أميركا الجنوبية نحو فلسطين من بوابة تشيلي
يتواصل تساقط أجزاء العالم الأسيرة من القبضة الأميركية المتآكلة بفعل الصدأ الذي بانت إشاراته الواضحة مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان، توجت عقدين من المكابرة والانكار لنتائج الحروب الفاشلة، التي شكلت منطقتنا ساحتها الرئيسية.
في كل مرة كانت الهيمنة الأميركية تصاب بالضعف والتراجع، كان الصدى الأهم يظهر فيما تعتبره واشنطن حديقتها الخلفية في أميركا الجنوبية، وهكذا جاءت موجات ما بعد الهزيمة الأميركية في حرب فييتنام وتصدرتها تشيلي، وتلتها السفادور ونيكارغوا، ومع وصول الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز للرئاسة بدأت موجة جديدة تنامت وتصاعدت حتى شملت البرازيل، وظهرت صورة اليسار الجديد يحكم أميركا الجنوبية، وشكل صمود فنزويلا مع الرئيس نيكولاس مودورو قاعدة صلبة للنهوض الجديد الذي تبدأ طلائعه بالتتابع بسرعة وقوة.
المهم أن الموجة الجديدة المناهضة للهيمنة الأميركية تأتي على إيقاع حقيقة الارتباط العضوي بين التراجع الأميركي ونهوض حركات المقاومة ودخول إيران الساحة الدولية كداعم ومساند لحركات التحرر، وتبولر موقف روسي وصيني أكثر جذرية، وفي قلب كل ذلك كان واضحاً أن الوعي الجديد لقوى التحرر يرتبط عضوياً بموقف حازم من الكيان الصهيوني، والتضامن الكلي مع شعب فلسطين ومقاومته، وهو ما بدا صريحاً وواضحاً في مواقف فنزويلا، ويبدو كخط ثابت مع ظاهرة الرئيس الجديد لتشيلي غابرييل بوريك.
بوريك الشاب والزعيم الطلابي رئيس تشيلي في الخامسة والثلاثين من عمره، صاحب برنامج للتحرر الاقتصادي والاجتماعي، مناهض جذري للسياسات الأميركية، وصاحب موقف عقائدي مبدئي من الكيان الصهيوني.
وصف بوريك «إسرائيل» بـ«الدولة السفاحة»، وذلك خلال لقاء له مع الجالية اليهودية بالبلاد، ووقع وثيقة لدعم القضية الفلسطينية خلال لقائه برئيس الجالية الفلسطينيّية في تشيلي، وصرح خلال شهر، في مقابلة تلفزيونية: أنه «نعم إسرائيل دولة إبادة ودولة إجرامية، يجب أن ندافع عن حقوق الإنسان مهما كانت قوة الدول». وغرد في وقت سابق رداً على هدية الجالية اليهودية له بمناسبة عيدهم الديني قائلاً: «إنها لفتة لطيفة، لكن كان من الأفضل أن يطالبوا «إسرائيل» برد الأراضي المحتلة إلى أصحابها الفلسطينيين».
العالم يدخل حقبة جديدة مع تغييرات أميركا الجنوبية عنوانها، إضافة معادلة رفض كيان الاحتلال والتضامن مع شعب فلسطين ومع محور المقاومة، إلى معادلة التحرر من الهيمنة الأميركية.