الإنتاج طريق للحلّ…
} علي محمد سعيد
أكثر من سنتين مرّتا على الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان، والتي كانت نتيجة سياسات اقتصادية سيئة على مدى ثلاثين سنة ويزيد، والتي كان من أهمّ نتائجها الانهيار السريع للعملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي، وما زالت السلطات المعنية بالحلّ كافة تبحث عن الحلّ في من تسبّب بالمشكلة.
سنتان من الأزمة وما زالت السلطات المعنية تبحث عن حلول إنقاذية ولكن ليس للوضع الاقتصادي إنما حلول وإنقاذ لمن تسبّب بالأزمة الاقتصادية ولمن يجب عليه ان يتحمّل الخسائر.
الجميع يعلم انّ أحد أهمّ أسباب الانهيار السريع للوضع الاقتصادي كان الهندسات المالية التي قام بها مصرف لبنان مع المصارف، بالإضافة الى سياسات المصارف التي اتبعتها بالفترة الأخيرة قبل الاصطدام… وأهمّها رفع سعر الفائدة على الودائع دون وجود حسيب ولا رقيب لا من مصرف لبنان ولا من لجنة الرقابة على المصارف ولا من الطبقة السياسية! ربما عن قصد عبر تغافل او بشكل مقصود عبر حصصها في المصارف وتحقيق الأرباح .
أيضاً من السياسات التي اتبعتها المصارف هو التوقف عن الإقراض بأيّ شكل من الأشكال، حيث انه لا يمكن نكران انّ المصارف كان لها دور في عملية منح القروض خصوصاً للمستثمرين، وكان لها دور إيجابي في تحريك العجلة الاقتصادية، ولكن حالياً هذا الدور متوقف وهنا يكمن الحلّ عبر إيجاد بديل للمصارف.
في الأزمات الاقتصادية تزداد نسبة الخوف لدى المستثمرين الصغار من البدء بأيّ مشروع جديد، بالإضافة الى إحجام الكثير من المستثمرين الكبار عن الاستثمار في اقتصاد منهار لأنّ السلبية او التوقع بعد تحقيق أرباح تصبح أعلى خصوصاً في بلد مثل لبنان حيث انّ المشاكل لا حلول لها بل وتستمرّ لفترات زمنية طويلة وأكثر الحلول بالتراضي.
مما سبق علينا البحث عن بديل عن المصارف او إيجاد حلّ للمشكلة التي صنعتها المصارف والتي تمثلت بالتوقف عن الإقراض وذلك في سبيل فتح مشاريع جديدة لتحريك الاقتصاد.
الاقتصاد المنتج حلّ طويل الأمد
في السنتين السابقيتين أغلب قرارات الدولة بكافة سلطاتها مبنية على الصدمة وليست حلولاً طويلة الأمد ولا تعطي نتيجة للخروج من الأزمة، وهو الأمر الذي يتطلب منا التفكير بإيجاد حلول طويلة الأمد تعطي قوة للاقتصاد وتجعله قابلاً للتصدي للأزمات بأقلّ الأضرار.
السبيل الوحيد للإنقاذ هو في بناء اقتصاد منتج زراعياً وصناعياً يساهم في التخفيف من البطالة ويساهم في الحصول على العملة الصعبة من خلال الصادرات الى الخارج وتخفيف الاستيراد، ايّ بمعنى آخر تخفيف العجز في الميزان التجاري اللبناني وتحسين الناتج القومي، حيث انّ هاتين النسبتين هما دليل عالمي على قوة الاقتصاد في أيّ دولة في العالم.
كما أنّ المجتمع اللبناني يعاني من كثرة الشركات العائلية او الشركات التي تتضمّن ثلاثة شركاء ومؤخراً سنّ القانون اللبناني شركة الشريك الواحد. صحيح أنّ هذا النوع من الشركات ساهم في تحريك العجلة الاقتصادية إلا انّ هذه الشركات تعاني من العمر القصير وبمشاريع صغيرة وبحاجة للاقتراض من المصارف. وللحؤول عن هذه المشاكل على المستثمرين تغيير عقلية الشريك الواحد الى شركات تتضمّن العديد من الشركاء، وان تخرج من عقلية الشركات العائلية الى شركات تحكمها قوة القانون في إدارة الشركات، وبهذه الطريقة او العقلية الجديدة في تأسيس الشركات أصبح هناك فرصة أمام المستثمرين الصغار للنهوض وإيجاد حلّ للمستثمرين الكبار بإيجاد بديل عن المصارف عبر الشركاء الآخرين ومساهماتهم المالية ويمكن فتح الباب للاستثمارات الضخمة وإطالة عمر الشركات لأكثر من جيل.
أيضاً من الحلول الممكنة لإيجاد بديل عن المصارف هو إنشاء صناديق استثمار بدعم محلي ودولي ويتمّ تمويل هذه الصناديق عبر الدول ورجال الأعمال الكبار وهدفها تمويل المشاريع الجديدة والكبيرة او دعم المستثمرين الصغار الجدد او التركيز على المشاريع الإنتاجية الزراعية والصناعية.
أخيراً ملاحظة صغيرة… تتميّز الدول التي تتمتع باقتصاد قوي إما في أنها تمتلك مواد خام أولية من نفط وذهب وحديد وسائر المعادن، أو أنها تمتلك اقتصاداً منتجاً… ويمكن دراسة كيفية الاستفادة من تجارب العديد من الدول التي عانت من أزمات اقتصادية وكيف استطاعت الخروج من أزماتها.