سوريا فَجْرُ الوجود
} يوسف المسمار
بسَلامةِ الوَعيِّ الحقيقةُ تُشرِقُ
وبحِكْمَةٍ بابُ الأعـالي يُطْـرَقُ
والفائزونَ همُ الألى بالوَعيِّ ثاروا
واعْتلوا قِمَمَ الفضائلِ وارتقـوا
واسْتَـلهَمـوا تاريخَ سوْريَّا الـذي
مَـلأ الـوجـودَ مآثِــرا تَـتَـألَّـقُ
وتظلُّ تَسْطعُ بالمواهبِ سوريا
مهـما ظـلامُ الجاهـليـةِ يُـطْبـقُ
روحُ الطهارِ تَجَسَدتْ في سوريا
فـغـدتْ بأنفاسِ الألوهـةِ تَـنْطُـقُ
هيَ خافـقُ الـدُنيا بكلِّ فـضيلةٍ
نَـفَـسُ الهُـدى من ذاتها يَتَـدفَّـقُ
بدأتْ بهديِّ العالمينَ ولمْ تـزلْ
إلاَّ الهُـدى وهُدى الهُدى لا تَعْشَقُ
هيَ سوْريا فَجْرُ الزمانِ ونـورُهُ
منها أطـلَّ على الوجـودِ المَشْرِقُ
هيَ سوْريا أمُ الحضارةِ ديـنُـها
حُـبُّ الفضيلةِ والخَيارُ الأصْدقُ
هيَ سـوْريا نبـعُ العلومِ ونَهْـرُها
ينسـابُ بالخُـلُـق البـديعِ ويَعْـبـقُ
هيَ سوريا تُـغـني الزمانَ بفكرها
وبـدونها يَـفـنى الزمانُ ويُسْحَـقُ
إلاَّ المكـارمَ لم تمارسْ ،لا، ولنْ
مهما فظاعاتُ المصائبِ تُـرْهِـقُ
نـورٌ على نـورٍ يَفيضُ ضياؤُها
في الكونِ يُحْييِّ الميِّتيـنَ ويَعـتـِقُ
عطرٌ على عطرٍ تفوحُ دماؤوها
ليظلَّ من عَشـِق الفـدى يَتَـنَـشْـقُ
نـارٌ على نـارٍ يَـثـورُ إبـاؤُها
في وجهِ من روحَ العداوةِ سَوَّقوا
هَـوْلٌ على هَـوْلٍ زُنـودُ شبابها
تَجْـتـثُ أرواحَ الطُغـاةِ وتَخـنـقُ
لـولا حضارةُ سوريا وطهارُها
ما كانَ يـوماً للحضارةِ مَنطِـقُ
هيَ للـرُقيِّ وللسُـمُـوِّ مـنـارةٌ
مَنْ ضَلَّ عنها في العماوةِ يَغْـرقُ
فالحَرفُ بعضُ نبوغها ونتاجها
والشـرْعُ من إبـداعـها يتـألَّـقُ
والـديـنُ لـولا وعْـيُها وهْـمٌ هُـوَ
للجاهـلـيـةِ والخُـرافـةِ بـَيْـدقُ
والفكرُ لـوْ لـمْ تبتغيه مُؤنسَـناً
ما ظلَّ في الإنسانِ ما يُستوثَـقُ
والعلمُ أيُّ كَـرامةٍ كانتْ لـهُ
لولا مَحامِدُها التي تـتـفـوَّقُ؟
والفـنُّ لولا ثَـديهـا ورضابها
لمْ يـبـق منه جـداولٌ تَـتَرقْـرَقُ
لا لنْ تدومَ إذا هوتْ في سوريا
شُـهُـبُ النُـبـوغِ منائـراً تـتألـقُ
ماذا يَظلُّ إذا المعارفُ أمْحلتْ
في سوريا والجهلُ صارَ يُهرطِقُ؟!
ماذا يَحـلُّ إذا خَبَـتْ في سـوريا
لغـةُ الحيـاةِ بعالـمٍ يتمـزقُ؟!
