عون لنقابة المحرّرين: أؤيّد الدعوة لجلسة حكومية والانتخابات ستحصل وغيّرتُ تاريخ إجرائها إلى أيار
أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه يؤيد الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء حتى ولو تمّت مقاطعتها، مشدداً على أنه «لا يُمكن إبقاء الحكومة معطّلة، فهناك أمور تحتاج إلى البت بها، ومنها مثلاً إقرار الموازنة لتسهيل مسائل الكهرباء وغيرها من المواضيع».
مواقف عون أتت خلال لقائه أمس في قصر بعبدا، وفد نقابة المحرّرين برئاسة النقيب جوزف القصيفي والأعضاء: نائب النقيب غسان ريفي، جورج شاهين، علي يوسف، واصف عواضة، صلاح تقي الدين، جورج بكاسيني، وليد عبود، سكارليت حداد، يُمنى الشكر غريب وهنادي السمرا.
وتساءل عمّا «إذا كان تسليم الأموال إلى الشعب مباشرةً من دون المرور بالدولة، هو لتمويل الانتخابات النيابية وإيصال من ليس لديه تجربة إلى الندوة البرلمانية». ولفت إلى أنه طالب منذ سنة ونصف السنة بالتدقيق الجنائي «لمعرفة مسار المال العام، مَن سرقه أو أهدره أو من أخطأ بشكل فظيع في إدارته لكي نصل إلى هنا. لقد وضعوا القيّم على إعطاء المستندات إلى لجنة التحقيق، المسؤول الأول عن المال والهدر، وحتى الآن لم يسلّم المستندات. ومنذ سنة ونصف السنة، تبرز عقدة تلو الأخرى بوجه التدقيق يوماً بعد يوم «، مشيراً إلى أنه كان مرتاحاً أن المجتمع بلغ نضجاً يشجعه على المضي في الإصلاح، إنما اليوم «لم أعد أسمع أي صوت ينادي بالإصلاح، بل أسمع من يهاجمني ويتهمني باعادة النظام الرئاسي».
وأمل «بعد هذه الأحداث، نهاية حقبة معيّنة تخطّى عمرها الـ30 سنة، وباتت تحتاج إلى تغيير»، مؤكداً أن الانتخابات ستحصل «والأمر الذي غيّرته هو تاريخ إجرائها من 27 آذار إلى 8 أو 15 أيار وسنتفق على ذلك».
وأوضح «أن تراكم الأزمات علينا كان كبيراً جداً، أضف إلى ذلك وجود الإرهابيين على أرضنا سواء في عكار أو في السلسلة الشرقية، وكانوا يقومون ببعض أعمال الغزو على عدد من القرى، فحرّرنا شعبنا من الإرهاب ومن الخلايا النائمة التي كانت تزرع المفاهيم الإرهابية في المجتمع من عمليات تفجير إلى عمليات قتل، فاستتبّ الأمن، وازدهرت السياحة».
وعرض لبعض إنجازات العهد الإصلاحية والمشاكل والعقبات التي واجهته، لافتاً إلى أنّ «لدينا مشاريع كثيرة، من إنجاز أكبر مرفأ سياحي في جونيه على شرق المتوسط، إلى توسيع الأوتوستراد الممتد من نهر الكلب إلى طبرجا، كي يتمكن كل أبناء الشمال حتى عكار من الإفادة منه وهو مشروع ليس لكسروان فحسب».
وأشار إلى «أن كل المصائب من جائحة كورونا إلى انفجار المرفأ، تسارعت معاً في وقت لم يكن هناك من أموال». وأضاف «لا أنا ولا أنتم مددنا أيدينا إلى المال العام، وما من أحد يستطيع مدّ يده إلى الخزينة إلاّ من يحكمها ومن يحميه. وها نحن ننتظر عمل الحكومة، وهي حائزة على الثقة، وإذا لم تجتمع فهي ليست بقادرة على صرف الأموال، من المسؤول عن ذلك؟ لا يمكنني أن أصرف الأموال استثنائياً طالما أن الحكومة فاعلة وقائمة، بل في حال كانت ضمن مجال تصريف الأعمال. أجرينا تحقيقاً حول الأموال التي سُرقت سابقاً وتبيّن أن هناك 28 ملياراً على مدى السنوات الـ12 التي لم تشهد وضع موازنة».
