لنوحّد الجهود والهمم ضد التطبيع بمواجهة أنظمة رخوة وحكّام بلا نخوة
} ابراهيم وزنه
إنطلاقاً من ضياع البوصلة العربية في تحديد وجهة العدو الحقيقي للعرب، ورضوخ غالبية الأنظمة العربية لرغبات السيد الأميركي، والمساعي المستمرة لتشويه صورة الجمهورية الاسلامية الايرانية، إنطلقت عمليات قلب الحقائق في نفوس وعقول الكثيرين من المستفيدين من “الكذبة الكبيرة”. بناء على هذه المعطيات المنافية للواقع، ونكاية بالمحور المقاوم الممانع، الداعم للقضية الفلسطينية المناهض للكيان الغاصب، ارتأى الغرب التسلل عبر تسويقه فكرة التطبيع بين الأنظمة العربية “الرخوة” غير المبدئية مع دولة اسرائيل، هو تطبيع متعدد الوجوه، فمنه الثقافي والسياسي والعسكري والعملي … وصولاً إلى الرياضي، فماذا نقرأ في صفحات التطبيع الرياضي بين الصهاينة والعربان؟ حيث صرنا نتابع أنشطة رياضية في ملاعب وقاعات يرفع فيها شعار التنافس الشريف بغياب الشرف، كما يتبجّح المشاركون بالروح الرياضية على حساب روح الحق والعدالة الانسانية، للأسف يعرفون ويحرفون!
قبل الاعلان عن التطبيع بين بعض دول الخليج العربي والكيان الغاصب، كانت مكاتب التمثيل والسفارات الاسرائيلية موجودة في أكثر من بلد عربي، من منطلق أن النفس الأمّارة بالسوء مع السعي للوصول إلى مراكز القيادة عبر دعم غربي وأميركي هي ثوابت تتحكّم في عقول ملوك وأمراء وحكّام ورؤساء معظم الأنظمة العربية.
ماذا عن الرياضة وملاعبها؟ حيث سياسات التطبيع والمباريات الاستعراضية، ستأخذ الشباب العربي إلى أماكن أخرى، وتغذيّه بقناعات كاذبة ومشوّهة، في مقدّمها إضفاء الشرعية على الاحتلال الصهيوني، وتعرية القضية الفلسطينية وخيانة علنية لدماء الشهداء الذين سقطوا عبر عقود من الزمن في مواجهة مغتصبي الأرض ومدنّسي القدس الشريف! وربما لم يدرك الشباب المغرر بهم من قبل أنظمتهم، بأن كثيراً من الشعوب سبق وسجّلوا مواقف مشرّفة في الاستحقاقات الرياضية، فالدول الغربية قاطعت أولمبياد موسكو (1980) لاعتبارات سياسية، والدول الافريقية قاطعت أولمبياد مونتريال (1976) لاعتبارات عنصرية، فالمحافل الرياضية العالمية فرصة لتسجيل المواقف ولفت الأنظار، من هنا سعت اسرائيل إلى أثبات مشروعيتها عبر مشاركتها في البطولات العالمية، وقريباً سيطالب عرب آسيا بعودة اسرائيل إلى قارة آسيا على صعيد كرة القدم العالمية؟ وفي هذا السياق، نقول للضائعين عن جادة الحق، تاكدوا بأن فلسطين ستبقى قضية الأحرار في العالم، مهما أمعن أعداء الحق من “مستعربين” و”غربيّين” تشويهاً في الصورة الناصعة بكل مفرداتها، ستبقى فلسطين وقدسها الشريف بوصلة القلب وعنوان النضال الصادق بالرغم من كل أكاذيبكم ونفاقكم.
عدّة احداث ومناسبات رياضية حصلت خلال الشهر الجاري، فرضت نفسها لمواجهة هذا المدّ الكاذب من التطبيع العلني، ففي قرية أم خالد التي أصبح أسمها ناتانيا، لعب منتخب شباب الامارات بكرة القدم بمواجهة نظيره الصهيوني فخسر نتيجة وأخلاقاً، وللتذكير مدينة ناتانيا عُمّرت على أرض قرية دمّرت بيوتها بالكامل! والمؤسف أن رئيس الاتحاد الاماراتي لكرة القدم أعرب عن اعتزازه بزيارة المدينة لافتاً بكل صلافة أن المشاركة في الدورة الودية للشباب جاءت ترجمة فعلية لاتفاق التفاهم القائم بين الامارات واسرائيل! ومن جانب آخر، استثمر رجال أعمال اماراتيون في فريق بيتاربرشلايم (اسم لمنظمة صهيونية مناهضة للعرب والمسلمين) وجمهور هذا الفريق مشهود له بشتم وسبّ العرب والمسلمين!
أما في قطر، فقد شهدت “دوحتها” منذ أكثر من أربع سنوات مشاركات فرق صهيونية في أحداث ومسابقات رياضية، على صعيد الأندية والمدارس، ونفس الأمر حصل في مملكتي آل سعود وآل خليفة، فالتطبيع فاضح واضح ولا ضير في التعاطي معه كأمر عادي بالنسبة للقيّمين على تلك البلاد، التي شعّ فيها دين السماحة والهدى! … وحسناً فعل لاعب المنتخب السعودي نواف التمياط عندما شارك في المباراة التي جمعت بين أساطير العرب وأساطير العالم، حيث شوّه العلم الاسرائيلي المطبوع على قميصه، وترفع القبعة للاعبين الجزائريين الذين رفضا المشاركة في المباراة نظراً لتكليف المدرب الاسرائيلي إفرام غرانت بالقيادة الفنية لمنتخب أساطير العالم.
إلى المطبّعين، المهرولين نحو الذل، الضائعين عن سبل الحق، أحبّ أن أذكّركم بما حصل ذات يوم في اسكتلندا منذ عدّة أشهر: أثناء دخول الفريق «الإسرائيلي» «هبوعيل بئر السبع» إلى ستاد «سلتيك بارك» لخوض مباراة مدرجة على جدول الأدوار التمهيديّة لبطولة دوري أبطال أوروبا، قامت الجماهير الوفيّة لفلسطين وشعبها برفع الأعلام الفلسطينيّة من كل القياسات، بالإضافة إلى إبراز عشرات اليافطات الداعمة والمؤيّدة والمؤمنة بعدالة القضيّة المركزيّة لكل أحرار العالم، هتفوا بأعلى أصواتهم «فلسطين حرّة» … ليتبادر إلى أذهاننا السؤال العفوي، لماذا لم نشاهد مثل هذه الوقفات في الدول العربية، والجدير ذكره، أنّ مشجّعي الفريق الأسكتلندي تحدّوا بتشجيعهم وتصرّفاتهم الرائعة كل التحذيرات التي سبق وأعلنها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي حذّرهم من إطلاق أيّ شعارات وهتافات سياسيّة، ومنعهم من رفع أيّ يافطات لا تتلاءم مع مضمون الأحداث الرياضيّة … حذّرهم لأنّ سِجلّهم حافل بوقفات العزّ مع القضايا المحقّة وفلسطين في قاموسهم هي الحق المطلق فيما “اسرائيل شر مطلق”، فإلى جماهير نادي سلتيك، نرفع القبعة احتراماً لتشجيعهم ووقفاتهم المشرّفة … وباسم شرفاء الأمّة العربية نعترف بأنّهم سجّلوا الموقف الذي لا يقدر عليه الكثيرون من العرب. عشتم ودامت همّتكم في نصرة القضايا العادلة، وقضيّة فلسطين عنواناً ساطعاً في كتاب الأوطان والأمم.