مانشيت

غوتيريش يستكشف فرص الترسيم البحري والبري من دون مزارع شبعا… لتثبيت وقف إطلاق النار / الشامي أكد رقم خسائر حكومة دياب بعد سنة ونصف عند 69 مليار دولار / المجلس الدستوري يتجاوز أزمة النصاب وترجيح إقرار الطعن ورد القانون غداً /

كتب المحرر السياسي

شكلت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للبنان تعبيراً عن شمولية الاهتمام الأميركي- الأوروبي- الخليجي بالوضع الاقتصادي والملفات الأمنية لعناوين الصراع العالقة بين لبنان وسلطات الاحتلال، وكما هو معلوم بصدد تحركات الأمين العام للأمم المتحدة المنسقة مع واشنطن، فإن زيارة غوتيريش تعكس بلوغ التحضيرات الأميركية لمقاربة جديدة نحو لبنان مرحلة متقدمة تنتظر اللمسات الأخيرة، بعد جولة الإستكشاف التي يجريها غوتيريش، وقالت مصادر متابعة للزيارة التي ستعقبها زيارة المبعوث الأميركي الخاص بترسيم الحدود البحرية آموس هكنشتاين المرتقبة منتصف الشهر المقبل، أن إطار المهمة التي يؤديها غوتيريش تتصل ببحث امكانية الانتقال في تطبيق القرار 1701 من وقف الأعمال العدائية إلى وقف إطلاق النار، وهو ما ربطه القرار الأممي بحل قضايا النزاع وفي مقدمتها قضية مزارع شبعا، بعدما فشلت الأمم المتحدة في إقناع جيش الاحتلال على الانسحاب منها وإبقائها في عهدة اليونيفيل لحين حسم الوضع في الجولان، وفق القرار 242 الذي تعتبر القيادة «الإسرائيلية « أنه ينظم وضع مزارع شبعا وليس القرار 425، وتقول المصادر إن غوتيريش يريد ربط الترسيم البحري بالترسيم البري، لكن منقوصاً منهما مزارع شبعا إرضاءً لكيان الاحتلال، الذي يريد الاحتفاظ بالمزارع  كجزء من معادلته العسكرية والأمنية لأهميتها في الجغرافيا العسكرية، ووفقاً للمصادر المتابعة لمهمة غوتيريش فإن الحدود اللبنانية- السورية ستكون موضوع جس نبض أممي للبنان تحت عنوان الترسيم لتبرير نشر نقاط مراقبة تشارك فيها دول غربية.

بالتوازي مع مسار فيينا تشتغل واشنطن على ترتيب سلالها التفاوضية لملفات المنطقة، ومنها لبنان، حيث يجري تحشيد ملفات العلاقات اللبنانية- الخليجية، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وترسيم الحدود البحرية ومستقبل ثروات النفط والغاز، وملف النازحين السوريين، لتتشكل منها سلة يحاول الأميركيون تقديمها إطاراً متشابكاً لخطة إقامة توازن مع المقاومة بديل من رهان غير موثوق النتائج على الانتخابات، حيث البديل هو الامساك بمؤسسات المال والقضاء والأمن، والبحث بتسوية تضمن تبريد جبهة التوتر مع الاحتلال عبر الترسيم منعاً لتصعيد يسببه النزاع على ثروات الغاز والنفط، يعتقد الأميركيون والإسرائيليون أن المقاومة تستعد لجعله مدخلاً لحرب تخشى واشنطن وتل أبيب افلاتها من السيطرة.

في الجانب المتصل بمفاوضات اللجنة الحكومية مع صندوق النقد الدولي، قال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إن التفاوض يسير ايجاباً، وأن التوصل إلى تفاهم مبدئي مع الصندوق ممكن بين شهري كانون الثاني وشباط، وأكد الشامي أن الرقم الذي تم اعتماده للخسائر المالية هو 69 مليار دولار، وهو ذات الرقم الذي تم تحديدة من قبل حكومة الرئيس حسان دياب قبل سنة ونصف، وقامت القيامة ولم تقعد يومها، وعن توزيع الخسائر قال الشامي إن الذين ربحوا أكثر يجب أن يتحملوا نسبة أكبر من الخسائر، سواء من المصارف أو كبار المودعين الذين ربحوا من الفوائد المرتفعة.

الملفات السياسية العالقة تنتظر نتائج الطعن الذي قدمه التيار الوطني الحر بقانون الإنتخابات النيابية، وقد رجحت مصادر تتابع الملف القانوني للطعن أن المجلس الدستوري في مشارواته الجارية يبدو وقد تجاوز عقدة النصاب، في ظل توجه لدى جميع الفرقاء لعدم ممارسة ضغوط على أعضاء المجلس لتعطيل النصاب، بينما تشير النقاشات الجارية إلى قبول الطعن ورد القانون، والأمور تدور بين رد شامل للقانون، بما يعني إلغاء كل التعديلات، وهذا مستبعد، بينما النظر بنصاب التصويت فهو ليس من مهمة المجلس الدستوري باعتبار تفسير الدستور من صلاحية المجلس النيابي، وتقول المصادر القانونية إن الرد سيكون محصوراً بدائرة المغتربين التي تم الغاؤها بعدما كانت حقاً قانونياً مكتسباً تم تأجيله لمرة واحدة في القانون الأصلي، مرجحة العودة للنص الأصلي، أي اعتماد دائرة من ستة نواب للاغتراب، ما يفرض حكماً الذهاب لموعد الانتخابات البعد في شهر أيار لإنجاز الترتيبات اللازمة لدائرة الاغتراب.

استهلّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش زيارته إلى لبنان التي تستمر حتى يوم الأربعاء، من قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتم البحث في الأزمات التي يعاني منها لبنان والسبل الآيلة إلى الخروج منها، لا سيما ما يتعلق منها بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية، فضلاً عن موضوع النزوح السوري الذي أكد الرئيس عون ضرورة ايجاد مقاربة جديدة له، وضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته وتشجيع العودة الآمنة للنازحين إلى وطنهم.

وشدد على أن «لبنان سيشهد في الربيع المقبل انتخابات نيابية ستوفر لها كل الأسباب كي تكون شفافة ونزيهة تعكس الارادة الحقيقية للبنانيين في اختيار ممثليهم، ونرحب بأي دور يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة في متابعة هذه الانتخابات بالتنسيق مع السلطات اللبنانية المختصة».

وفي ما يتعلق بالوضع مع «إسرائيل»، أكد عون «التزام لبنان تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، والحفاظ على الاستقرار القائم على الحدود الجنوبية والتعاون الدائم بين الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل»، لافتاً إلى «استمرار الانتهاكات الإسرائيلية». وشدد لغوتيريس على «تمسك لبنان بممارسة سيادته على كامل أراضيه، وحقوقه الكاملة في استثمار ثرواته الطبيعية لا سيما منها في حقلي الغاز والنفط، والاستعداد الدائم لمتابعة المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية».

أما غوتيريش فأشار إلى أنه أبلغ الرئيس عون «أنني أتيت ومعي رسالة واحدة بسيطة، وهي أن الأمم المتحدة تقف متضامنة مع الشعب اللبناني».

وأردف: «نحثّ سياسيِّي لبنان على العمل معاً لحل الأزمة والانتخابات النيابية العام المقبل ستكون مفصلية».

وقال غوتيريش إنه «يشجع جميع الدول الأعضاء على مواصلة وزيادة دعمهم للبنان إذ أن هذا البلد يواجه ظروفاً صعبة».

هذا ويجتمع غوتيريش اليوم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السراي الكبير، في حضور رؤساء وممثلي كافة المنظمات والهيئات التابعة للأمم المتحدة في لبنان الأكثر بهدف تنسيق التعاون والعمل معاً من أجل الاستجابة لدعم لبنان.

وفي السياق تقول مصادر سياسية بارزة لـ «البناء» إن غوتيريش لا يحمل إلى لبنان حلولاً أو خريطة طريقة لحل الأزمات الاقتصادية، إنما هدف الزيارة دعوة اللبنانيين إلى تطبيق الاصلاحات وإجراء الانتخابات خاصة، وأن المجتمع الدولي يصر على ذلك لمساعدة لبنان، على اعتبار أن كل المؤتمرات التي نظمت من أجل لبنان ربطت الدول التي شاركت فيها تقديم الدعم بإنجاز الاصلاحات التي تتطلب بالدرجة الأولى اجتماع مجلس الوزراء، مضيفة أن غوتيريش الذي سيزور الجنوب ويتفقد مرفأ بيروت، وسيلتقي شخصيات من المجتمع المدني، وسيركز على ضرورة الالتزام بتطبيق القرارات الدولية.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي أمس أنه يمكننا أن نتوصل بين شهري كانون الثاني وشباط إلى اتفاق مبدئي بين لبنان وصندوق النقد الدولي، مضيفاً المفاوضات «ماشية».

وأفاد بأنّ «اللجنة الوزارية اتفقت مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أن حجم الخسائر المالية بلغت 69 مليار دولار، ويتحمّلها الحكومة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين».

وأوضح أنّ «موضوع كيفية توزيع الخسائر لا يزال قيد الدرس، ومن المفترض أن نتوصل له في المستقبل القريب»، مشيراً إلى أنّ «هناك 3 مبادئ انطلقنا منها ونستند عليها لتوزيع الخسائر، وهي الانصاف والعدالة في توزيع الخسائر، وهذا يعني أن الأشخاص أو الجهات التي استفادت كثيراً من الفوائد المرتفعة أو العمليات المصرفية التي جرت يجب أن تتحمّل قدراً من الخسائر، ونحن سنحاول بقدر الإمكان أن تساهم الدولة، ولكن نتجنّب أن تساهم في شكل كبير، لأنّ لديها مهمة أخرى وهي استدامة الدّين».

