حزب الله بين الكبتاغون والبنتاغون…!
} د. قاسم حدرج*
من أسخف الأدوات التي استخدمتها أميركا في وجه حزب الله هي الدعاية السوداء التي تربط حزب الله بتجارة المخدرات والتي أوكلت للإعلام البترودولاري مهمة تسويقها على طريقة غوبلز: أكذب اكذب حتى يصدّقك الناس. وعلى طريقة حزب الله الذي لا يعطي أهمية كبرى لهذه الاتهامات السخيفة ولا يعتبر انّ كلّ اتهام باطل يستحق الردّ، فقد جاءت ردوده خجولة ليس ضعفاً منه بقدر ما هو استسخاف بهذه التهمة التي لا يملك مطلقوها دليلاً واحداً على صحتها وهم المشهورون عالمياً بالدعاية الكاذبة، فمن ينسى كولن باول وكذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق، ومسرحيات الكيماوي في سورية، وأحدث أكاذيبهم في هذا القرن متمثلة بالحرب على الإرهاب والتي رأى العالم نتائجها في أفغانستان وغيرها…
لكن الأمر لم يقف عند حدّ الدعاية الأميركية الخليجية فقد بدأ خصوم المقاومة السياسيين يستخدمونه بشكل شبه يومي في تصريحاتهم السياسية حتى وصل في بعض الأحيان الى المنابر الدينية مع مواكبة وتغطية شاملة من القنوات المأجورة التي باتت تعدّ تقارير إخبارية تستند فيها الى ما يروّج في الإعلام الخليجي، وتتعاطى مع كلّ شحنة مخدرات يتمّ ضبطها في هذه الدول وكأنها وضبت في الضاحية الجنوبية وشحنت بواسطة سيارات تابعة للمقاومة! بالرغم من انّ التحقيقات القضائية لم تشر في ايّ من القضايا التي ضبطت خلالها الشحنات بعد التصدير او قبله الى ايّ خيط يربط حزب الله بأيّ رابط، وبالتالي بات لزاماً علينا كحقوقيين ان نتصدّى لهذه الهجمة الظالمة بالوقائع الدامغة والأدلة والبراهين القاطعة التي تردّ التهمة على مطلقيها…
ولتكن البداية من علاقة الدولة اللبنانية بتجارة المخدرات والتي ذاع صيتها في العام 58 والتي كان عرابها المهرّب الزحلاوي العالمي سامي خوري، والذي ذاعت شهرته لدرجة انّ فرنسا أصدرت عن قصته كتاباً شرحت خلاله كيفية إقامته لدولة موازية قوامها عشرات القضاة وضباط الجمارك ورجال الأمن ونجوم المجتمع، ليُصار بعدها الى محاولة ضبط هذه الظاهرة إبان العهد الشهابي، لتعود الى الظهور بقوة بعد اندلاع الحرب الأهلية في لبنان حيث أنشأ أهمّ معملين لصناعة المواد المخدرة في دير الأحمر وعلى مشارف بعلبك.
وبعد ضغوط أميركية شكلية على الدولة اللبنانية بهذا الخصوص قدّمت الدولة رأس النائب يحيى شمص كقربان للإدارة الأميركية التي كان جورج بوش الأب قد أعلن فيها حربه على المخدرات في العالم، ولكن سرعان ما فضحه خلفه بيل كلينتون من خلال التقرير الذي أعدّه السيناتور تشارلز شومر وقدّمه الى الكونغرس والذي عُرف بإسم (عراق غيت2 ـ بوش والمخدرات) فضح خلاله دور الاستخبارات الأميركية في تهريب المخدرات من لبنان الى العالم حيث زاد عدد المتعاطين لمادة الهيرويين في أميركا 49% خلال عام واحد، ثم توالت التقارير التي تفضح بالأسماء الشخصيات الأميركية المتورّطة في هذه القضية، بينما اكتفى لبنان كعادته بتقديم شمص كقربان، وقام بالتغطية على المنظمة القضائية الأمنية والسياسية المتورّطة في هذه القضية، وهو ما يفعله اليوم أيضاً حيث يعلن عن ضبط مصانع للكبتاغون، آخرها في دير الأحمر، ومخازن في طرابلس وإحباط عمليات تهريب في الميناء دون الكشف عن أسماء أعضاء الشبكة التي تقف خلف هذه العمليات المنظمة، مفسحاً في المجال أمام الدعاية السوداء التي تتهم حزب الله لتشكل ساتراً يحجب حقيقة الجهات المتورطة، ولا يُخفى على أحد بأنّ حزب الله عدا عن انه يحرّم هذه التجارة فإنّ مصادر تمويله معروفة، أما الذين يتهمون الحزب فإنّ ثرواتهم تتنامى بشكل خيالي دون ان يكون لهم مصدر دخل معلوم!
هذا إضافة الى انّ أكثر ما عانى منه الحزب أثناء مواجهته للإرهابيين هو انه كان يواجه رجالاً سايبريين لا يشعرون بالألم ولا الخوف ولا التعب نتيجة تعاطيهم لمادة الكبتاغون المخصب، والتي كشف تقرير غربي انّ الاستخبارات الأميركية قد أنشأت مصانع لها في بولندا وبلغاريا…!
