14 كانون الأول… الحدود الشمالية والجولان جنوباً الأرض والشعب يتمسكان بهويتهما القومية
سماح مهدي*
لا يختلف اثنان على أنّ الأمة السورية تواجه عداءين مستفحلين: الأول وجودي ويتمثل بكيان عصابات الاحتلال، والثاني حدودي يتمثل بالاحتلال التركي.
فالأطماع الصهيونية الاحتلالية التي استهدفت جنوب الأمة السورية من فلسطين وجنوب لبنان، وصولاً إلى الجولان، ليست وليدة الأمس. فقد زرعت بذرتها في مؤتمر الحركة الصهيونية في بال عام 1897، وبدأت تنضج من وعد بلفور المشؤوم عام 1917، حتى صرّح عنها المجرم ديفيد بن غوريون في العام 1918 عندما قال: «يجب أن تضمّ حدود الدولة اليهودية النقب برمّته وجزءاً من سنجق دمشق وأقضية القنيطرة ووادي عنجر وحاصبيا».
وبعدما احتلّ جيش العدو الصهيوني 1250 كيلو متراً مربعاً من جولاننا السوري في العام 1967، عمد إلى تدمير ما يزيد عن 131 قرية جولانية، و112 مزرعة ومدينتين. فضلاً عن تهجير 131 ألف نسمة من أهلنا الجولانيين.
وعلى الرغم من كلّ الضغوط والاضطهادات التي مورست بحق أهلنا في الجولان، إلا أنهم لا يزالون يتمسكون بانتمائهم القومي وهويتهم الوطنية ومواطنيتهم في الدولة السورية.
نتيجة حرب تشرين التحريرية عام 1973، تمكن جيشنا القومي من تحرير 100 كيلو متر من الأرض الجولانية المحتلة. واستمرت المقاومة، ما حدا بما يسمّى «الكنيست» في كيان عصابات الاحتلال إلى أن يقرّ بتاريخ 14 كانون الأول 1981، ما عرف بـ»قانون الجولان» الذي يعتبر عملانياً قرار فرض «قانون وقضاء وإدارة كيان عصابات الاحتلال على الجولان».
فجاء الردّ سريعاً من أبناء شعبنا السوري الصامدين في الجولان برفض الإجراء الاحتلالي، مؤكدين تمسكهم بهويتهم.
وفي مقلب آخر أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 497 بتاريخ 17 كانون الأول 1981، الذي اعتبر فيه أن قرار الاحتلال بضم الجولان باطل ولاغ وليس له أي أثر قانوني على الصعيد الدولي.
ومن الجهة الشمالية للأمة السورية، يشكل 14 كانون الأول من كلّ عام ذكرى أليمة على أبناء الأمّة جميعاً. إذ لم يكد يمرّ عام على المذكّرة التي قدّمها الحزب السوري القومي الاجتماعي في العام 1936 إلى العصبة الأمميّة والأمم المتمدّنة ليثبت فيها سوريّةَ لواء الإسكندرون، حتى كان العلم السوري يُطوى عن اللواء.
وقد أكد مؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي الشهيد أنطون سعاده في الكتاب الذي أرسله إلى المفوّض السامي عن استعداد السوريّين القوميين الاجتماعيين للدفاع عن اللواء والاحتفاظ به مهما كلّف الأمر، مؤكّداً «أنّ الإتفاقية التي سلّم بموجبها لواء الإسكندرون إلى تركيا هي اتفاقية باطلة، وتكون خيانة لعهدة الجمعية الأممية، وتعدّياً على أرض الوطن وعلى حقوق الأمّة السورية الصريحة».
كما أنّ سعاده لم يكتفِ بأن أعلن يوم 14 كانون الأول يوم الحدود الشمالية، بل هو بادر منذ اليوم الأول لبدء التنفيذ العملي لسلخ لواء الإسكندرون عن جسم سورية إلى وضع المذكّرات وتسطير المقالات والتحرّك في أكثر من اتجاه، على الرغم من أنّ سعاده كان في العامين 1936 و1937، أيّ في الفترة التي تمّ فيها سلخ اللواء، في حرب مع الاحتلال الفرنسي وأدواته المحلية. فما أن يخرج من السجن حتى يعود إليه. وفي الوقت ذاته أيضاً، كان عليه أن يولي الخطر اليهودي في الجنوب السوري الكثير من اهتمامه، ويوجّه القوميين الاجتماعيين إلى التصدّي بكلّ قواهم لهذه الغزوة الإستيطانية الشرسة.
في الرابع عشر من كانون الأول يزداد الحزب السوري القومي الاجتماعي وكلّ أبناء الأمة السورية تمسكاً بأرضهم القومية. وهو العهد بمتابعة المسيرة الجهادية والنضالية حتى تحرير كلّ أرض قومية مغتصبة سواء أكانت محتلة من العدو الوجودي أو العدو الحدودي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