2022 انفجار فانفراج!
} حسن الدّر
قيل في المأثور: «اشتدّي يا أزمة تنفرجي»، لكنّ هذه العبارة لم تعد تعبّر عن واقع البلاد والعباد، فقد عانى اللبنانيون شتّى أنواع الشّدائد بشكل تراكميّ على مدى ستّة عشر عاماً (منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري) من حروب واضطرابات واغتيالات، حتّى وصلنا إلى الانهيار الاقتصادي الشّامل، وهو آخر وأخطر الحروب؛ فحصل تعديل طفيف على شكل المثل السّابق لكنّه تعديل جوهريّ في مضمونه، وصار لسان الحال: «اشتدّي يا أزمة تنفجري»!
فهل يكون العام المقبل عام الانفراج بعد الانفجار؟
الولايات المتحدة الأميركية تستعجل ترتيب المنطقة قبل تفرّغها لمواجهة التنين الاقتصادي الصيني. الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى لتحصيل حقوقها النووية ورفع العقوبات الظالمة عن شعبها. المملكة العربية السعودية، المنهكة في اليمن، تريد الخلاص من ورطة «عاصفة الحزم» ومن كلّ مشاكل سياساتها الخارجية لكي تصبّ جهودها على ترتيب بيتها الداخلي، وتضمن انتقالاً آمناً لوليّ العهد محمد بن سلمان، واستكمال رؤية 2030 الاستراتيجية.
أمّا دولة الكيان الصّهيوني فترفع الصّوت عالياً على هامش مفاوضات «فيينا» أملاً بتوسيع دائرة التّفاوض، ليشمل الاتفاق صواريخ إيران البالستية وتقييد دورها في المنطقة الذي يمثل قلقاً وجودياً لها حسب تعبير قيادتها وإعلامها.
وتركيا الغارقة في أزمتها الاقتصادية تحاول جاهدة تحسين شروطها، من الشمال السوري إلى شرق المتوسط مروراً بليبيا واليونان، لتحجز مقعداً متقدماً لها في منطقة الشرق الاوسط بعد الخروج الأميركي منها.
ولا ننسى سورية، المؤثّر الأكبر في مصير لبنان ومساره، ومعه الوجود الشرعي الروسي الذي فرض نفسه بقوة المساعدة في الانتصار على داعش وأخواتها، وضمان وحدة الأراضي السورية بتماسك جيشها ودعم حلفائه وصمود قيادتها الأسطوري في مواجهة الضغوط الهائلة داخلياً وخارجياً.
واهم من يظنّ بأنّ الأزمة اللبنانية منفصلة عن هذه الملفات المحيطة بنا، فقد جرّب اللبنانيون السير بتسوية داخلية عام 2018 من دون تأمين الغطاء الاقليمي والدولي الكافي لنجاحها، فكانت النتيجة ما نعيشه اليوم من انهيار على كافة المستويات، وعليه، فإنّ صورة «لبنان الجديد» قيد الرّسم والتّلوين وفقاً لمخرجات التسوية الكبرى المنتظرة.
في الأثناء، تكثر التحليلات والتأويلات حول ما يمكن أن تنتهي إليها الأزمة اللبنانية!
الثابت، لدى الجميع، أنّ الصيغة الحالية انتهت صلاحيتها ولا بدّ من تعديل أو تطوير لأسسها، ويذهب البعض إلى ضرورة البحث عن صيغة جديدة مختلفة كلّياً تعكس واقع التغيّرات الجذرية التي تكرّست منذ 1992 إلى اليوم.
فالواقع الدولي تغيّر، وتحوّل من الإدارة الأحادية الأميركية للعالم إلى شراكة اقتصادية مع الصين وتشارك اقليمي مع دول تمرّدت على القرار الأميركي مثل روسيا وإيران.
والواقع المحلّي تغيّر أيضاً بعد الانتصارات المتتالية للمقاومة على «إسرائيل» وعلى الهجمة التكفيرية الشرسة التي مثّلت حلقة في سلسلة المشاريع الهادفة إلى ضرب محور المقاومة.
كذلك تحوّلات الواقع الديموغرافي في لبنان، تحتّم، حسب أصحاب نظرية التغيير الجذري، قيامة تلك الصيغة المتناسبة مع الوقائع الميدانية والسياسية المستجدة.
من هنا تبرز التساؤلات حول إمكانية حصول الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها!
إذا أخذنا بالاعتبار الاستحقاقات الدولية والاقليمية المؤثرة في الواقع اللبناني نجد من الضرورة التلازم بينها، بمعنى آخر، إذا نجحت مفاوضات فيينا، أو على الأقلّ نجح المتفاوضون في إعادة ترميم الثقة بينهما، وسارت الأمور في المنحى الإيجابي، وإذا استمرّت المفاوضات الإيرانية السعودية على خير، واذا اتضحت معالم التسوية في سورية، عندها فقط نستطيع تأكيد إتمام الاستحقاقات اللبنانية في مواعيدها.
أمّا في حال التّعثّر، فهناك رأيان:
رأي يؤكّد حصول الانتخابات النيابية في موعدها بضغط خارجيّ بهدف توظيف نتائجها على طاولات التفاوض.
ورأي يرجّح تطيير الانتخابات إمّا بحدث أمنيّ كبير أو بفوضى شاملة تسبق الانتخابات بسبب استفحال الأزمة المعيشية.
في مطلق الأحوال، سيكون عام 2022 عاماً مفصلياً في لبنان، فقد بلغنا من اليأس حدّاً لا مكان معه لمزيد منه، وإذا كان الانفجار ممرّاً إلزاميّاً للانفراج فحال اللبناني من حال المثل الشعبي: «وجع ساعة ولا وجع كلّ ساعة».