أوكرانيا كلما تأزمت الأوضاع
– ما زالت واشنطن تعمل بوصايا زبيغنيو بريجنسكي التي صاغها عام 1980 يوم كان مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس رونالد ريغان، والتي منها الاعتماد على تنظيم جهادية إسلامية تعمل تحت الراية الأميركية وتخدم سياساتها، ومنها أن أفغانستان هي نقطة التقرب الأميركية الأهم من عمالقة آسيا روسيا والصين وإيران، وأن أوكرانيا هي نقطة الضعف في الأمن القومي لروسيا.
– على الرغم من تراجع فاعلية استخدام ما وصفه بريجنسكي بالجهادية الإسلامية بعد معارك داعش والقاعدة الفاشلة في سورية والعراق ولبنان ونجاح محور المقاومة بهزيمتها، واعتراف إدارة الرئيس جو بايدن بفشل عسكري كبير في أفغانستان فرض الانسحاب من دون تحقيق أي من الأهداف مع الإعلان عن استحالة الفوز بتحدي البقاء، تراهن واشنطن على السير على القدم الثالثة وحدها عبر إثارة قضية أمن أوكرانيا في لحظة دولية تشهد تشابك التعقيدات وتزاحمها بوجه أميركا، وترسم موقعاً متقدماً لروسيا.
– في المرة السابق عندما أثار الأميركيون أمن أوكرانيا كانت معارك القاعدة وداعش في طور الصعود، والوجود الأميركي في أفغانستان خارج التداول، وراهن الأميركيون على أن الإثارة العالية الوتيرة التي بدأت في أوكرانيا ستنجح في فرض التفاوض بسقوف مناسبة مع روسيا حول سورية، وكان الدرس الروسي بتحويل الرئيس فلاديمير بوتين للتحدي إلى فرصة عبر المضي قدماً بضم شبه جزيرة القرم.
– هذه المرة لا يملك الأميركيون حتى فرصة التهديد بالعمل العسكري الذي لوحوا به في المرة الأولى، وهم بعد الانسحاب من أفغانستان غير ما قبله، وسقف أوراقهم تمثله العقوبات التي تأقلمت معها روسيا، والأميركي يحتاج التعاون والتنسيق مع موسكو في أكثر من ملف، لذلك يذهب الرئيس بوتين إلى الهدف الأبعد، وهو طلب تعهدات أميركية وأوروبية بعدم العبث في حدائق روسيا الخلفية، في دول أوروبا الشرقية والالتزام بعدم ضمها إلى حلف الناتو.
– البديل الروسي حاضر، وليس بالضرورة أن يكون اجتياحاً روسيا لأوكرانيا، بل إعلان انفصال شرق أوكرانيا، ولاحقاً الاستجابة لطلب انضمامها إلى روسيا، كما حدث مع شبه جزيرة القرم، أو كما يلوح قادة مقاطعات شرق أوكرانيا بأن يتولوا هم الدخول إلى العاصمة كييف.