لبنان وسورية: الحدود والكهرباء والنازحون هل تستحق سورية كلمة شكر، ومن سيقولها؟
ناصر قنديل
– تتزامن العناوين التي تفرض حضورها تحت عنوان العلاقات بين لبنان وسورية، وكلها عناوين من العيار الثقيل، لبلد مثل لبنان ينزف ويعاني ويلهث طلباً لود حكومات لا تقدم له إلا شروط الإذعان والاذلال من دون مقابل سوى وعود سرابية غامضة، بينما لبنان الرسمي الذي يدير ظهره لسورية، وهو يردد أنها بوابته البرية الحصرية إلى العالم، وأنها معبر تجارته، وسورية لا تقبل السيئة إلا بالحسنة، فبعدما كان المنتظر زيارة لوزير الداخلية اللبنانية إلى سورية تنتهي بالإعلان المتبادل عن فتح الحدود بين البلدين أمام المواطنين ضمن ضوابط كورونا، تبادر سورية من طرف واحد لفتح حدودها أمام اللبنانيين، واللبنانيون الراغبون بالتوجه إلى سورية بعشرات الآلاف إن لم يكن بمئات الآلاف، على رغم إنكار المسؤولين السياسيين والحكوميين لهذه الحقيقة، ففي ظل ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية والغذائية والدواء إلى عشرين ضعفاً عما كانت عليه، تشكل سورية بأسعارها المعقولة بالقياس لقدرات اللبنانيين متنفساً استثنائياً، حيث الأسعار هي نصف القمية كمعدل وسطي عن الأسعار الموازية في الأسواق اللبنانية بالنسبة إلى السلع الغذائية والاستهلاكية، وأقل من الربع بالنسبة إلى الدواء، وكما في مثل هذه الأزمات يقصد اللبنانيون سورية بزيارات عائلية يشترون خلالها حاجاتهم ويقضون يوماً سياحياً رخيصاً ويعودون بمؤونة الشهر.
– بالتوازي تبذل سورية جهوداً استثنائية لإنجاز المطلوب لجعل استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري إلى لبنان عبر سورية ممكناً بأسرع ما تستطيع، على الرغم من أن الوفد اللبناني الذي زار سورية طلباً للموافقة لم يفعل ذلك إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من السفيرة الأميركية، كما صرح بذلك الوزراء أنفسهم، وانقطع بعدها التواصل الرسمي إلا عبر اللجنة الرباعية اللبنانية- السورية- الأردنية- المصرية، ولم يجرؤ وزير الطاقة الجديد على زيارة سورية على رغم قيامه بزيارات موازية لكل من مصر والأردن، والزيارة بالحد الأدنى من باب تفقد مسار الإنشاءات والتحضيرات التقنية التي تجري في سورية ضرورية، إضافة إلى أهميتها السياسية، ويبقى أن الملف الأكثر أهمية الذي يمثله ملف النازحين السوريين وما يتسبب به من إستنزاف للاقتصاد اللبناني، فلبنان يراسل سورية بالواسطة تجنباً للتواصل المباشر، على رغم حجم الاستنزاف، وسورية تتحرك وحيدة مع الهيئات الدولية المعنية لإقناعها بضرورة تمويل عودة النازحين انطلاقاً من الذين يقيمون منهم في لبنان، ويصل إلى بيروت المبعوث الأممي غير بيدرسون الذي كان في دمشق، وطلب منه المسؤولون السوريون سماع رأي المسؤولين اللبنانيين حول الامكانية العملية للبدء بخطة لإعادة النازحين، ونقل التمويل المقدم لهم من صفة نازح إلى صفة عائد.
– بالتزامن تشهد سورية كيف تستنفر الحكومة اللبنانية بوجه معارضين بحرانيين حقوقيين مهذبين سلميين، عقدوا مؤتمراً صحافياً حول الإنتهاكات التي تطال حقوق الإنسان في البحرين في بيروت، وتصدر المواقف المنددة وتدعى النيابة العامة للتحقيق، تحت شعار أن هذا المؤتمر إساءة لعلاقات لبنان العربية، بينما يقيم في لبنان عشرات بل مئات المعارضين السوريين ويتخذون منه مقراً لهم، وقد شهد لبنان مؤتمرات لتنظيم التدخلات العسكرية وإيواء المسلحين الإرهابيين، ووقف زعماء لبنانيون يصفونهم بالثوار، ولم يخرج صوت يندد ويعتبر ذلك إساءة تستحق المتابعة، وسورية تتجاوز كل ذلك ولا تلتفت إلى الوراء وتقول للمسؤولين اللبنانيين إن العرب الذين يهمكم أمرهم لأنهم يملكون الأموال، يتسابقون على زيارات دمشق، فقد زالت أسباب خشيتكم من الانفتاح على سورية، وواشنطن التي تخشون عقوباتها تمنحكم الإذن، فلماذا تترددون، على رغم أن المفروض أن لا تمر علاقة الأخوة لا بإذن الغريب، ولا ترتبط برضا الشقيق البعيد العلاقة بالشقيق القريب، والسؤال الذي ينتظر جواباً بعد كل ذلك، هل تستحق سورية كلمة شكراً؟ وهل من مسؤول لبناني يجرؤ على قولها شخصياً ومن دمشق من دون إذن أو استئذان؟