هيَ سوريا فَجْرُ الوجودِ ولمْ تزلْ
فَجْـراً على فجـرٍ بفجـرٍ يَلحَـقُ
ولـذا انتقاها اللهُ مهبطَ وَحْـيّـهِ
وإليـهِ مـنها يَصْعَـدُ المُتَـفـوِّقُ
سُوريِّةُ الدينِ الفضيلةُ روحُهُ
إن شـذَّ عن روحِ الفضيلةِ يَـفسقُ
أو حـادَ دينُ الله عن سُوريَّـتِـهْ
عَبَثاً يَظـلُّ الدينُ ديناً يَصْدقُ
فيها الهدايةُ والنعيمُ كلاهـما
من شكَ في هذا غبيٌّ أحْمَقُ
كرمى لعزكِ سوريا نَحُنُ الفدى
ودماؤنا مَطَراً لمَجْدكِ تُـهْـرَقُ
فيكِ المناراتُ التي لنْ تنطفي
والنورُ من آياتِ روحكِ يُبـرِقُ
ومَحاسِنُ الدنيا أطلَّـتْ وانجلتْ
من فيضِ حُبكِ للحياةِ وتـَنطـقُ
وبكِ ارتضى ربُّ الخليقةِ سِرَّهُ
أنتِ المحجُّ وللتسامي المَفـرقُ
مهما شرورُ الحاقدينَ تفاقمتْ
سيظلُّ خيرُكِ كلَّ شرٍ يَصْعـقُ
مهما أباطيلُ الطغاةِ تعاظمتْ
سيظلُّ حقُكِ كلَّ بُطلٍ يَمحقُ
مهما قباحاتُ الأسافلِ شوهتْ
وجهَ الحياةِ فحُسْنُ وجهكِ خارقُ
لولاكِ أنوارُ الحضارةِ ما ابْتَـدتْ
ولظـلَّ تاريـخُ الظـلامِ يُعَـتَّـقُ
فيكِ النوابغُ بالنبُّوة عُـمِّـدوا
إلاكِ ما عَشِقَ الإلــهُ ويَعْـشَقُ
والصالحونَ الصادقونَ جميعهمْ
من أرضكِ السَمْحاءِ للهِ ارتـقـوا
ستظـلُّ للإنسانِ فيكِ دِمَشـقُـهُ
من لا يُحِبُّ دمشقَ لا يتـفـوقُ
فالحَـجُّ فـيهـا للصدوقِ عـبـادةٌ
هيهاتِ يَصْلـحُ حجُّ من لا يَصدقُ
من سـوريا انبثـقَ الهُدى مُتلألأً
روحَ التراحمِ في الوجودِ يُعَـمِّـقُ
ولذا استمرَ على العطاء جهادُنا
ويَظلُّ يكبرُ بالفـداءِ ويَخْـفـقُ
يا حالمـيـنَ بعـالـمٍ مـتحـضرٍ
بجهادكم نَهْجَ الحضارةِ طـبِّـقـوا
واسْتَرجِعـوا التاريخَ منذ جلائه
وتأكـَّدوا أن الحـقيقـةَ تـنطـقُ:
من سوريا انطلقَ الهُدى والمشرقُ
وبسـوريا يـبـقى الهُـدى يتـدفـقُ
لنْ تَسْـلمَ الدنيا ويَسْــلمَ حسنُـها
إن سادَ في أرضِ الحضارةِ ناعـقُ
واللهُ يـأبـى أن يُـعـانـقَ نـورهُ
إلا الألى عَشِقـوا الهُدى وتعانـقـوا
ومضوا إلى حيثُ المطامحُ حلَّـقـتْ
فـتحلَّقـوا، وإلى الألـوهةِ حَلَّــقـوا
كرمى لعزِّكِ سوريا شَرَفَ الحياةِ
على الهـدايـةِ بالفــداءِ نـُوَثِّــقُ
ونَـظـلُّ نَنْهضُ بالحياةِ إلى العُـلى
ومدارَ ما بعـدَ التسامي نَخْـلِـقُ