الحاكم ولعبة الخداع البصري… من المسؤول؟
انشغلت الأوساط المالية بتحليل طبيعة خطوة حاكم مصرف لبنان للجم اندفاع سعر صرف الدولار صعوداً، بعدما لامس عتبة الثلاثين الأف ليرة للدولار الواحد، وخلال نهار أمس هبط الدولار إلى عتبة الـ26 ألفاً، ثم عاود الإرتفاع إلى الـ28 ألفاً، ما يعني وفقاً للخبراء أن المصرف المركزي لم يتدخل فعلياً للجم السوق، ولم طيبق حتى التدابير التي تحدث عنها لتخفيف الطلب على الدولار عبر ضخ كميات منها عبر المصارف، أو أنه ضخ الدولارات لحسابات مستفيدين، كما تمت العادة في فترة الدعم الفوضوي المتعمد، ولكنها لم تترك أثراً في السوق لأنها لم تدخل السوق على الاطلاق.
عملياً ما فعله حاكم مصرف لبنان هو لعبة حرب نفسية بالإيحاء بنيته التدخل، فتجمدت عمليات الشراء الهستيرية للدولار من قبل حاملي الليرات اللبنانية المذعورين من الارتفاع المبني على المضاربة، وتمهل المضاربون لاستكشاف حدود قرار الحاكم، بينما أقدم بعض الذين يحملون الدولارات على بيعها خشية المزيد من الانخفاض في السعر، لكن كل ذلك انتهى مع انكشاف حدود قرار الحاكم.
لعبة الخداع البصري التي نفذها الحاكم ستستمر فصولاً بأشكال مختلفة، لمنع بلوغ الدولار سعر الـ30 ألفاً، لأن الحاكم يعتقد بأن هذه العتبة النفسية لسعر الصرف ستطلق العنان للسوق لعتبات جديدة، وهو يراهن على ما ستحمله فترة الأعياد من ضخ دولارات في الأسواق تتكفل بتجميد صعود سعر الدولار، ويركب موجتها، وتقول التوقعات إن مفعول هذه الدولارات الوافدة مع قدوم عشرات آلاف المغتربين وربما آلاف من غير اللبنانيين، سيبدأ مطلع الأسبوع المقبل، والمطلوب هو مناورات سعرية إعلامية ونفسية حتى تبدأ النتائج بالظهور، وادعاء أبوة لجم الإرتفاع من دون أن يكون المصرف قد تدخل فعلياً، إلا حيث هناك مصالح لمصارف أو مودعين يتم تخديمها.
الأسئلة حول سلوك حاكم مصرف لبنان موجهة للجميع، فلا وزير مالية يتحرك على رغم الصلاحيات، ولا مجلس مركزي يتصرف على رغم الصلاحيات، ولا مفوض حكومة يسمع لها صوت، لكن الكل المسؤول غير مسؤول.