وعن إمكان تعيين وزير إعلام جديد ، أوضح عون أن رئيس مجلس الوزراء لم يطرح بعد أي اسم لحقيبة الإعلام.
وسئل عمّا يحكى عن خلاف بين العهد ورئيس الحكومة وحزب الله وحركة أمل، فأكد «أن التفاهم قائم بشكل كبير مع الرئيس ميقاتي، وأن وجود اختلاف في الرأي أحياناً لا يعني الخلاف ويجب ألاّ يُسمى بذلك، لأنه بعدها يحصل نقاش وتنتهي الأمور بتوافق معيّن، وهذا أمر صحي. أمّا عن العلاقة مع حزب الله، فهناك أمور يجب أن تُقال بين الأصدقاء، ونحن ننادي بما يقوله الدستور، لأن عدم احترامه يعني أن تسود الفوضى». وترك عون الجواب على العلاقة مع حركة أمل، لأعضاء الوفد.
وفي ما يتعلق قوله بأنه سيقبل إذا ما قرّر مجلس النواب التمديد له كرئيس جمهورية، بحيث بدا الأمر كإيحاء لعدم إجراء الانتخابات، جدّد عون التوضيح أن هذا الجواب «أتى في سياق قولي أن هناك استحالة لحصول فراغ، وكنت قد قلت إنني سأغادر عند انتهاء ولايتي، وأقولها الآن أمامكم ايضاً، فسألني المحاور عن فرضية عدم حصول انتخابات نيابية، فأجبت: هناك حكومة قائمة، وسأل مجدداً: وإذا استقالت الحكومة؟ اجبت: يمكنها تصريف الأعمال، ولكن إذا حصل فراغ ولم تجر انتخابات واستقالت الحكومة فلن أترك البلد للفراغ. هذا ما قلته وأكرّره أمامكم.»
ورداً على سؤال أوضح أن «السلطة الحالية توافقية بثلاثة رؤوس، وبالتالي من الصعب أن تحكم. حتى الحكومة معرّضة لهذا الأمر، وهو ما يجب ألاّ يحصل لأن لها رأساً واحداً، والنظام الطائفي قائم على التوافق. لذلك، نأمل بعد هذه الأحداث، تغيير الوضع، فأنا اعتبره نهاية حقبة معيّنة تخطى عمره الـ30 سنة، وباتت تحتاج إلى تغيير. لن أتمكن من تحقيق ذلك في السنة الباقية من ولايتي، إلاّ أنني أُعلن عنه».
ولفت إلى «أن الدول الخارجية باتت تتحدث للمرّة الأولى عن إرسال الأموال والمساعدات إلى الشعب مباشرةً، من دون أن يُعلّق أحد على الموضوع. فهل المطلوب تمويل ثورات آو انتخابات؟ وهذا تقليل من الاعتراف بالدولة».
وسئل عن وجود دعم دولي للبنان والخشية من تلاشيه نتيجة الخلافات وعن سبب عدم دعوته إلى طاولة حوار أو مبادرة، فشدّد عون على «أنه مضى على المتحاورين 30 سنة وهم يتحاورون من دون الوصول إلى نتيجة. يجب تغيير المتحاورين ولو كنت أنا من بينهم».
وكان القصيفي ألقى في بداية اللقاء كلمة قال فيها «نزوركم اليوم، في أول نشاط رسمي بعد انتخابنا في عملية ديمقراطية، سادها تنافس راق، وتميّزت باقبال تجاوز الـ73 في المائة، ما يؤكد أن لبنان لا يزال بلد الحريات والديمقراطية، مهما اشتدت عليه الأزمات، وتتالت الكوارث الوافدة بالف زيٍّ وزيّ. ونرجو أن يشكل ما جرى في نقابتنا حافزاً للمسؤولين واللبنانيين، لكي ينجزوا استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة بالقدر نفسه من الشفافية، من أجل تحقيق التغيير المنشود بروح رياضية بعيداً من نهج المكاسرة والتحدّي التي لم يعد للبنان طاقة على احتماله».
