أولى

شريط الأدلة السعودية على تورط حزب الله في اليمن؟

شاهد العالم والعرب واللبنانيون المؤتمر الصحفي المنتظر بعد إعلان مسبق عن أدلة ثبوتية دامغة على تورط حزب الله في حرب اليمن سيتم الكشف عنها خلاله، وجاءت المفاجأة بشريط مسجل تضمن صورة طائرة مسيرة وعلم يسهل الحصول عليه عبر الأنترنت لحزب الله موضعاً على لابتوب، وصورة شخص يتعامل مع إحدى الطائرات. فقال المتحدث السعودي العقيد تركي المالكي إنه من حزب الله، وجاء دور الدليل الدامغ فإذ هو عبارة عن متحدث يملي على جمع غير ظاهر في التسجيل تعليمات عن أهمية معركة الجديدة، والكلام لا يحتاج إلى خبير لمعرفة أنه  لا يشبه خطاب كل محور المقاومة في تعبئته الداخلية، والفضيحة هي أن اللهجة التي يتحدث بها من يفترض أنه مسؤول في حزب الله، لا تشبه اللهجة اللبنانية، ولا اللهجة اللبنانية المطعمة بالعراقية أو بالفارسية، وكأن المتحدث جاء بطلب ديليفيري توصيلة من شركة علي بابا.

الهشاشة الفاضحة في ما تم عرضه تقول أمرين، أهم من مجرد الضحك على ما ورد، الأول أن كل الحملة التي يسوقها السعوديون على حزب الله بداعي امتلاك أدلة هي مجرد حملات بلا دليل، سواء فيما خص حرب اليمن أو ما خص تهريب المخدارات أو ما خص اتهام حزب الله بالارهاب، فما دام هذا الشريط هو ذروة الأدلة الدامغة بعد تحضير نفسي وتشويق إعلامي لبثه، جاء على هذه الشاكلة فلنا أن نتخيل ما عداه، والثاني أن الذين يديرون الحرب على اليمن يسخرون من قيادتهم السياسية ويوهمونها أنهم يمسكون بزمام الأمور، فمن يهين سمعة دولته وقيادته بهذه الطريقة، وهو يعلم أنه يقوم بعملية فبركة سخيفة، يقوم بالمثل في تقديم المعلومات عن الوضع الميداني وعن الانتصارات الوهمية، وعن صد الهجمات، بحيث تعيش القيادة في عالم منفصل عن الواقع، بدليل أن أحداً من المسؤولين عن إدارة الحرب لم يرف له جفن وهو يضع هذا الشريط الفضيحة في التداول، بل ضمن تعاملاً معه في الإعلام الممول والمشغل خليجياً، بصفته انجازاً استخبارياً خطيراً، وأم جلب المرتزقة برتبة محلل وخبير، بمن فيهم من لبنانيين ليظهروا ذهولهم أمام خطورة الاكتشاف ودقة الاختراق والحصول على المعلومات، والإشادة بقيادة الحرب الذكية والمقتدرة.

السؤال عن اليمن هو هل يمكن توقع وقف الحرب ما دام الذي يفترض أنه يخسر ويتراجع، يعيش معلومات تقول إنه منتصر، ويطالب بتنازلات ممن ينتصر واقعياً؟ والسؤال عن لبنان، هل فيه مسؤول واحد يتصرف كأن حزباً لبنانياً كبيراً يعادل عنده اتهام كارلوس غصن بالاختلاس، ونحن لا نعلم بعد أن كان بريئاً أم لا، لكننا نعلم أن الدولة استنفرت لاستقباله وتحملت مخاطرة احتضانه، بينما لم نجد وسيلة إعلام واحدة تقول إن حدثاً إعلامياً بهذا الحجم يستحق التحقيق، ولم نجد وزارة أو نيابة عامة تضع الشريط تحت الفحص بداعي المسؤولية، فإذا ثبت أن حزباً لبنانياً بشخص أحد مسؤوليه هو الذي يظهر في الشريط، يستحق الأمر الاهتمام أكثر من بيانات الإدانة غب الطلب كلما وقع انفجار في جيزان أو نجران أو الدمام أو الرياض أو جدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى