سليماني
إذا أخضعت الحاج قاسم سليماني للمعيَرة الغربية في تقييم العبقرية العسكرية فإنهم سيضربون أخماساً بأسداس، الرجل كان قيمةً إنسانية دمثاً في المعشر، ليّناً في العريكة، يتدفّق حناناً وعاطفة، وفوق كلّ ذلك، عاشقاً للشهادة، عاشقاً للنهج الحسيني، ديدنه، إذا كان أمر هذه الأمة لن ينصلح إلا بدمي، فيا سيوف خذيني، ويا رياح ذريني. لقد قرأت بعضاً من آراء العسكريين الغربيين في قاسم سليماني، لعله كان هنالك شبه إجماع بين هؤلاء بأنّ الرجل في مستوى الاستراتيجية العليا كان عبقرياً، وكانوا يستندون في عملية التقييم الى الإنجاز، فما من معركة دخلها سليماني إلّا وخرج منها منتصراً ويده هي العليا، ولكن جانباً آخر غاب عن هؤلاء، وهو أنّ سليماني خرج من بعض المعارك منتصراً دون إراقة قطرة دمٍ واحدة، وهذا هو قمة الإنجاز العسكري لدى فلاسفة الحرب، أما عن ذلك الدفء، وعن تلك الأريحية والعاطفة الجياشة التي كان يعامل بها جنوده فحدث ولا حرج، لقد قدّم سليماني مثالاً صارخاً للقائد ذي الأبعاد المتنوعة، لعلّ أكثر هذه الأبعاد التي لا يستطيع الغرب أن يفهمها وبالذات الأحمق ترامب، هو ذلك البعد الإنساني وتلك النزعة الفطرية للذوبان في تلافيف المستضعفين وللاستعداد المتواصل لبذل الذات في سبيلهم، وفي مقارعة الظلم والظالمين أينما حلّوا، رحم الله الشهيد العظيم، الذي لا تجود الإنسانية بمثله كلّ ألف عام.