لبنان في مهبّ الريح؟
} عمر عبد القادر غندور*
عيد وبأي حال عدت يا عيد…
على بعد أيام قليلة من عيدي الميلاد ورأس السنة، ترتدي ساحاتنا وشوارعنا ومنازلنا حلة العيد، وتحلّ الفرحة والأمل والرجاء بالميلاد المجيد وقدوم العام الجديد…
أما اليوم، فليس كغيره من الأيام الماضية، وهو بالتأكيد الأسوأ والأعتى والأظلم، وربما هو إيذان بما هو أسوأ وأدهى من كلّ العهود التي فتكت بوطن الأرز.
قلق وإحباط ويأس وانسداد أفق وضياع وعوز وفقر وبطالة وهجرة.
لا شيء يبعث على الارتياح والأمل…
بل مافيات السياسة والمال والاحتكارات والوكالات الحصرية، ودولار تحرّكه أبالسة لا يرقبون في الناس الّا ولا ذمة!
كلّ الأبواب مقفلة… لا إصلاحات، لا مساعدات، لا تنازلات، وربما لا انتخابات! ولا فترة سماح إضافية لحكومة ما زالت محجوزة في قفص الإنعاش! ووزارات هجرها أهلها لعجزهم عن الوصول إليها!
وازدياد حالات الفرار من المؤسسات الأمنية، فيما القطاع التعليمي الرسمي الابتدائي والثانوي والمتوسط يواصل إضرابه !وليس بأيدي السياسيين المسؤولين، كلام ولا سلام ولا أنصاف حلول… بل مكر وتربص وكيد!
حتى الجسم القضائي المتعدّد الولاءات ليس بخير… وآخر «إنجازاته» مذكرة توقيف النائب والوزير السابق غير قابلة للصرف…
والحال ليست على أحسن حال بين الرئاستين الأولى والثانية…
الرئاسة الأولى تصر على ان تكون المرجع للقرارات وليس رئيس السلطة الثالثة!
ولعلّ الرئيس نبيه بري أجاد وصف العلاقات بين المسؤولين في حديثه لمجلس نقابة المحررين حين قال: «بات معروفاً مَن لم يؤيد الطائف ولم يطبّق القانون ولا الدستور، والثنائي الذي يطلقون عليه «الثنائي الشيعي» هو ثنائي وطني وهو أبداً لا يريد تطييف القضاء ولا يريد تطيير طارق البيطار، وما نريده فقط العودة الى القانون والدستور، والانتخابات ستجري ضمن المهل الدستورية ولا مناص من إجرائها، وهل يُعقل التصديق انّ «إسرائيل» العدوة انفتحت على العرب وعلى النحو الذي يحصل اليوم والعرب يقفلون أبوابهم على لبنان الذي دفع أثماناً باهظة من أجل تثبيت عروبته وهويته. نعم المجلس النيابي يطلب ضمانات لحفظ حقوق المودعين قبل إقرار الكابيتال كونترول».
وعن الأزمات الاقتصادية قال الرئيس بري: انّ ٩٩% من الذي نعاني منه في لبنان أسبابه داخلية ومن «عندياتنا» وهو لم يحصل بين ليلة وضحاها بل منذ إقرار الطائف ١٩٨٩، مستشهداً بالشاعر الفلسطيني محمود درويش قائلا «الليل نحن إذا انتصف الليل»، للأسف لبنان في منتصف الليل والصمت يجول بيننا .
وحول موضوع الانتخابات أكد الرئيس بري احترامه للقرار الذي سوف يتخذه المجلس الدستوري سواء مع او ضدّ، فالانتخابات حاصلة ضمن المهل الدستورية.
وفي الشأن الإصلاحي والدور الرقابي لمجلس النواب أكد الرئيس بري انّ المجلس النيابي في المبدأ هو الذي يجب ان يحاسب السلطة التنفيذية، لكن مع الأسف هذا يمكن ان يحصل لو أننا لسنا في بلد طائفي، أما في لبنان والحال على هذا النحو من الطائفية والمذهبية كيف يمكن ان تستقيم الأمور، لقد أنجز مجلس القضاء الأعلى في هذا العهد تشكيلات قضائية ولم توقّع لماذا؟
بعد هذا العرض بتنا في نهاية الوقت الإضافي من حياة لبنان، وانّ التجربة اللبنانية الطائفية الفاشلة على مدى سنوات الاستقلال النظري، غير قابلة للحياة، وإذا أراد اللبنانيون إنقاذ وطنهم المتصدّع، ليس أمامهم الا التخلي عن الطائفية، وليحكم الأكفاء وذوو الاختصاص والمعرفة من أصحاب النفوس الأبية بغضّ النظر عن طوائفهم ومذاهبهم حتى ولو كانوا من طائفة واحدة او مذهب واحد.
الطائفية هي التي أوجدت ومكّنت الفساد، ولا يحلم اللبنانيون بوطن عزيز ومتمكّن ومزدهر ما لم يتخلّوا عن طائفتهم في مراكز الدولة ومفاصلها.