القرار 1701 لا يعدل بالأمر الواقع
– تحمل لبنان ومقاومته وجمهورها بشكل خاص تدميراً وخراباً وموتاً تسببت بها الأيام العشرة الأخيرة من الحرب، بما يعادل الأيام الثلاثة والعشرين الأولى، ثمناً لمنع السير بمشروع قوات متعددة الجنسيات، ولفرض صيغة اليونيفيل بدلاً منها، وتلك التضحية لم تكن عبثية، وجوهر الفارق بين الصيغتين أن تفويض اليونيفيل يقوم على اعتبارها قوة إسناد للجيش اللبناني الذي يكون وحده صاحب السيادة على الأراضي اللبنانية، إضافة لتوليها مهام مراقبة وقف الأعمال العدائية والسعي لمنعها.
– صيغة القوات المتعددة الجنسيات تجعل الأمن في الجنوب دولياً، وتتحول القوات الأجنبية إلى قوات صاحبة سيادة، بينما على الطرف الآخر من الحدود يمارس جيش الاحتلال سيادة كاملة على الأرض الفلسطينية المحتلة، تتولى القوات الأجنبية وضع اليد على مهام سيادية لبنانية رئيسية، وهذه الصيغة انتقاص فاضح للسيادة طالما أنها ليست ضمن فرضية مناطق عازلة يجري احتسابها عادة على طرفي الحدود بالتناسب والتوازن، ويقصد من هذه الصيغة التي جرت محاولة فرضها على لبنان منح جيش الاحتلال منطقة أمنية غير مباشرة من داخل الأراضي اللبنانية تتولاها القوات الدولية.
– منذ إقرار القرار 1701 والمحاولات لم تتوقف لتوسيع نطاق السيطرة الأجنبية على السيادة من خلال محاولة تمرير خطوات أمر واقع، كمحاولة ضم الحدود اللبنانية- السورية إلى نطاق عمل اليونيفيل، وعلى رغم الفضيحة التي حملها تفجير 4 آب لجهة عدم قيام اليونيفيل البحرية بمهام منع دخول الحمولات المنصوص عنها ومنها نترات الأمونيوم المصنفة شديدة الانفجار، تجري محاولة جديدة بالتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، لفرض أمر واقع جديد يحول اليونيفيل إلى قوة متعددة الجنسيات، عبر تكريس قاعدة تغيير طبيعة تفويضها من قوة إسناد للجيش اللبناني الذي يتولى السيادة، إلى قوة بديلة للجيش في ممارسة السيادة.
– ما جرى في بلدة شقرا الجنوبية شرعي ومشروع، بالنسبة لأهل الجنوب، الذين يعرفون الفرق بدقة بين التفويض الصلي لليونيفيل والمحاولات الجارية تحت عناوين مموهة مثل الضرورات الأمنية، وتمكين اليونيفيل من القيام بمهامها، والقصد واحد وهو فرض إجراءات تنقل السيادة في الجانب اللبناني من الحدود إلى الجانب الدولي، وتبقيه على الطرف الآخر من الحدود بيد جيش الاحتلال، وما يعنيه ذلك من إنشاء مقنع لمنطقة أمنية تشبه فكرة الشريط الحدودي التي فشل الاحتلال بإقامتها عبر عملائه أيام جيش العميل أنطوان لحد.
– الغريب هو موقف المسؤولين في الدولة اللبنانية وغياب أي موقف لقيادة الجيش اللبناني، والنص واضح حول طبيعة تفويض اليونيفيل، والمسؤولية السيادية الحصرية للجيش اللبناني، الذي يحدد وحده بالتشاور مع البلديات والهيئات المحلية حدود المطلوب لحفظ الأمن داخل القرى والبلدات الجنوبية.
– هذا لعب بالنار.