أضاف «فخامة الرئيس، نعرف أنكم تحملون في أصابعكم جمراً كاوياً وتسيرون على درب الجلجلة وكيفما التفتم تجدون شوكاً منثوراً يُدمي وأنتم تقفون في مرمى السهام ووسط حصار النار التي تكاد تلتهم كل شيء. أعانكم الله على جبه كل التحديات وأمدّكم بفضيلة الصبر ووافر الصحة».
وتابع «أمّا بعد، فلا حاجة بنا لتصوير ما آلت إليه أحوال اللبنانيين في ظلّ هذه الأزمة الخانقة، فأنتم أدرى بها من موقع مسؤوليتكم، ولسنا نضيف جديداً إذا أسهبنا في عرضها. وإنّا إذ نحمل إليكم معاناة الصحافيين والإعلاميين، الذين يواجهون انهيار قطاعهم المهني بقلق وحيرة ويأملون بخطة وطنية جادّة لتحديثه وتنويعه كي يُصبح طاقة منتجة تفتح الآفاق أمام العاملين فيه والخريجين، آملين ما يستحق من اهتمام، نرى أنّ الأوان قد حان ، لكي تُسقط القوى السياسية خلافاتها وتبايناتها وتلتقي لتحقيق هدف واحد وهو إنقاذ الوطن لأن سقوطه لن يستثني أحداً، بل سيكون على رأسها جميعاً، وكيف للمواطن أن يطمئن وهو يرى حكومته التي هلّل لولادتها بعد طول انتظار غير قادرة على الاجتماع، والانطلاق لوقف التدهور الخطر الذي بات على وشك تقويض ما تبقّى من ركائز الدولة؟ هل يُعقل أن تُنهب أموال اللبنانيين، وتُهرّب بعض الودائع إلى الخارج، وأن تتهاوى عملتهم الوطنية، من دون محاسبة المسؤولين عن ذلك؟. هل يُمكن أن تكون سلطة مصرف لبنان والمصارف أقوى من سلطة الدولة، فيما هي عاجزة عن رشق القيّمين على هذا القطاع بوردة؟ هل يجوز أن يقع اللبنانيون فريسة الاحتكار والمحتكرين، ويعجزون عن تحصيل خبزهم كفاف يومهم بعرق الجبين، وهم ما كانوا إلاّ أعزّةً كراما؟ لن نسترسل في الحديث عن كذا وكذا وكذا، من القضايا التي تعرفونها جيدا، وبلغت حداً بات مستعصياً على الإصلاح في ظل إدارة شلاّء بحارة « كل مين إيدو إلو».
وأردف «فخامة الرئيس عذراً إن أطلت، فأنا لا أنثر الملح على الجرح. إنها الحقيقة. وأعلم بما تشعرون من حزن ومرارة، لكن السؤال يبقى: هل أن ما يحصل اليوم هو إيذان بسقوط الفلسفة التي قامت عليها دولة لبنان الكبير، وأن الوظيفة الريادية لوطننا في هذه المنطقة قد استنفدت، وأن ثمّة ولادة جديدة له تنتظر استكمال دورة الاهتراء لتطلّ بوجهها. وكيف سيكون هذا الوجه؟. ويبدو- كما يقول الشاعر- أن الليالي من الزمان حبالى، مثقلات تلدن كل عجيب. فخامة الرئيس شكراً على استقبالكم لنا، وحصّنكم الله بفضيلة الثبات وسط هذا الزلزال الذي يطاول جذور وطننا ومنابته، وكلّنا إصغاء لما ستقولونه وما عهدناكم إلاّ صريحاً».