خير الأمور أوسطها…
خلال مراحل حياتنا الدراسية، تعلمنا طريقة واحدة للتفاعل والتجاوب مع الأسئلة. إننا مبرمجون ذهنياً لسنوات دراسية طويلة، على أن يطرح الأستاذ السؤال، ونحن نجيب ببساطة، على أن يطلب المعلم منا القيام بأمر ما فننفذه على الفور. بهذا تمت برمجة عقولنا عبر حوالى 12 سنة تقريباً على أنه من الواجب أن نقدم إجابة على كل سؤال يطرح علينا، حتى أننا بعد أن ندخل المرحلة الجامعية فإننا نفعل الشيء نفسه. أسئلة تُطرح على مسامعنا وعلينا أن نقدم أجوبة عليها. في مرحلة لاحقة ندخل غمار الحياة العملية، لنكتشف أن فن الإقناع في الواقع يكمن في أن نعرف حقيقة ما يعنيه الشخص المقابل، وماهي حاجاته ودوافعه الباطنية. لذا فإن أسوأ شيء يمكن أن تفعله هو أن تقدم إجابة مباشرة على كل سؤال يطرح عليك.
عندما يطرح عليك سؤال ما أو حتى اعتراض على أمر ما قمت به، كرر كلام الشخص الآخر بأسلوبك الخاص، ثم أطرح سؤالاً يسمح للطرف المقابل بتقديم إجابة مفتوحة. وهو ما يسمى ب «حوار الآيكيدو». ففي الفنون القتالية أنت تستخدم طاقة الخصم ضدّه، وهذا بالضبط ما عليك فعله.
هذه الطريقة تقوم على مبدأ فهم مشاعر الآخرين، وما الذي ينطوي خلفها، ثم إيجاد الحل للتوصل إلى أرضية مشتركة وامتصاص الطاقة السلبية الموجهة ضدك.
أضيق بمن يفتح كلامه بـ: ممكن أقول حاجة، لكن بدون زعل!
أتنمر من المتربحين من دموعهم ومن يقتاتون بماء الوجوه!
أتحصرم ممن يساوي بين الخطأ والجرم!
أتوجس ممن كلامه على الملأ ينضح بالحكمة، فيما لو اطمأن لبياض المكان من البشر، صخب حديثه بسواد خائنة الأعين همزاً ولمزاً!
لا أطمئن لمن لا يغير رأيه لو اتضح له خطؤه خشية أن يقال متلون!
أنفر ممن يتوسل الفكاهة لسلخ كرامة أخيه تحت بند المزاح!
آمن الإنكليز بمقولة الكاتب المسرحي «براونينغ»