«إسرائيل» على خط التهويل انحسار سياسي للدور مع «انعدام لآمال الشراكة»
} نمر أبي ديب
بلغ التهويل «الإسرائيلي» مداه الأقصى مع موقف وزير الدفاع بيني غانتس الذي أمر بحسب صحيفة «هآرتس» الجيش «الإسرائيلي» بالاستعداد لاحتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران، ويأتي هذا التهويل بالتزامن مع تصعيد سياسي وآخر عسكري على أكثر من جبهة إقليمية وحتى دولية في خطوة أحادية عكست محدودية الخيارات السياسية للحكومة «الإسرائيلية» في هذه المرحلة، وأكَّدَت على انسداد الأفق الاستراتيجي للدور «الإسرائيلي» المُهَيمِن في المنطقة، الذي سقط عملياً في فراغ انكفاء بدأته الإدارة الأميركية في أفغانستان، ولن ينتهي مع انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق كما أعلن قبل أيام رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وفي هذا نقطة تَحَوُّل استراتيجي سواء في توازنات المنطقة أم في حاجة «إسرائيل» الدائمة إلى نسج خيوط الشراكة المستقبلية مع دول النفوذ العالمي لضمان الدور المُهَيمن على الساحة الإقليمية، والجلوس على طاولات الشراكة الاستراتيجية في ملفات المنطقة الأساسية المتمثلة اليوم في «الاتفاق النووي» والمقصود مفاوضات «فيينا» وهنا يجدر التساؤل عن سقف المشهد التهويلي الذي يُمارس على الساحة الإقليمية؟ عن قُدرَة «إسرائيل» على ترجمة هذا التهويل في مرحلة انحسار سياسي وأيضاً عسكري بلغ معها الموقف الأميركي حدود التردّد والبحث عن مُبَرِّرات تمنح الولايات المتحدة الأميركية شرعية عدم التدخل عسكرياً في دول عديدة من ضمنها أوكرانيا، في سابقة أكَّد من خلالها الرئيس الأميركي جو بايدن على حقيقتين…
«التوقيت»… لا يتوافق حتى الساعة مع خيار الحرب الذي وجدت فيه «إسرائيل» بديلاً ظرفياً ذات بُعد استراتيجي نابع من استحالة الشراكة السياسية وحتى الأمنية في مفاوضات «فيينا».
«الالتزام المقدس» كما وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن ذات البعد الأخلاقي وأيضاً القانوني مع حلفاء الولايات المتحدة الأميركية في «الناتو» وفقاً للمادة الخامسة من اتفاقية الحلف الذي لا يشمل أوكرانيا على حد تعبير الرئيس بايدن.
بالرغم من السياسات الواضحة التي انتهجتها الولايات المتحدة الأميركية في علاقاتها الثنائية مع «إسرائيل» والتركيز الدائم في استراتيجيتها الشرق أوسطية على عاملين «أمن النفط» أحد أبرز مفاعيله الوجودية المعركة النفطية شرق المتوسط، و»أمن إسرائيل» التي تعيش اليوم حالة متقدّمة من القلق الوجودي نتيجة التغيير المفاجئ في نظام الأولويات الأميركية، وأيضاً نتيجة التحوّل الاستراتيجي في موازين القوى العالمية «الروسية الأميركية» من جهة والإقليمية من جهة ثانية في تعاظم لقوى شرق أوسطية كاسرة للتوازن الإقليمي وأيضاً للآمال «الإسرائيلية» المُتمثِّلة في الدخول كـ «شريك» أساسي على مفاوضات فيينا لما تُمثِّل في العمق الاستراتيجي لمستقبل المنطقة ضابط الإيقاع الأول في السياسة والأمن، وبوابة عبور التسويات والحلول لمُجمَل ملفات المنطقة ونخصّ بالذكر العلاقات «الخليجية مع إيران» و «العودة العربية إلى سورية» ومعركة شرق المتوسط.
انطلاقاً مما تقدَّم بلغ الموقف «الإسرائيلي» اليوم مرحلة متقدمة من التباين السياسي/ الأمني مع الولايات المتحدة الأميركية وتحديداً في الملف النووي، دون أن يعني ذلك خروج «إسرائيل» الكامل من العباءة الأميركية، أو في الحدّ الأدنى امتلاك قُدُرات العبث المُمَنهَج بمصالح الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، وهنا يجدر البحث في ما وراء المشهد التهويلي، انطلاقاً من تساؤل مَفاده هل تمتلك «إسرائيل» قدرة أخذ المنطقة إلى حرب إقليمية كُبرى بمعزل عن الغطاء الأميركي المرفق بالدعمين اللوجستي والعسكري؟
في السياسة تتخطى الإجابة على هذا التساؤل ردة الفعل الأميركية كونها تلامس في العمق العسكري قدرات الردع الإقليمية لمحور المقاومة، ومن زاوية أخرى الدور «الإسرائيلي» في المنطقة على قاعدة ضمان الاستمرارية بغضّ النظر عن الجهة الدولية الضامنة أو حتى الداعمة لهذه الاستمرارية أميركا كانت أم روسيا «الأقرب تاريخياً إلى الحالة الإسرائيلية» وهنا تجدر الإشارة إلى «تعاظم قوى» إقليمي/ دولي مشترك أفرزته «الحرب السورية» أكَّد في استراتيجيته الدفاعية على حقيقة ميدانية ثابتة أنهت بشكل كامل زمن الاستفراد العسكري بدول المقاومة وتلك حقيقة نابضة بحتمية التكامل وعلى «إسرائيل» إدراكها والتوقف عندها تجنباً لحسابات عسكرية خاطئة أو مواقف غير محسوبة النتائج في مرحلة مصيرية من تاريخ «إسرائيل» والمنطقة.
في الخلاصة «إسرائيل» على خط التهويل، وقيود التحرك كثيرة، في مرحلة «انحسار الدور» و»انعدام آمال الشراكة» هل نحن أمام مشهد «وهمي» أم حسابات خاطئة يمكن أن تذهب بالمنطقة إلى الانفجار؟