف البوصلة عن فلسطين. ورأى أنّه يجب على الشباب الاهتمام بالشأن السياسي والتعرّف على الدساتير والقوانين والاهتمام بالأمور المبنية على الأسس الوطنية المشتركة، وعدم الاقتصار على الأمور الحزبية. فالمناهج التعليمية ليست هي الأساس في مناهضة التطبيع، بل يجب الالتفات إلى المناهج الخفية المتمثّلة في الثقافات والأفكار التي تُبث على الساحة الافتراضية والإعلامية.

وأدار الدكتور مصطفى الزغبي الجلسة الثالثة، وهو أستاذ جامعي وباحث أكاديمي وقانوني، وحملت عنوان «دور البحث العلمي في مناهضة التطبيع التربوي». وقدّمت الدكتورة خديجة الصبّار من المغرب (باحثة في الفلسفة وأستاذة في كليّة الآداب والعلوم الإنسانية) المداخلة الأولى بعنوان التطبيع من داخل الإطار الفكري والعلمي والتربوي: الصراع العربي الإسرائيلي ونهاية الدولة القومية»، وتطرّقت فيها إلى ضرورة الاهتمام بوعد بلفور وتعليمه جيّداً للأجيال، ورأت أنّ هذا الوعد أنكر وجود الشعب الفلسطيني، ولم يلفظ كلمة العرب، بل سمّاهم بالجاليات غير «الإسرائيلية». فالتطبيع يعني تهديد الوجود العربي الإسلامي. الغرب مدين لإسرائيل الذي مكّنه من بسط نفوذه عبر القلق الذي سبّبه الكيان للمنطقة العربية. واعتبرت أنّه يجب التركيز على المفاهيم لأنّها هي التي تصنع الفرق بيننا وبين العدو الذي يعرف كلّ تفاصيل شعبنا وأرضنا بسبب صرف الأموال على الأبحاث العلمية. يتمّ استغلال العقيدة الدينية خدمة للمصالح السياسية ومنها الترويج لفكرة التطبيع.

تلاها مداخلة ثانية بعنوان «دور البحث العلمي والتربوي في مناهضة التطبيع»، للدكتور مصدّق الجُليدي من تونس، وهو رئيس الفرقة البحثية في مركز حوار الحضارات والأديان المقارنة، وأكّد فيها على ضرورة الغوص في دراسة العدو علمياً ليس ضمن مشروع التطبيع بل واجب لمعرفة العدو، أمّا الغزو الثقافي يجب رفضه وإنهاؤه. يجب تحويل المعرفة إلى عملية تطويعية دراسية تكون في متناول الطلاّب. البحث التربوي يساعد على إنشاء استقلالية في العلم يحصننا من التطبيع.

أما الجلسة الرابعة بعنوان « دور الإعلام في مناهضة التطبيع التربوي»، ادارها مدير عام مؤسسة القدس الدولية الدكتور خلف المفتاح (سورية) استعرضت المداخلة الأولى «أدبيات التطبيع التربوي في الإعلام، ودور وسائل التواصل الاجتماعي في التطبيع التربوي»، قدّمها القاضي عبد الوهاب المحبشي من اليمن، وهو أستاذ محاضر وكاتب وباحث قانوني. وتمّ في المداخلة الثانية استعراض «دور الإعلام في التطبيع التربوي» للدكتور حيدر البرزنجي من العراق وهو أستاذ محاضر وباحث سياسي وأكاديمي.

وأجرت «البناء» لقاءات مع عدد من المشاركين في المؤتمر حول أولويات العناوين التي يفرضها الصراع مع العدو، وأهمية هذا النوع من اللقاءات في تشكيل الوعي التربوي.

قصير: نراهن على الشعوب

والعنوان الأساس هو زوال العدو

 

 

 

 

 

 

 

 

ورأى الدكتور عبد الله قصير مدير عام مركز الابحاث والدراسات التربوية، ومنسق عام المؤتمر أن إمكانية المراهنة على الشعوب قائمة، وقال: «بالتأكيد المؤتمرات لا تكفي ونحن لا نقول فقط إنّ هذا المؤتمر يتحمّل لوحده مسؤولية مناهضة التطبيع بشكل عام أو التطبيع التربوي بشكل خاص، هذا المؤتمر هو أشبه بشمعة احببنا اضاءتها في وسط الظلام لكلّ من لا يزال في وجدانهم وضميرهم حضور لفلسطين والقدس، هو خطوة في مسار وليس صرخة في صحراء ونأمل أن لا يتوقف حين خروج التوصيات منه بل أن يتحوّل الى إطار دائم ومرجعي لكلّ التربويين في العالم العربي والاسلامي ليتضافروا بجهودهم ويتعاونوا بإمكاناتهم للسير ببرامج لمواجهة التطبيع التربوي في الساحات التي يحصل فيها هذا الأمر.

أضاف: التجارب تدلّ على أنّ هناك إمكانية للمراهنة على الشعوب، ما حدث في تجربة مصر بعد كامب دافيد والاردن بعد وادي عربة حيث مرت عقود على هذين الاتفاقين وما زال الشعبان المصري والأردني ينزلان الى الشارع ويتظاهران ويرفضان التطبيع. بمعنى انّ الاتفاقيات التي وُقِعت بين العدو والحكومات لا تلزم الشعوب بشيء، لذلك يعمد الى التسلل عبر البرامج التعليمية والتربوية ليطبّع مع الأجيال التي تنشأ على ذلك».

وتابع: في ما يتصل في لبنان حول إشكالية توحيد المناهج التربوية ينطبق القول «إنّ ما لا يُدرك كله لا يُترك جُلّه» ونحن تعلمنا في حياتنا إذا كانت اهدافنا كبيرة وقضايانا مركزية فبعض السلبيات والاختلافات في وجهات النظر يجب ان نترفع عنها لخدمة القضية المركزية والاساسية، من هنا يجري اليوم حوار في وزارة التربية مع أطراف تربوية من مؤسسات عديدة حول عملية تطوير المناهج وضمانة ان لا تقع هذه المناهج وتطويرها في مطب التطبيع الخفي لأننا رصدنا محاولات للسفارة البريطانية تحديداً بتمويل المناهج مقابل شروط تمليها على اللجان التي تعمل في تطوير المناهج ونحن تصدينا لهذه المحاولات وما زلنا نتصدى لهذا الموضوع».

وحول بروز عنوان مناهضة التطبيع مقابل تهميش القضية المركزية، قال قصير: «للأسف فإنّ الربيع العربي وهو في حقيقته خريف عربي ساهم في تهميش العناوين المركزية، ورأينا أنّ ما سُمّي بالربيع العربي غيّب الهمّ المشترك عند الشعوب العربية وكلّ بلد تلهّى بمشاكله ولم يعد هناك انشغال بقضية مركزية إلا إننا نراهن أنّ قضية فلسطين باقية في وجدان الشعوب وسيبقى الشعار والعنوان الأساس هو زوال الكيان المحتل».

المفتاح: الكفاح المسلح أولوية

ونؤمن بحتمية النصر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أما الدكتور خلف المفتاح (سورية) فقال: شعار «زوال إسرائيل» قائم ونحن مع الكفاح المسلح أي إما نحن وإما هم، ولكن في طريقنا هناك معارك قائمة وصولاً الى التحرير الكامل، هذه المعركة الآن المتمثلة بمناهضة التطبيع فُرِضت علينا بعد تسلله الى دول الخليج التي لا تاريخ لها حيث إنّ النضال الفلسطيني والأمة في سبيل قضية فلسطين عمره أكبر من عروشهم بثلاث أضعاف، بمعنى نحن نقاتل منذ 1887 وهم يحتلفون بعيد تأسيسهم الخمسين، هذه دول قائمة على رمال متحركة.

الآن الوضع الراهن من خلال هذه الانظمة يسمح للعدو بالتسلل في الظاهر والباطن للاسف، لكن يبقى الرهان على الوعي والشعب المحصن بالعقيدة والجذور التاريخية المتمسكة بالثوابت والصراع المستمر جيلا بعد جيل والقضية حية والنصر الآتي لا ريب فيه».

أضاف: «انا أعوّل بقوة على الجيل القادم رغم كلّ ما يتعرّض له من غزو ثقافي، والدليل من هم في بيت النار في منطقة الـ 48 وقطاع غزة والضفة الغربية من يصدق أنّ هؤلاء ينتفضون لصالح ما جرى في سيف القدس وقبلها في انتفاضة الـ 2000، هذا الجيل مقاوم ومتمسك بالقضية والارض حتى النهاية».