وشدّد على «أننا سنحاول الحفاظ على أصل الوديعة ومن دون «هيركات»، وهدفنا عدم قتل القطاع المصرفي لأننا لا يمكن أن نتقدّم اقتصادياً بغيابه». وشدّد على أنّ «الهدف هو تحفيز النمو الاقتصادي وتخفيض المداخيل، وكلّ خطة نقوم بها يجب أن تكون منسجمة مع مطالب صندوق النقد الدولي.

 وقال مجلس الوزراء يمكن إن تنعقد وأن ينحصر جدول أعمالها بملفات تخصّ الشعب. مشيراً إلى أنّ الأزمة اللبنانية شديدة التعقيد في ظل الخلافات السياسية، ولكن كل أزمة ولها حل والأمر يتطلب معالجات سريعة وقرارات سياسية جريئة مع تضافر الجهود.

إلى ذلك يزور الوسيط الأميركي لترسيم الحدود آموس هوكشتاين لبنان في النصف الأول من كانون الثاني لاستكمال البحث في ما توصلت إليه مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، مع إشارة مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن الإدارة الأميركية تستعجل إنجاز الاتفاق في الأشهر الأولى من العام المقبل.

حكومياً فإنّ الأمور لا تزال على حالها، وتعتبر مصادر مقرّبة من عين التينة لـ«البناء» أن لا مبادرات في الوقت الراهن، مشيرة إلى أنّ الأفكار التي طرحت في السابق كلها جرى تعطيلها من قبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وهذا يؤشر إلى أنه وفريقه لا يريدان عودة مجلس الوزراء إلى الاجتماع إلا إذا حصلوا على ما يريدون في ملف التعيينات. ورأت المصادر أنّ التيار الوطني لا يعمل على ايجاد الحلول، إنما يزيد الأمور تعقيداً وبات يشكل جزءاً من الخلاف القائم. وأضافت المصادر أن رئيس الحكومة بذل جهوداً كثيرة لمعالجة الأزمة إلى أنه وصل إلى طريق مسدود.

وعلى صعيد عمل المجلس النيابي، تقول المصادر إن ذهاب رئيس الجمهورية إلى عدم الدعوة إلى فتح دورة استثنائية لمجلس النواب من شأنه زيادة الأزمات في البلد.

وسأل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي أليس من المعيب أن يصبح انعقاد مجلس الوزراء مطلباً عربياً ودولياً، بينما هو واجب لبناني دستوري يلزم الحكومة؟ فكيف تمعن فئة نافذة في تعطيله باسم الميثاقية.

 ولفت إلى أنه «بعدم انعقاد مجلس الوزراء، تتعطل السلطة الإجرائية، ومعها تتعطل الحركة الاقتصادية بكل قطاعاتها، والحركة المالية، والحياة المصرفية. وبنتيجتها يفتقر الشعب أكثر فأكثر. أهذا ما يقصده معطلو انعقاد مجلس الوزراء؟

ودعا إلى وقف التشكيك المتصاعد بعمل القضاء وإلى استمرار التحقيق القضائي، وأن تسقط الحصانات عن الجميع، ولو في شكل محصور وخاص بجريمة المرفأ، ليتمكن القضاء العدلي الذي تقدم كفاية من أن يستمع إلى الجميع من دون استثناء، أيّ إلى كلّ من يعتبره المحقق معنياً وشاهداً ومتهماً مهما كان موقعه، ومهما علا إذا كان كلّ مواطن تحت سلطة القانون، فكم بالحري بالمسؤولين الذين تولوا ويتولون مناصب ومواقع وحقائب وإدارات وأجهزة في هذه المراحل الملتبسة»؟

إلى ذلك تعقد اليوم جلسة المجلس الدستوري، بشأن الطعن المقدم من قبل التيار الوطني الحر، على قانون الانتخابات، والذي سيصدر غداً في نهاية المهلة القانونية المحددة للمجلس لإصدار قراره بعد شهر من تلقيه المراجعة.

وبحسب المعلومات فإنه في حال وصول المجلس الدستوري إلى لا قرار كما تتوقع بعض المصادر، فإنّ الانتخابات سوف تحصل بالتاريخ الذي تحدّده الحكومة والمرجح أن يحدد في أيار، والمغتربون ينتخبون لـ128 نائباً، بالتالي فإنّ مسألة النواب الستة سوف يتمّ تعليقها للانتخابات المقبلة. علما أنّ الاحتمالات تصبّ في خانة إما قبول كامل الطعن أو ردّه أو قبول الطعن ببعض المواد وردّ الطعن في مواد أخرى. علماً أن رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب قال إنه في حال لم يتأمّن النصاب «أيّ حضور 8 من أصل 10» في التصويت، سنصدر لا قرار وهنا ربما نُجَر إلى طعن آخر.

هذا وقع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس قانون زيادة الاعتمادات المخصصة لهيئة أوجيرو، على أن يصدر القانون اليوم.

في سياق آخر تحدثت مصادر مطلعة أنّ رئيس الجمهورية طلب خلال لقائه مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات قبل أيام توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إلا أنّ عويدات لم يقم بأيّ خطوة، علماً أنه تواصل مع شخصيات سياسية مختلفة ووضعها في أجواء لقائه بالرئيس عون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى