المزايدات الانتخابية سياسة خاطئة في معركة «لَيّ الأذرع» واستنهاض الشعبوية…
} نمر أبي ديب
ما بين ثلاثية التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت، الانتخابات النيابية المقبلة، والاستحقاق الرئاسي المقبل، دخلت الدولة بمكوناتها التشريعية، التنفيذية، وحتى القضائية مرحلة متقدمة من الشلل المؤسساتي القاتل، المُرفَق برغبات خارجية وأجندات إقليمية/ دولية، أكَّد من خلالها الرهان الأميركي على مركزية الانتخابات النيابية المقبلة في مسار التغيير «المُنتظر أميركياً» على الساحة اللبنانية، حيث أعربت الإدارة الأميركية أكثر من مرة عن رغبتها في تغيير الأكثرية النيابية داخل برلمان 2022 معلنة بذلك بداية مرحلة جديدة من الاصطفافات السياسية القائمة بالدرجة الأولى على استراتيجية «لَيّ الأذرُع» تمهيداً للاستفراد السياسي بالقرار الداخلي، خصوصاً في المعركة الرئاسية المقبلة التي بدأتها القوى المعنية منذ أكثر من سنتين وسوف تستكملها على نحو أوسع لا بل أشمل في مرحلة ما بعد انتخابات 2022، وفي هذا دفع سياسي في اتجاهين:
الإتجاه الأول يتمثَّل في استدراج عروض انتخابية لقوى حليفة وأخرى تطمع في إعادة التموضع على مسار المتغيّرات اللبنانية، من جهة لتحسين حضورها السياسي وإنعاش واقعها التمثيلي ومن جهة أخرى لإعادة صياغة حضورها البرلماني ضمن أكثريات جديدة ضامنة في أقلّ تقدير للاستمرارية السياسية، بمعزل عن مفاعيل المواجهة الانتخابية، وأيضاً عن مُتطلبات الحاجة الأميركية في هذه المرحلة.
الإتجاه الثاني يكمن في تحميل حزب الله تبعات ما حصل ويحصل على الساحة اللبنانية، وهذا مسار انطلق فعلياً مع الحصار الأميركي «الاقتصادي» على لبنان، مروراً بتفجير مرفأ بيروت وتداعيات التحقيقات التي أجراها القاضي طارق البيطار وصولاً إلى كلّ ما يمكن تحميله سياسياً اقتصادياً وحتى أمنياً «للحزب» ضمن مرحلة تمتدّ حتى إجراء الانتخابات النيابية المقبلة التي يُفتَرَض أن تُحَدِّد على أساسها القوى الدولية سقف المواجهة السياسية في الانتخابات الرئاسية لاحقاً.
عكس الحضور السياسي لقوى أساسية موجودة اليوم على الساحة الداخلية حجم التحوّل المُتنامي في بنية المواقف الداخلية وأيضاً في الخيارات الاستراتيجية التي شكَّلَت على مدى سنوات طويلة سقف التوازن اللبناني ـ اللبناني في «كفته الراجحة» وعصب الإنجازات المُتلاحقة في «السياسة والرئاسة»، وهنا يجدر التساؤل عن سقف المشهد التصعيدي الذي تُمارِسه بعض القوى الحليفة في تعاطيها المباشر مع حزب الله عن قُدُرات المناورة التي تختزنها قوى أساسية ما زالت حتى اللحظة مُتَسَرْبِلَة لا بل مُتَسلحة بورقة تفاهم لبنانية رسمت بها ومن خلالها الإطار العام لحضورها السياسي الفاعل والمؤثِّر داخل المؤسسات؟
هنا يجدر التساؤل عن فرضيات وحتى عن تكهّنات في السياسة والأمن من بينها هل تملك تلك القوى إمكانية رسم خطوط تماس سياسية جديدة ضمن مساحات خلافية مُتَنقلة في السياسة الداخلية والأمن الانتخابي على مسار الاستحقاقات الدستورية المقبلة النيابية منها وحتى الرئاسية؟
انطلاقاً مما تقدّم بات واضحاً للجميع غياب البديل اللبناني القادر على منح البعض إمكانية الخروج الكامل من تحالفاتهم السياسية وتموضعاتهم الاستراتيجية بالرغم من متطلبات المرحلة الحالية وعوامل استنهاض الشعبوية، وهذا يتضمّن اعكاس كامل للثقل الوجودي الذي فرضته معركة «لَيّ الأزرُع» على الساحة المسيحية وتحديداً التيار الوطني الحر الذي دخل تدريجياً مرحلة الاستعداد السياسي لمعركة الحفاظ على الأكثرية المسيحية وهنا تجدر الإشارة إلى جُملة عناوين سياسية انتخابية أبرزها…
مفصلية الانتخابات النيابية المقبلة في حسابات المنظومة الدولية التي كشفت عن رغبتها في تغيير الأكثرية النيابية داخل برلمان 2022، وأيضاً في حسابات حزب الله الذي يخوض على مستوى الداخل والخارج معارك وجودية مع مشاريع دولية كُبرى من بينها «الفيدرالية، التدويل، وأيضاً التطبيع.
ما يجري اليوم على الساحة اللبنانية يُحاكي في أبعاده السياسية حسابات إقليمية وأخرى دولية على القوى اللبنانية تلمُّس مفاعيلها الاستراتيجية وأيضاً مؤثراتها الظرفية في مرحلة لم ولن تمنح فيها ازدواجية الخطاب الذي نشهده اليوم عند بعض الأطراف إمكانية الانتقال الهادئ في السياسة على أقلّ تقدير إلى الحضن الأميركي الذي يخوض معركة إسقاط الأكثرية النيابية من البوابة المسيحية تحديداً مع أولوية سياسية باتت تتمثَّل اليوم في حزب القوات اللبنانية.
في الخلاصة يقف اللبنانيون اليوم على خطوط تماس داخلية سياسية انتخابية وحتى قضائية، وسط انعدام شبه كامل للخيارات السياسية وحتى للتسويات الداخلية المتوسطة والشاملة، لبنان في عين العاصفة الوجودية والانهيار لن يستثني أحداً فهل من يتَّعِظ؟