عون تقبّل تهاني القيادات العسكرية والأجهزة الأمنية: لا بدّ من مواجهة أسباب الأزمات ومحاسبة المسؤولين عنها
أعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أمله في «أن تشهد السنة المقبلة بدايةً لتصحيح الوضع المؤلم الذي ساد خلال العامين الماضيين وانعكس سلباً على حياة المواطنين ومعيشتهم واستقرارهم الاجتماعي والصحي»، لافتاً إلى أنه «لا بدّ من مواجهة الأسباب التي أدّت إلى معاناة اللبنانيين من أزمات متعدّدة اقتصادية واجتماعية وصحية وتربوية ومحاسبة المسؤولين الذين تسببوا بها على مرّ السنوات الماضية».
وشدّد على وجوب وضع حدّ للأخطاء التي ارتُكبت بحق الشعب اللبناني والتي أشار إليها في رسالته أول من أمس إلى اللبنانيين، مؤكداً تصميمه على «مواصلة النضال لتصحيح هذه الأخطاء على الرغم من العراقيل التي توضع في الطريق والتعطيل المتعمّد والممنهج للمؤسسات الدستورية والقضائية والإدارات».
ونوّه بـ»العمل الذي تقوم به المؤسسات العسكرية والأمنية التي يعمل ضباطها ورتباؤها وعسكريوها في ظروف اقتصادية ومالية صعبة»، مشدداً على «أهمية المحافظة على استقرار لبنان وسلامة أراضيه وإحباط أي محاولة للإساءة إلى هذا الاستقرار»، واعداً بـ«بذل كل جهد ممكن لتقديم الدعم اللازم لهم».
وركّز على «ضرورة عودة الإدارات إلى عملها المنتظم وتوفير الأجواء الملائمة لتمكين الموظفين من القيام بعملهم، من خلال التخفيف قدر الإمكان من حدّة الأزمة الاقتصادية التي يعيشون فيها»، معتبراً أن ذلك «يتحقّق من خلال المؤسسات الدستورية التي يُفترض أن تعمل بانتظام من دون أي تعطيل».
مواقف عون جاءت خلال استقباله أمس في قصر بعبدا، وفوداً من القيادات العسكرية والأجهزة الأمنية والمديرية العامّة لرئاسة الجمهورية والمستشارين ولواء الحرس الجمهوري، حضروا لتهنئته بمناسبة حلول عيدي الميلاد ورأس السنة الجديدة.
واستهل عون لقاءاته باستقبال وفد من قيادة الجيش برئاسة قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي ألقى أمام رئيس الجمهورية كلمة، قال فيها «في زمن الأعياد المجيدة، نردّد ما قاله البابا فرنسيس في رسالته الميلادية إن: لبنان يعيش أزمة غير مسبوقة وظروفاً مقلقة للغاية. وقال أيضاً: في يوم العيد هذا، نتوسل إلى الله أن يحرك في قلوب الجميع توقاً إلى المصالحة والأخوّة. إن هذه الأزمة قد أتعبتنا جميعاً ولكن يبقى الأمل بغد أفضل، هو الحافز لنا للمضي بمهماتنا، متسلّحين بقسمنا وثقة شعبنا بنا، بانتظار اجتراح الحلول السياسية والاقتصادية اللازمة لمنع استمرار تدهور الوضع».
وأضاف «نسأل الله أن يمدك بالقوة لمواجهة التحديات وأن يحمل العام المقبل معه كل الخير لك ولوطننا العزيز الذي يستحق أن ينعم بالأمان والسلام وأن يستعيد أبناؤه ثقتهم به، بعد أن فقدوها نتيجة الأزمات المتلاحقة وغادروه قسراً. إننا على يقين أنهم سيعودون حتماً إلى ربوعه عند استعادتهم الثقة به، لأن ما يجمع اللبنانيين بوطنهم رابط مقدس وأبدي».
وأكد أنه «على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي أثّرت على المؤسسة العسكرية كما على الشعب اللبناني، فإن المسّ بمعنويات العسكريين غير مسموح إطلاقاً. فمن كان شعارهم التضحية، لن تقوى عليهم التحديات ولن تنال من عزيمتهم. أبناء المؤسسة الذين عايشوا وتعايشوا مع أزمات لبنان وحروبه، سيبقون أوفياء لوطنهم ولن يخذلوه مهما قست عليهم الظروف».
وختم آملاً «أن تُستجاب دعوة البابا فرنسيس للحوار والمصالحة لما في ذلك خير لوطننا وشعبنا».
ثم استقبل عون وفداً من المديرية العامّة للأمن العام برئاسة مديرها العام اللواء عباس إبراهيم الذي ألقى كلمة، قال فيها «لثلاث سنوات خلت والأعياد تحلّ على لبنان واللبنانيين حزينة، موصولة بشيء من اليأس العام. والأخطر أن وطننا، وطن الرسالة والنموذج في العيش المشترك، مطلوب إسقاطه خدمةً لتعميم نماذج الدولة العنصرية المحتلة لفلسطين، أو ضرباً لمفهوم التعايش بين الحضارات والأديان، لأنهم يريدون عالماً يسوده صراع الحضارات نقيض لبنان».