وختم: «جزء من الإعلام يتحمل المسؤولية حين يلفظ كلمة «اسرائيل» ويستضيف العدو على شاشاته وهذا نسمّيه تطبيع الاذن فيما عدونا يقول عن الفدائيين «مخرّبين» ولا يلفظ كلمة «منظمة التحرير» رغم كلّ الاتفاقيات الفارغة القائمة وذلك لأنهم يعرفون كيف يختارون مصطلحاتهم. من هنا فإنّ المعركة قائمة حتى في إطارها اللفظي ولكني مؤمن بحتمية النصر مهما طال أمد الصراع».

مغيث: ضرورة المواجهة

إلى أن تستفيق الأنظمة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدكتور كمال مغيث (مصر) أكد أنّ قضية فلسطين لا تنفصل عن القضية المصرية، وقال: «نحن الجيل الذي نشأ على معرفة العدو حتى من خلال الأغاني وصوت أم كلثوم وهي تقول «أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين خذوني معكم» و»القدس العتيقة» لفيروز، نحن الجيل الذي اعتبر أنّ فلسطين جزء لا يتجزأ من القضية المصرية، وأنا من اليسار المصري وربيت أولادي على نفس التوجه. للأسف المواطن العربي عاش كوارث متتالية الى درجة اصبحت فكرة التطبيع آتية من اعماق التاريخ والانظمة العربية لعبت دوراً كبيراً في جعل القضية الفلسطينية في آخر أولويات الإنسان العربي خاصة أنّ معظم هذه الأنظمة ولاءها لـ «إسرائيل» وليس لشعوبها».

أضاف: «رغم كلّ ذلك أنا متفائل اليوم وبعد مرور 42 سنة على إتفاقية «كمب دايفيد» بين مصر والكيان المحتلّ، إلا أنّ كراهية الصهاينة جزء في تكوين المواطن المصري وهو يرفضه ولا تلزمه هذه الاتفاقية بالاعتراف به».

وختم: «بالطبع المؤتمرات لا تكفي إنما هي ضرورة للاستمرار في التنبيه الى خطورة تسلل العدو اجتماعياً وتربوياً وثقافياً الى عقول الأجيال، وفي النهاية لا بدّ من المواجهة بكلّ ما لدينا من امكانيات إلى أن تستفيق الأنظمة من غفوتها وتبلغ مستوى إدراك شعوبها».

التوصيات

يُذكر أنّ المؤتمر خرج بتوصيات…

أولاً على مستوى الفعاليات التنسيقية لجعل مناهضة التطبيع التربوي قضية وطنية وعربية مشتركة.

ثانياً على مستوى المؤسسات التعليمية والتربوية عبر تنظيم الانشطة الثقافية داخل هذه المؤسسات عن جذور القضية الفلسطينية وتبادل التواصل والخبرات في ما بينها وتعزيز صورة المقاومة وإنجازاتها واستخدام الجانب الفني سواء في الرسم او المسرح والسينما كوسائل مواجهة…

ثالثاً على مستوى المناهج التعليمية من خلال كتب تتحدث عن تطور الصراع العربي الصهيوني وتخصيص ساعات للحوارات والندوات حول مخاطر التطبيع التربوي وآثاره النفسية، إضافة الى العمل على كف يد جمعيات ومنظمات المجتمع (NGOS) المدني والمنظمات الدولية التي تأتي بلباس الدعم والرعاية لتطوير المناهج لإدخال مفاهيم ملتبسة تسمح ببناء فهم خاطئ حول القضية الفلسطينية.

رابعاً على مستوى البحث العلمي الهادف الى تحجيم الصهيونية والقيام بحملات منظمة لمثقفين مؤثرين لدحض أكاذيب الصهيونية وتزوريها للتاريخ.

وأخيراً على المستوى الإعلامي من خلال المساهمة في نشر ثقافة الوعي المضاد بفضح مخططات التطبيع التربوي وخطورتها على الشباب وفضح الطبيعة العنصرية للتربية الصهيونية في تعاملها مع الطلاب والأطفال الفلسطينيين والبرامج التربوية المعادية للعرب والمسلمين والإنسانية. واعتماد استراتيجية تربوية وإعلامية لمواجهة فوبيا ورهاب ما يسمّى معاداة السامية والعمل على فضح وتعرية الكيان الصهيوني الغاصب…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى