حديث في النظام…
} خضر رسلان
يقوم النظام السياسي اللبناني على التقسيم الطائفي للسلطات الدستورية والمناصب الإدارية، وقد أدّت العيوب التي تكتنف نظام الحكم القائم على أساس طائفي إلى اهتزازات وفتن وحروب وتدخلات خارجية هذا رغم توقيع اتفاق الطائف في العام 1989، والذي وضع حدّاً للحرب الأهلية في لبنان.
انّ التعريف الموحّد للهوية الوطنية هو القاعدة في الدولة المركزية والعامل الأقوى في عملية بنائها، في حين انّ الزمن والتجربة التاريخية جعل السلوك الطائفي مألوفاً إلى حدٍّ كبير في لبنان، بل متأصّلاً في الروح الجماعية والسلوك الوطني.
فقد تفتّتت دول عدّة لطالما اعتُبرت خاضعة برسوخ إلى سيطرة الأنظمة القائمة وهذا ما أطلق حقائق كانت خافية إلى حدّ كبير تمثّلت في الطبيعة غير المتجانسة للنسيج الاجتماعي، وفي العلاقة الهشّة بين هذا الواقع وبين الدولة نفسها التي تتآكل شيئاً فشيئاً بينما تتفتّت مجتمعاتها بشكل متسارع، ربما على نحو لا يمكن إصلاحه وما يزيد الأمر صعوبة هو تنامي الهويات المناطقية التي تساهم في تعزيز هذا التفكّك، ويجعل عملية بناء الدولة عصيّة على التحقّق.
اليوم، يبدو الخلاف الأوسع والذي له تداعيات خطيرة هو الأكثر وضوحاً وقابلية للانفجار نتيجة للتفاعلات المتمحورة حول موقع لبنان وخياراته. وللمفارقة في حين يتعايش غالبية اللبنانيين جنباً إلى جنب تبرز جماعات تعمل على إعادة تشكيل الهوية من خلال التعبير عن نفسها أكثر من الناحية الطائفية والعنصرية .
في كل هذه الحالات، فإنه في ظلّ الدعوة الى الحوار بين مكونات الشعب اللبناني سيكون من الصعب وقف عجلة التفكّك التي أريدَ لها أن تنتشر، من دون توفّر وسائل جديدة ومبتكرة لإعادة الإدماج السياسي وسيتطلب ذلك إطلاق عمليات إعادة هيكلة سياسية، لوضع صيغ جديدة لإدارة السلطة تلامس المتغيّرات المستجدّة ويكون ذلك من خلال إيجاد التوازن المناسب بين هوية وطنية أكثر توحّداً تعكس الشعور بالسيادة الحقيقية وبين عدالة اجتماعية متساوية بين جميع المواطنين، وبناء على ذلك وفي إطار مناقشة العناوين الخلافية الكثيرة لا بأس من العروج على نقطتين إحداهما اللامركزية الإدارية والمالية، والأمر الثاني مناقشة الاستراتيجية الدفاعية وهما أمران وانْ كان لهما شأن وطني عام إلا انهما بشكل أساسي لهما اهتمام خاص في مناطق واقعة في أطراف الوطن.
أ ـ اللامركزية الإدارية والمالية ينتفي أساس طرحها وتتحقق العدالة الإنمائية والاجتماعية في حال كانت هناك إرادة جدية في مكافحة الفساد المتسلل من مندرجات النظام الطائفي القائم على أساس المحاصصة وتوزيع الغنائم بين القوى المتنفذة فلا يمكن لأي شعار يرفع عنوانه مكافحة أشخاص فاسدين في ظلّ وجود أنظمة وقوانين فاسدة ولادة للفاسدين، وقد سمح ذلك الواقع للفساد بأن يصبح شكلاً مقبولاً من أشكال السلوك السياسي بسرعة نسبية، ومع مرور الوقت، ترجم ذلك نفسه في عدم فعالية الدولة وشلل في عملية اتخاذ القرار، وفي المقلب الآخر عندما يوجد إدارة (وزير/ محافظ/ قائم مقام/…) يتمّ تعيينها من خلال الكفاءة دون اعتبار للهوية الطائفية والمحسوبية وتمارس مهامها بشفافية وسواسية بين جميع المواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم الطائفية والحزبية… ساعتئذ تنتفي الحاجة إلى الحديث عن اللامركزية الإدارية والمالية من خلفية الحاجة الى العدالة والإنماء المتوازن وهذا لا ينفي مناقشة هذا الطرح ولكن من زاوية أخرى ومعيار آخر وهو باب الإصلاح الإداري على مستوى الوطن التي يحتم تحديث المسالك الإدارية فيه وفق مقتضيات العصر.
ب ـ الاستراتيجية الدفاعية الوطنية
وهي من العناوين التي تهمّ اللبنانيين بشكل عام والقاطنين في الأطراف بشكل خاص، وهو الذين الذين اكتووا بالنيران «الإسرائيلية» منذ قيام الكيان الغاصب عام 1948.
وقبل الحديث عن إمكانيات المقاومة وعناصر القوة الرادعة للكيان الصهيوني وعن مفردات لطالما تحدث عنها العدو «الإسرائيلي» وبعض الخصوم في الداخل تتعلق بقرارات الحرب والسلم ودور الدولة وغير ذلك… لا بدّ من حلّ العديد من الإشكاليات والهواجس التي تقض مضاجع اللبنانيين وتحتاج الى أجوبة واضحة كمدخل طبيعي يعطي مشروعية للنقاش والحديث عن الاستراتيجية الوطنية الدفاعية.
1 ـ ما هي الضمانات التي يوفرها ما يسمّى «المجتمع الدولي» التي تردع الاعتداءات «الإسرائيلية» المتكررة والخروقات الجوية المستمرة فضلاً عن الأطماع في المياه والغاز والنفط.
2 ـ ضمان تطبيق كامل للقرارات الدولية والانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من قرية الغجر.
3 ـ عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ورفض التوطين.
4 ـ كسر الحظر الاميركي الذي يمنع تعزيز قدرات الجيش اللبناني بالإمكانيات العسكرية التي تستطيع إيجاد حالة توازن وردع مع الكيان الغاصب.