القضاء على الفساد يتحقّق بالتخلّص من النظام الطائفي
} ابراهيم سكاف
من الواضح أنّ تردّي الوضع الاقتصادي والأزمة المالية أنتجا أزمة اجتماعية غير مسبوقة في لبنان، حتى في أيام الحروب، في حين لم تظهر إلى الآن أيّ محاولات تحفف من وقع الأزمات التي تضع اللبنانيين أمام واقع خطير ومنعطفات شديدة الانحدار، بحيث يتعذّر على كلّ لبناني تأمين لقمة عيشه ومستقبل أبنائه العلمي والعملي وحياة كريمة لعائلته.
والسؤال: هل هذه الأزمة وليدة سياسات اقتصادية ـ مالية اتبعها لبنان، أم هي نتاج خلل في منظومة القيم الاجتماعية أو أنها وصفة خارجية استعمارية؟
تعدّ القيم الاجتماعية ـ الأخلاق والمبادئ ـ من أهمّ الركائز التي تُبنى عليها المجتمعات، فهي معايير عامّة ضابطة للسلوك البشري الصحيح المعزّز بالوضوح واليقين والوعي الاجتماعي والمؤسّس لقيام دولة قوية قادرة وعادلة تحمي أرضها وسيادتها وتحقق رفاهية الشعب. ولكن، طغيان حالات الفوضى والتفسّخ الروحي وغياب مفهوم المواطنة والزبائنية كلها عناصر نقيضة للقيم الاجتماعية. بحيث أصبح الفساد مستشرياً في كلّ قطاعات الدولة و»الشاطر هو الفاسد» الذي يتقاضى رشوات أكثر.
تختلف أسباب تجذر الفساد في لبنان عن الكثير من الدول. فهو أولاً فساد سياسي أنتجه ويحميه النظام الطائفي، ومن نتيجته، «الفساد المالي والإداري والقضائي». وبالتالي فإنّ هذا النظام الطائفي شرّع الفساد وأقام علاقة زبائنية مع رعايا الطوائف، علماً أنّ عمر الفساد من عمر النظام الطائفي، الذي يتحصّن بالخطوط الحمر الطائفية.
هذه هي حال لبنان، جزء منها مرتبط بخلل في منطومة القيم الاجتماعية، والجزء الأكبر بفعل فاعل خارجي ـ استعماري له اليد الطولى في تأسيس النظام الطائفي وحمايته. وهذا الخارج الاستعماري يضغط اليوم على لبنان ليس للإطاحة بنظامه الطائفي، بل من أجل ضرب القيم الاجتماعية التي تجسدت مقاومة ضدّ الاحتلال والعدوان.