وتابع «كلنا يُدرك صعوبة الأوضاع وخطورتها وعمق الأزمة التي تهدّد الكيان أكثر من أي يوم مضى، لذا، فإننا نحتاج إلى خطوات غير تقليدية واستثنائية من ضمن القانون والدستور لإنقاذ الوطن وإعادة بناء الدولة الحديثة التي طالما ناديتم بها. وعدت أن تكرس ما تبقى من ولايتك الرئاسية لوضع الإصلاح على سكته الصحيحة وكل اللبنانيين الإصلاحيين ينتظرون المبادرة، فهم يعرفون صدق نواياكم، وأن الأوان لم يفت بعد، ولا تزال الفرصة سانحة لمنح الشعب اللبناني بارقة أمل بغد أفضل، كي تعيد إليهم الثقة ببلد تحوّل بفعل الفساد وغياب العدالة الاجتماعية والإدارة الرشيدة إلى قاتل للأحلام ومقبرة للطموحات».
وأردف «نحن في المديرية العامّة للأمن العام نعمل بأقصى طاقتنا وباللحم الحيّ لمنح شعبنا الخدمة والأمان ونتعهد أمامكم بأن نبقى على العهد وفي جهوزية تامّة، لمنع العابثين بالسلم الأهلي من تحقيق مآربهم، ومواجهة أي خطر داخلي أو خارجي ودائماً تحت سقف القانون. كما سنقف سدّاً منيعاً في وجه المشاريع المشبوهة أو المغامرات المتهوّرة وكلنا اكتوى من زمن الحروب البغيضة».
وأكد المضي قدماً «في أداء مهماتنا الوطنية على الرغم من كل الظروف الصعبة»، مشدّداً على أن «لا تهاون ولا استنسابية في تطبيق القانون ولا تقاعس في تنفيذ المهمات أو تقديم الخدمات، فالعمل يتواصل بمناقبية عالية على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي حاولنا قدر المستطاع التخفيف من أعبائها. التحديات كبيرة، المهمّة صعبة لكنها ليست مستحيلة».
ثم التقى رئيس الجمهورية وفداً من المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي برئاسة مديرها العام اللواء عماد عثمان الذي ألقى كلمة، أشار فيها إلى أن «مؤسسة قوى الأمن الداخلي تأثّرت كما كل مؤسسات الدولة، بالانهيار الذي أصاب لبنان، وقد طال ذلك عديدنا وعتادنا، والوضع العام لا يحتمل التأجيل في أخذ القرارات المنصفة بحقنا، خصوصاً أن بعض القطاعات الخاصة بدأت بمعالجة مشاكلها بطريقة أو بأخرى من خلال تسوية رواتب موظفيها على نحو يتناسب مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل انهيار قيمة العملة اللبنانية».
وأمل «إيجاد حلول سريعة وناجعة لمواجهة هذه المشكلة من خلال رفع قيمة رواتب الضباط والعناصر، بما يتناسب مع سعر صرف الدولار، إضافة الى مضاعفة قيمة الميزانيات المخصصة للأمور الاجتماعية والطبية وللعمل التشغيلي لمؤسستنا».
واستقبل عون بعد ذلك، وفداً من المديرية العامّة لأمن الدولة برئاسة مديرها العام اللواء طوني صليبا الذي القى كلمة، قال فيها «الحمل ثقيل ولكن يسهل حمله لمن تسلّح بالإيمان. الظروف قاتلة ولكنها ستزيدنا قوة ومنعة بعد أن نتخطاها، وأعداء الوطن كثر ولكننا لهم بالمرصاد على مدار الساعة، وكلما انتشر الشك بنجاة قارب الوطن، زدنا نحن يقينا بتخطّي العاصفة عندما تكونون القبطان، في مرحلة، الكل مدعو فيها إلى التجذيف والتعاون بإيمان».
وتقبّل عون تهاني كبار المسؤولين في المديرية العامّة لرئاسة الجمهورية وفريق المستشارين. وألقى الوزير السابق سليم جريصاتي كلمة، قال فيها «نتقدم من فخامتكم بأطيب التهاني بسنة ملؤها الأمل الذي يبدأ بالإحساس بالمسؤولية وبمشاركة الجميع بتحمّلها لأن المسؤولية لا يُمكن أن تكون إلاّ جماعية من أجل إنقاذ لبنان، إذ لا يُمكن لشخص مهما كانت قوته وحيثيته الدستورية أن يقوم بمهام صعبة للتخلّص من الإرث الثقيل الذي ورثناه من التسعينات إلى اليوم لوحده».
كذلك ألقى المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير كلمة، أكد فيها أننا «سنبقى سائرين وفق المبادئ التي تعلمناها منكم وهي، المثابرة وعدم التراجع عن الحق والحقيقة وعدم الخوف منهما».
ورد عون شاكراً أسرة المديرية العامّة لرئاسة الجمهورية على «الجهود التي بذلها العاملون في دوائرها خلال السنوات الماضية وتميّزهم بالإخلاص والوفاء»، داعياً إياهم إلى «المزيد من العطاء على رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد».
واستقبل عون ضباط لواء الحرس الجمهوري بقيادة العميد الركن بسام الحلو الذي القى كلمة، قال فيها «نستغل هذه المناسبة لنعاهدكم بمواكبة مسيرتكم والمضي إلى جانبكم رغماً عن كل الظروف الصعبة والدقيقة التي نعيشها يومياً خصوصاً جائحة كورونا والوضع الاقتصادي. وسوف نبقى على جهوزية تامّة، لتنفيذ المهمات الموكلة إلينا وفقا لتوجيهاتكم».
وردّ عون منوّهاً بـ»جهود ضبّاط وعسكريي لواء الحرس الجمهوري وبالدور الذي يقومون به إسوةً برفاقهم العسكريين».